التعليم وسوق العمل

 

 

في ظل التغيّرات الاقتصاديّة التي يشهدها العالم، واللهاث خلف التطوّرات التقنية الهائلة، تتبدل ملامح سوق العمل ومتطلباته التي لم تعد تقليدية كما كان في السابق، بل صارت تشبه ما يجري حولها، ولهذا تصبح الحاجة إلى تغيير مفاهيم إعداد الكوادر والخريجين مُلحة ولا تحتمل التأجيل.

لذلك تأتي فعالية "ربط مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان بالقطاعين العام والخاص"، التي تنظمها جامعة السلطان قابوس، استنادًا إلى الإدراك الواعي بمتطلبات المرحلة المقبلة، وأهميّة تضافر الجهود بين المؤسسات التعليميّة المُختلفة ومؤسسات القطاعين العام والخاص، وهو ما سيكون له مردود إيجابي على سوق العمل ومختلف القطاعات الاقتصادية بوجه عام.

ففي ظل هذه التطورات والأزمات الاقتصادية التي تشهدها دول كثيرة حول العالم، تتنامى تحديات التشغيل والنمو وتنويع مصادر الدخل، ما يستدعي الحاجة إلى تكاتف القطاعات التعليميّة والاقتصادية من أجل تكامل الجهود للوصول إلى تنمية مستدامة واقتصاد قوي قائم على قواعد علميّة راسخة، وعلى الابتكار والأفكار الجديدة الخلاقة. إذ أنّ التعليم قبل كل شيء استثمار لا يقل أهميّة عن الاستثمار الرأسمالي، بل ربما يفوقه، خاصة مع التقدم التقني الذي يشهده العالم والذي يحتاج إلى مهارات للتعامل مع مفردات هذا التقدم. لهذا يجب أن تدفع المؤسسات التعليميّة بخريجين يمتلكون فرصًا حقيقية للحاق بسوق العمل وليس ليكونوا طاقات معطلة غير قادرة على مواكبة الركب الحضاري.

إنّ مختلف القطاعات التعليمية تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية توفير كوادر ماهرة ومدرّبة قادرة على الاستمرار بنجاح في الحياة العملية والوفاء بشروط العمل، من خلال تنمية هذه الكوادر وتدريبها مع احتياجات السوق المتغير ومتطلباته بشكل يعزز رسالة قطاعات التعليم، ويعظم مخرجاته من خلال رفع قدرته على مواجهة التغييرات التي تطرأ على سوق العمل ولا سيما قبل حدوثه.

وتمثل المهارات المعرفية العلمية أداة ووسيلة يمكن من خلالها تحسين المستوى الاقتصادي للفرد والمجتمع على السواء، وهو ما سيعود بالنفع على حركة النمو الاقتصادي، الناتج عن ارتفاع المستوى التعليمي، ما يؤدي إلى صعود متوازٍ لمهارات الباحثين عن عمل ومواكبتها لحاجة سوق العمل.

ويبقى القول، إنّ مواكبة متغيّرات سوق العمل ضرورة حتميّة لا مناص منها، وعلى مختلف الجهات المعنية أن تسعى جاهدة لإعادة ترتيب أوراقها بما يضمن تخريج أجيال جديدة تمسك بزمام المستقبل لتقود بلادنا نحو مرافئ التقدم والرقي.

تعليق عبر الفيس بوك