ليبيا من الدولة إلى دويلات الميليشيات

د. يحيى أبو زكريا

بدأت اللعبة الدولية تتكشف في ليبيا مع شروع الإرادات الغربية في التصريح عن مخططاتها القاضية بإبقاء الوضع الاستنزافي على ما هو عليه، وتقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، ومن جهة أخرى تتعرض ليبيا في الراهن إلى أكبر اجتياح من قبل الجماعات المُسلحة التي حطمت الرقم القياسي من حيث تعدادها ومشاربها الفكرية. وحلف الناتو ومعه الكتلة الغربية والعربية المدعومة بفتاوى بعض العلماء أسقط الدولة الوطنية الليبية وهيأ أسباب التقاتل بين بنيها في جغرافيّتها، وأبقاها عامل توتير للمنطقة المغاربية ولكي تكون معبرا للأسلحة والمتطرفين إلى الجزائر وتونس ومصر والجوار الإفريقي.. ومن الدولة الوطنية التي أسقطت ودُكدِكَت إلى دويلات الميليشيات أصبح مستقبل ليبيا معلقا بأيدي جماعات متطرفة يصعب إحصاؤها بالكامل ولكل جماعة ارتباطاتها الاستخباراتية الإقليمية والدولية.

ويسيطر تنظيم القاعدة على عدد كبير من الفصائل والجماعات المسلحة في ليبيا والتي من أبرزها: - جماعة "تحكيم الدين" وهي جماعة إرهابية محسوبة على تنظيم القاعدة، و"مجلس شورى الشباب" وهو على صلة بتنظيم القاعدة واللواء السابع عشر من فبراير وهو على صلة بالقاعدة وهناك تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وجماعة الموقعين بالدم وتنظيم "أنصار الشريعة" والذي تأسس في شهر أبريل من عام 2012. هذه جماعات القاعدة أمّا جماعات داعش فتتمثل في مجاهدي ليبيا وهي من الجماعات المسلحة العابرة للحدود، وتتمركز في منطقة الصحراء الليبية الجنوبية، وأهم مدنها الكفرة في الجنوب الشرقي، وسبها وغات في الجنوب الغربي وتنظيم جند الخلافة الذي يتركز في الجزائر بالأساس ولكنه يشكل محور دعم لدواعش ليبيا، وقد بايع زعيم داعش البغدادي.

وهناك الجماعات السلفية التي يقدر عددها بالآلاف وتنتشر في غرب طرابلس وضواحيها، الزاوية، ومصراته والخمس وزليطن. ويضاف إلى هذه الجماعات بقية الكتائب الثورية بين قوسين طبعا كدرع ليبيا وكتائب الزنتان وكتيبة ثوار طرابلس وقوات فجر ليبيا، وميليشيات تتبع قيادات موزعة على الخارطة الليبية. لقد أصبح صوت السلاح والقتل والتفجيرات والفوضى و"الميليشيات" المشرعنة في ليبيا أقوى من الدولة المفقودة في ليبيا والتي أسقطت تحت شعار نشر الحرية والدمقرطة، والأصح نشر الفوضى العارمة.

وللإشارة فإن عدة جماعات أعلنت مبايعتها لداعش وكانت درنة أول "إمارة" للإرهابيين، فهي المدينة التي ذهب عدد من شبانها إبّان حكم معمر القذافي إلى أفغانستان والعراق للقتال تحت لواء الجماعات المتشددة.

وقد كشف برنار هنري ليفي في كتابه "الحرب بدون أن نحبها أن فرنسا قدمت بشكل مباشر أو غير مباشر كميّات كبيرة من الأسلحة إلى الثوار الليبيين الذين كانوا يقاتلون للإطاحة بالعقيد القذافي.