بلدية ظفار تعمل بصمت

علي بن كفيتان بيت سعيد

طفت إلى السطح مؤخرا لغة الانتقاد والتشاؤم المفرط، مما أدى إلى نزعة بعدم الثقة في المؤسسات العامة، بل واصبح الكثير يتفنن اصطياد الهفوات الصغيرة والترويج لها عبر الفضاء الإعلامي المفتوح، نعم ما دام هناك عمل فهناك أخطاء يجب الالتفات لها ومعالجتها، لكن الكفر بكل مقومات النجاح يعتبر جريمة لا يغفرها أحد ولا يرضى عنها الله سبحانه وتعالى، إنّ معظم النجاحات تأتي عبر منح الثقة وليس عن طريق زرع الشك والصراخ الذي يؤذي الوطن، فعمان مستقرة وآمنة، وسلطانها بخير وعافية، وشعبها وفي، وأرضها حبلى بالخير والموارد الكفيلة بالحفاظ على العيش الكريم.

كتبت قبل عام ونيف مقال بعنوان (نرفع القبعة لعمدة المدينة) قاصداً سعادة الشيخ رئيس بلدية ظفار وفريق عمله الذي يعمل بصمت دون كلل أو ملل بالرغم من كل الأحجار التي تلقى على ذلك الصرح الذي يخدم المحافظة قرابة الخمسة عقود الماضية. واجهت في حينها سيلا من الاتصالات والانتقادات بل واتهمت بأنني أحابي البلدية ورئيسها، وفي ذات الوقت كان هناك من فهم مغزى المقال في ظل وجود انتقادات سطحية لا ترقى لمستوى التذمر من كل شيء، ثم أوفت البلدية بوعودها كاملة التي أتت على لسان رئيسها آنذاك، فتم افتتاح جسرين علويين على أمل أن يتم استكمال بقية الحزمة بإنشاء الجسور المتبقية على شارع الرباط، وتمّت إضافة جسور ومخارج ودوارات أخرى لتسهيل الحركة السياحية المتوقعة، ويتم رصف معظم الطرق الداخلية للمدينة، واستحداث ميادين عامة، وممرات للمشاة، وتشجير  الشوارع الرئيسية. وجهد جبار للحفاظ على النظافة العامة.

لا شك أننا نطمح للمزيد ولكننا نرى أن البلدية تعمل بكامل طاقتها وفق المتاح لها مالياً وفق ما هو معلن، فالمطالبة بحديقة طبيعية تكون كمتنزه عام على غرار حديقة القرم الطبيعية في مسقط لا زال قائما ونتوقع أن يرى النور قريبا في ظل وجود المكان الملائم (خور عوقد) ونحن على ثقة بتعاون وزارة البيئة والشؤون المناخية لتحقيق هذا الحلم؛ مع الحفاظ على بيئة المكان ومقوماته الطبيعية، كما نأمل أن يكون ذلك إحدى ثمرات المجلس البلدي الحالي في دورته الثانية التي تحوى كوكبة من المهنيين، ووجهاء المجتمع المتوقع منهم كل جديد وتغيير الصورة النمطية للدورة الأولى للمجلس.

إنّ فوز بلدية ظفار بجائزتين متتاليتين الأولى من القاهرة والثانية في الدوحة قبل عدة أيام لم يكن مجاملة أو صدفة ويعطي مؤشراً ايجابياً وصادقاً للجهود المبذولة على أرض الواقع، يعلم من يطلع على الأرقام ويعيها بأن موازنة البلدية قليلة مقارنة بنطاقها الجغرافي الكبير، والضغوط السياحية التي تتطلب التجديد المستمر في الخدمات المقدمة لآلاف الزوار أثناء موسم الخريف سنوياً في ظل عزوف وزارة السياحة عن تقديم شيء يذكر للمحافظة باستثناء التخطيط للمنتجعات التي تستحوذ على الشواطئ، ومنحها للمستثمرين الأجانب دون مردود تحت غطاء شراكة عمانية صورية، ولعله من الملفت قيام تلك المنتجعات بالتهام جميع السواح الأوربيين خارج موسم الخريف في ظل اتفاق مبطن بين الشركات السياحية وتلك المنتجعات، وأصبحت استفادة المواطن تساوي صفرا من تلك الجروبات السياحية التي يوفر لهم المنتجع كل شيء؛ حتى النقل الذي كان سابقا يستفيد منه عدد من المواطنين الذين اقترضوا لشراء سيارات دفع رباعي ومخيّمات للرحلات الخلوية.

على هامش هذه الإنجازات لبلدية ظفار استضاف التلفزيون في برنامجه رؤية اقتصادية الأسبوع الماضي مدير دائرة الاستثمار بالبلدية، والذي كشف لنا عن الانتهاء من الإعداد لطرح مناقصة سوق الخضروات والفواكه بالسعادة بحلول يوليو المقبل والبدء بالتنفيذ خلال هذا العام إن شاء الله، والتجهيز لتخصيص موقع لسيّارات النقل البري وسيارات الأجرة، والنية لتخصيص أرض لمستشفى مرجعي خاص في ظل تراجع مستوى الخدمات الصحيّة المقدمة من المستشفى الحكومي الوحيد بالمحافظة. كل هذا يعطي الثقة بأن الأمور تمضي في الاتجاه الصحيح مع وجود بعض الهفوات التي يجب ألا نضع عليها المجهر ونتناسى الحجم الأكبر للإنجازات؛ مع المطالبة بالمزيد، فمدينة صلالة هي العاصمة السياحية لعمان وهي حاضرة الجنوب التي تستوجب من الجميع التكاتف لجعلها جوهرة المدن العمانية في ظل القيادة الحكيمة لمولانا جلاله السلطان - حفظه الله ورعاه-   

حفظ الله مولانا جلالة السلطان وأدام عليه الصحة والعافية والعمر المديد.

علي بن كفيتان بيت سعيد