دماء في قلب مانشستر خلال هجوم انتحاري لـ"داعش" على حفل غنائي.. وإدانات دولية لـ"العملية الخسيسة"

مانشستر (إنجلترا) - الوكالات

لقَيِ 22 شخصًا على الأقل -بينهم أطفال- حتفهم، وأصيب 59، عندما هاجمَ انتحاري حفلا يحضره الآلاف للمغنية الأمريكية أريانا جراندي، بمدينة مانشستر في شمال إنجلترا، ليل أمس الأول الإثنين، فيما نَشَر تنظيم داعش بياناً -على تطبيق تليجرام- يُعلِن فيه مسؤوليته عن الهجوم، قائلا إنه تم بتفجير عبوات ناسفة.

وجاء في البيان: "تمكَّن أحد جنود الخلافة من وَضْع عبوات ناسفة وسط تجمعات للصليبيين في مدينة مانشستر البريطانية". ووَصَفَت رئيسة الوزراء تيريزا ماي الهجوم بأنه "إرهابي مروع"، مضيفة أنَّ السلطات تتعامل مع الحادث باعتباره "هجوما إرهابيا". وإذا تأكَّد ذلك، فسيكون أكثر هجمات المتشددين فتكاً في بريطانيا منذ أن قَتَل أربعة مسلمين بريطانيين 52 شخصا في تفجيرات انتحارية استهدفت شبكات النقل في لندن في يوليو 2005. وقالتْ الشرطة إنَّ المهاجمَ لقي حتفه بعد أن فجر العبوة الناسفة، في قاعة مانشستر أرينا للحفلات التي تتسع لنحو 21 ألف شخص. وأضافت أنَّ بَيْن القتلى أطفالا. وقال قائد شرطة مانشستر إيان هوبكينز: "نعتقد في هذه المرحلة أن الهجوم نفَّذه رجل واحد". وأضاف: "نعطي الأولوية لمعرفة ما إذا كان تصرَّف بمفرده أم ضمن شبكة... يمكنني أن أؤكد أن المهاجم لقي حتفه في قاعة مانشستر أرينا للاحتفالات. نعتقد أنَّ المهاجم كان يحمل عبوة ناسفة فجرها ليتسبب في هذا العمل الوحشي". وقالت شاهدة كانت تحضر الحفل إن انفجارا كبيرا وقع أثناء مغادرتها قاعة الاحتفالات ثم سمعت صرخات وكان الآلاف يركضون في محاولة للهرب من القاعة. وأظهر فيديو نشر على تويتر أفرادا من الجمهور يصرخون ويركضون خارجين في المكان. وبحث عشرات الآباء عن أبنائهم في ذعر ونشروا صورا لهم على مواقع التواصل الاجتماعي سعيا للحصول على معلومات عنهم. وقالت كاثرين ماكفارلين التي كانت تحضر الحفل لرويترز: "كنا نستعد للمغادرة، وعند وصولنا للباب وقع انفجار هائل والجميع كان يصرخ". وأضافت: "كان انفجارا هائلا... كان الوضع فوضويا. الجميع كان يجري ويصرخ ويحاول الخروج". وقالت أريانا جراندي (23 عاما) على تويتر في وقت لاحق: "محطمة. آسفة جدا جدا من صميم قلبي. ولا أجد كلمات".

وعبرت ماي -التي تواجه انتخابات خلال أقل من ثلاثة أسابيع- عن تعازيها لأسر الضحايا. واتفقت مع جيريمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض على تعليق حملة انتخابات الثامن من يونيو. وقالت في بيان: "نعمل من أجل التعرف على التفاصيل الكاملة للحادث الذي تتعامل معه الشرطة باعتباره هجوما إرهابيا مروعا".

وقالت وسائل الإعلام الصينية إن الرئيس الصيني شي جين بينج بعث بتعازيه للملكة إليزابيث ملكة بريطانيا.

وقال مسؤولان أمريكيان طلبا عدم الكشف عن اسميهما إن الدلائل الأولية تشير إلى أن مهاجما انتحاريا نفذ التفجير. وقال مسؤول أمريكي من سلطات مكافحة الإرهاب -طالبا أيضا عدم الكشف عن اسمه- "اختيار الموقع والتوقيت وطريقة الهجوم كلها أمور تشير إلى أنه عمل إرهابي".

وتأهَّبت شرطة بريطانيا خشية وقوع المزيد من الهجمات. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن الشرطة أغلقت محطة فيكتوريا كوتش والشوارع المحيطة بها يوم الثلاثاء بعد العثور على عبوة مريبة. لكن أعيد فتح المحطة والطرق حولها بعدما تبين سلامة العبوة.

ومانشستر أرينا هي أكبر قاعة احتفالات مغلقة في أوروبا وافتتحت في 1995 وتستضيف حفلات موسيقية وأحداثا رياضية. وقالت الشرطة البريطانية إنها ألقت القبض على شاب في الثالثة والعشرين من عمره فيما يتصل بالهجوم.

وأبْدَت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا تعاطفها البالغ مع كل من تضرروا من هجوم مانشستر الانتحاري. وقالت الملكة في بيان: "الأمة بأكملها مصدومة لمقتل وإصابة كثيرين، من الكبار والصغار، في مانشستر كل فعلتهم أنهم كانوا يستمتعون بحفل موسيقي". وأضافت: "أعلم أنني أتحدث باسم الجميع عندما أعبر تعاطفي البالغ مع كل من تأثروا بهذه الواقعة المروعة، خاصة أسر القتلى والجرحى وأصدقائهم".

واستنكرتْ إيران الهجوم الانتحاري، لكنها قالت: "إن التحالفات المصطنعة" لا تقضي على مثل هذه التهديدات. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قوله: "لا يمكن اجتثاث الإرهاب إلا باتخاذ إجراءات شاملة وتجنب المعايير المزدوجة". وأضاف: "التحالفات المصطنعة لن توقف انتشار الإرهاب السرطاني في العالم".

وعبر قادة أوروبا عن دعمهم لبريطانيا وتعاطفهم معها في أعقاب التفجير الانتحاري. وكتب إيمانويل ماكرون الرئيس الجديد لفرنسا في تغريدة على حسابه على تويتر: "تعاطفي مع الشعب البريطاني والضحايا وأحبائهم". وأضاف: "نحن نحارب الإرهاب معا".

وقال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- "يكسر قلبي التفكير بأن الإرهاب سعى من جديد لبث الخوف؛ حيث يجب أن يكون هناك فرح ونشر الفرقة حيث يجب على الشباب والعائلات أن يجتمعوا للاحتفال". وأضاف في بيان: "اليوم نحن في حداد معكم. غدا سنعمل معكم جنبا إلى جنب لصد هجمات من يسعون لتدمير أسلوب حياتنا". وتابع: "هذه الهجمات الجبانة ستعزز فقط التزامنا بالعمل معا لهزيمة منفذي مثل هذه الأعمال الدنيئة".

وقال البريطاني جوليان كينج مفوِّض الأمن في الاتحاد الأوروبي -في تغريدة على تويتر- "اليوم، نعبر عن تضامننا الكامل مع ضحايا هجوم مانشستر الرهيب الإرهابي". وتمَّ تنكيس أعلام الدول الأوروبية على المقر الرئيسي للاتحاد في بروكسل. وقال ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في محادثات خروج بريطانيا من التكتل: إن "الدعم (سيُقدم) لحكومة بريطانيا في الحرب على الإرهاب". ويقود بارنييه الشهر المقبل، بعد الانتخابات العامة في بريطانيا في الثامن من يونيو حزيران، مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المنتخبة.

كما عبر قادة آخرون عن تضامنهم مع لندن بينهم رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل الذي تعرضت عاصمة بلاده لهجوم إرهابي في مارس من العام الماضي قتل فيه 32 شخصا.

وأبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل صدمتها وحزنها بعد الهجوم، ووعدت بقتال من يرتكبون مثل هذه الأفعال. وقالت: "هذا الهجوم الذي يشتبه أنه إرهابي لن يزيدنا إلا عزما على مواصلة العمل مع أصدقائنا البريطانيين ضد الذين يخططون وينفذون مثل هذه الأعمال غير الإنسانية". وتابعت: "أطمئن الشعب البريطاني: ألمانيا تقف بجانبك".

واتفقت الأحزب السياسية في بريطانيا على تعليق الحملات الانتخابية حتى إشعار آخر في أعقاب الانفجار.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة