وقفة عربية مع الأسرى الفلسطينيين

 

د. يحيى أبو زكريا

عِنْدَما تعلَّق الأمر بتفجير الأمن القومي العربي ونشر الفتنة الكبرى في العالم العربي والإسلامي، وإراقة دماء مئات الآلاف، وتكريس الطائفية والمذهبية والإقصائية، واستجلاب حلف الناتو إلى جغرافيا العرب والمسلمين، استنفر كثيرٌ من العلماء والفقهاء والدعاة والمشايخ والمراكز والفضائيات والمؤسسات الدينية التي تبارتْ وتنافستْ في إصدار الفتوى تلو الفتوى والحكم الشرعي تلو الحكم الشرعي، والبيان تلو البيان والموعظة تلو الموعظة والتصريح تلو التصريح، والتي فجَّرتْ كلها الأمن العربي الذي أصبح مستباحا في سابقة هي الأخطر والأحرج في الراهن العربي.

وكثيراً ما كانت الفتاوى هي الطلقة الأولى التي تَسْبِق تحرُّكات الناتو في جغرافيتنا المستباحة، ولطالما قتلت فتاوى التضليل والتكفير والتفجير الأبرياء والمدنيين، ودمَّرت كل البُنى الأساسية في معظم الأقطار العربية التي كان لها مَوْقف من الكيان العبري، وعندما دقَّت ساعة فلسطين، فلسطين الأسيرة -فلسطين المحتلة للتذكير- فلسطين التي يجثم على قلبها الطاهر أعتى احتلال عرفه تاريخ البشر للتذكير، وعندما أعلن أنبل بني البشر الأسرى الفلسطينيون عن الإضراب العام والصوم العام قبل موعده؛ حيث رمضان على الأبواب، وقرَّروا الإضراب عن الطعام تزامنا مع ذكرى الإسراء والمعراج؛ حيث نَقَل الله تعالى رسوله بجسده من مكة إلى بيت المقدس ، ثم عرج به إلى السموات العُلا، ثم عاد به إلى بيت المقدس، ثم أخيرًا إلى مكة، سكت العلماء وسكتت الفضائيات التي تهلل للدم العربي المراق باسم الجهاد المزوّر والإٍسلام المخطوف وفتاوى الدجل المغلفة بجلباب إبليس، ألا يستحق هؤلاء الأسرى وقفةَ دعم وفتاوى إسناد وأحكام شرعية تعضد جهادهم المقدس، وهم الذين قدَّموا الغالي والنفيس من أجل مَسْرَى النبي محمد وبيت المقدس نياية عن كل المسلمين في خط طنجة-جاكرتا، هل سقط القناع عن القناع، وانكشفتْ حقيقة الفقهاء المفجِّرين للأمن القومي العربي؟ متى يَصْرُخ علماء الإسلام لله، وينتصرون لأصحاب الامعاء الخاوية؟

سقط القناع عن القناع، عن القناع سقط القناع، قد أخسر الدنيا نعم، لكني أقول الآن لا...

سقط القناع عن فقهاء الدم الذين دمَّروا الأوطان العربية، وتناسوا فلسطين...

سقط القناع عن الإعلام العربي التضليلي الذي حرَّض على التقاتل العربي، ونسي فلسطين...

سقط القناع عن التجمُّعات الفقهية التي هلَّلت لحروب الأخوة، وسكتت عن فلسطين...

سقط القناع عن العلماء الذين كفَّروا الحُكَّام العربي، ولم ينبسوا ببنت شفة ضد زعيم الإرهاب بنيامين نتنياهو...

سقط القناع عن القناع، حاصر حصارك بالجنون، وبالجنون ذهب الذين تُحبهم.. ذهبوا فإما أن تكون أو لا.. لا تكون حاصرَ حصارك لا مفر، اضرب عدوك لا مفر...