علي بن كفيتان بيت سعيد
ورد في الأثر أنَّ الأرض تشتاق لمن تُحب، فما بالك بالناس، هنا في جنوب الوطن للسلطان مكانة خاصة في نفوس الجميع، فكل هذه الجبال والصحاري والوهاد اشتاقت لخطوات سيدها كما تنتظر الأرض الغيث الآتي من السماء ليحييها ويبعث الروح فيها من جديد، نعم اشتقنا لرائحة اللبان الفائح من قصر الحصن العامر بأبوابه المفتوحة، كما اشتاقت الشوارع لموكب جلالة السلطان، لقد كبر الأطفال الذين كانوا ينتظرون السلطان على الشوارع للتلويح بأيديهم البريئة ولكن آخرين ينتظرون قدوم جلالته لأننا هنا نغرس المحبة في كل الأجيال، اشتاقت المدينة للوفود الرسمية وللحركة الدبلوماسية وللمواكب التي تشق طريقها إلى قصر الحصن العامر أو إلى بيت المعمورة. السماء الزرقاء الصافية، وسحبها الناصعة البياض تنتظر الطائرة العمودية التي تقل جلالتكم والتي يعرفها الجميع فأين ما ولت تجلب معها الخير للبلاد والعباد، بحر العرب لا زال ينتظر فلك السلامة التي تمخر عبابه الهائج لتروض أمواجه وتهدئي من روع المحيط الهندي، وسكان جزر الحلانيات واقفون على سواحل جزيرتهم ينتظرون زيارتكم التي تعودوا عليها منذ سبعينات القرن الماضي الجميع يعدون أنفسهم بأن يحولوا الأرصفة السوداء إلى حمراء عندما ينحرون الأنعام لسلامة عودتكم وشفائكم بإذن الله ... نعم كل شيء اشتاق لكم ويسأل عنكم في ظفار مولاي .....
لقد تجملت المدينة ولبست ثوب الحداثة وتفتحت الزهور على الشوارع العامة وبات البساط الأخضر وحفيف نخيل النارجيل هي السمة السائدة لأرض الأصالة والمجد، بات هنا مطار دولي جديد تهدر فيه أصوات الطائرات القادمة والمغادرة إلى وجهات مختلفة دون توقف، وميناء يعد من أكبر موانئ الحاويات في العالم يعمل فيه آلاف الكوادر العمانية الطامحة لغد أفضل، شيدت محطات للطاقة وأخرى لتحلية المياه، ومنطقة حرة تحتضن ميناء صلالة وتتطلع لاستكمال مرافقها عمَّا قريب.
استوقفني راعٍ في أواخر العقد الخامس من العمر، فأخذته معي إلى وجهته ظل صامتا ولم ينطق بكلمة وقبل أن يؤشر لي لاقف عند إحدى التقاطعات حيث قريته، سألته عن هذا الصمت فقال لي على هذا الطريق قبل عقدين وكعادتي كنت واقفاً انتظر من يقلني إلى بيتي فمرَّت سيارات كثيرة وفجأة وقفت لي سيارة أمامها سيارات عسكرية وخلفها موكب كبير فإذا به السلطان، سألني إلى أين تريد الذهاب قلت له إلى داري قال اركب، فسألته هل أنت السلطان قال نعم فتوترت قليلاً واعتذرت له عن تعطيل الموكب، هوَّن عليّ جلالته الأمر وكان يبتسم ويسألني عن حالي وعن الناس فأجبته بصدق وقلت له إننا نحبك ولا نريد شيئاً أفضل من سلامتك وحسك في هذه الدنيا، وقف الموكب على مشارف قريتي وأكرمني السلطان وودعني بكلمات لن أنساها طوال عمري، ومنذ ذلك التاريخ وأنا لا زلت أتأمل أن أرى موكب جلالته على هذا الطريق سوف أكون سعيدًا لو حصل ذلك قبل أن أودع هذه الدنيا لأنَّ جلالته أحبنا بصدق وعمل من أجلنا وندعو له ليل نهار أن يمنحه الله الصحة العافية وأن يعود إلى ظفار مجدداً سالماً معافى بإذن الله تعالى.
أحد أبناء الريف قال: عندما يأتي جلالة السلطان بالسلامة ستعود الهبايب إلى قصر الحصن العامر وسيطل علينا من شرفته كالعادة، سيلبس الجميع لبسه التقليدي من أبناء الريف والبادية والمدن وسوف يحيون يوما عظيما مفعما بالوطنية والإخلاص لجلالته، ستأتي جموع النساء والأطفال وسيصطفون في ظل قصر الحصن العامر لمشاهدة الهبايب، سترتفع زغاريد النساء عالياً، وسيبدع الشعراء وستلمع السيوف في أيادي الرجال مع دنو شمس الأصيل، سنستمتع بعد ذلك بالموسيقى العسكرية التي تعزف ألحاناً لأغانٍ حماسية لا تبارح عقولنا إنها أغاني مسلم علي عبد الكريم،، سيكون المشهد عظيماً وسنتذكر الأيام التي خلت مع باني عمان -حفظه الله وعافاه-.
نعم اشتاقت ظفار بناسها وترابها وهوائها ومائها لكم يا جلالة السلطان، حيث ينام الجميع على أمل سماع خبر وصولكم، لأنهم يرغبون بالاطمئنان على جلالتكم، وجميعهم مؤمنون بأنَّ ظفار التي تكرمت بأن تكون مسقط رأسكم وشهدت انبلاج الفجر الأول للنهضة العمانية بقيادتكم، ستكون هي محطة الصحة والسلامة والعافية لجلالتكم إن شاء الله تعالى.
حفظ الله مولانا جلالة السلطان وأدام عليه الصحة والعافية والعمر المديد
alikafetan@gmail.com