في محاضرة عن اللوجيستيات والتنويع الاقتصادي ضمن احتفال "التعلم الذاتي" بيوم الجامعة

الفطيسي: السلطنة تزخر بمقومات لوجيستية فريدة.. وغياب "البنية الأساسية الناعمة" التحدي الأكبر

...
...
...
...
  • الهنائية: المركز استحدث العديد من الخدمات لتنمية مهارات طلبة الجامعة
  • تدشين منصة العلوم اللوجستية بالتعاون مع "الاقتصاد والعلوم السياسية" و"الهندسة" و"الآداب"

الرؤية – نجلاء عبدالعال

تصوير/ راشد الكندي

قدَّم معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات محاضرة متميزة، خلال رعايته احتفال مركز التعلم الذاتي في جامعة السلطان قابوس بمناسبة يوم الجامعة في نسخته السابعة عشرة، والذي عقد بمدرج الفهم في مركز الجامعة الثقافي. وحملت المحاضرة عنوان "القطاع اللوجستي وبوصلة التنويع الاقتصادي في السلطنة"، وتضمن احتفال مركز التعليم الذاتي إطلاق منصة العلوم اللوجيستية بمركز التعليم الذاتي بالتعاون مع عدد من الكليات، إلى جانب محاضرة قدمها عبد الرحمن بن سالم الحاتمي الرئيس التنفيذي للمجموعة العمانية العالمية للوجستيات عن دور المجموعة في تنمية القطاع، وجلسة حوارية بمشاركة مسؤولين في عدد من شركات القطاع اللوجيستي.

واشتملت محاضرة الدكتور الفطيسي على 3 محاور أساسية بعناوين: المعطيات الاقتصادية ومقومات السلطنة، والرؤية الحكومية لقيادة القطاع وملامح عمل الوزارة، وأنتم مستقبل القطاع. وتضمنت المحاضرة عددا من الصور والرسومات البيانية التوضيحية بالنسبة للمعطيات الاقتصادية المحلية والعالمية، وأوضح معاليه من خلالها مدى ارتباط اقتصاد عمان بالنفط بشكل كبير لأنه من المعروف لدى الجميع أن النفط سينضب مع مرور السنوات وهناك مشكلة أعمق وهي سعر النفط المتذبذب والذي يقرأ تاريخ أسعار النفط عالميا وعبر السنوات المائة الماضية فإنّه سيلاحظ أنَّ الأسعار المنخفضة هي السائدة.

وحول المعطيات العالمية، أكد معالي الدكتور الفطيسي أهمية النظر بعيداً جداً إلى الآفاق الاقتصادية العالمية على المدى البعيد وليس الآني مع تشديد معاليه على وجوب إسراع السلطنة من الآن في تفعيل خطط التنويع الاقتصادي، وانتقل إلى وضع الاقتصاد العالمي موضحا أن المؤشرات تؤكد تضاعف حجم الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، وهو ما يفوق بكثير النمو السكاني.

وقال معاليه: يجب صياغة استراتيجيات تتواءم مع هذه التغيرات، مع الأخذ في الاعتبار التغيرات في أوزان وأماكن القوة الاقتصادية في العالم مستقبلا، حيث تؤكد التوقعات أن الأسواق الناشئة ستكون هي محرك النمو الاقتصادي العالمي وسوف تهيمن على أكبر 10 مراكز في اقتصادات في العالم في عام 2050، كما توقعت الدراسات العالمية أن فيتنام والهند وبنجلاديش ستكون من أسرع الاقتصادات نموا في العالم خلال الفترة من الآن إلى 2040. مشيرا إلى أهمية البحث عن آليات دخول السلطنة إلى هذه الأسواق، لتحقيق الاستفادة من إمكانات النمو هذه، وأضاف أنه يتعين على حكومات الأسواق الصاعدة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحسين استقرار الاقتصاد الكلي وتنويع اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد غير المبرر على الموارد الطبيعية.

وتطرق معالي الدكتور الفطيسي إلى أهمية تاريخ وجغرافيا السلطنة وموقعها كمركز للتجارة وفي تميزها اللوجيستي، وذكر تحتل السلطنة موقعاً مركزياً وتقرب بمعدل يومين عن أي مكان آخر داخل مضيق هرمز. كما تقع السلطنة على طرق الملاحة الدولية الرئيسية وتبعد بحدود أسبوعين من الموانئ الرئيسية. وكذلك تقع على الطرق التجارية المباشرة إلى السوق الخليجي النامي وأسواق الهند وأفريقيا، وأيضا تمتلك بنية أساسية وبيئة عمل حديثة تؤهلها كمركز تجاري نشط، وتمتلك ثلاثة موانئ عميقة وخمسة مطارات وشبكة طرق تم إنشاؤها بمعايير عالمية إلى جانب امتلاكها القدرة على المنافسة لما تملك من الموارد الطبيعية والطاقة والدعم المالي والموارد البشرية، وكذلك تطرق في محاضرته إلى أن المقومات الجيوسياسية في دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة عززت مكانتها الإقتصادية لتحتل المرتبة الـ 13 كأكبر إقتصاد في العالم والخامس كأكبر دول مصدرة وهناك أكثر من 1.2 تريليون دولار أمريكي إجمالي التجارة بين إقتصاد دول الخليج  مع بقية دول العالم، وأكثر من 100 مليار دولار أمريكي تدفقات التجارة  بدول المجلس التعاون الخليجي، هذا بالإضافة إلى العديد من الاتفاقيات التي تيسر حركة التجارة بين السلطنة وغالبية الوجهات.

وبعد ذكر تفاصيل مقومات تفوق السلطنة، طرح تساؤلات يطرحها عادة المواطن العماني، ومنها: أين يكمن الخلل طالما نمتلك كل تلك المقومات؟ وكيف يمكن توجيه البوصلة لخدمة الاقتصاد؟ ولماذا لم نصل إلى ما وصل إليه الآخرون؟ وقدم معاليه جانبا من الإجابة بقوله إن السرعة والتكلفة هما ما يحدد مسار حركة التجارة في العالم، ولذلك لابد من توظيف أصولنا بالشكل الذي يجعلنا نستحوذ على حصة مرموقة من حركة التجارة، ووفقا لبيانات وبحوث واستطلاعات تبين أن سرعة توصيل البضائع وكفاءة التكلفة ترتبط بـ"عوامل داعمة" أو ما يسمى بـ"البنية الناعمة" والتي تشمل: سرعة تخليص البضائع في الممرات الحدودية (تسهيل التجارة)، والقوانين والإجراءات التي إما تكون جاذبة للأعمال والاستثمارات ومسهلة لأدائها أو تكون معرقلة وبالتالي تنفر المستثمرين، وكذلك تشمل هذه البنية الناعمة تبني التقنية واستخدام الحلول المبتكرة بما يجعل تقديم الخدمة أكثر سرعة ودقة، مع وجود قوى عاملة ذات كفاءة عالية.

وقال معالي الدكتور أحمد الفطيسي: نريد أن نحول القطاع اللوجيستي من داعم للقطاعات الأخرى إلى شريان للاقتصاد الوطني، وأكد أن أول خطوة هي بناء القطاع على أسس وأهداف استراتيجية، وقال إن الرأي العام قد يطرح سؤالا عن تجهيز مطار مسقط وموعد افتتاح طريق الباطنة السريع وطريق بدبد صور، لكن لا أحد يسأل عن استراتيجية اللوجستيات والنقل العام، فعندما ننشغل بالمشاريع علينا أن لا ننسى الاستراتيجيات، وقد خرجنا باستراتيجية وطنية مكتوبة عرضت على مجلس الوزراء وتمتد للعام 2040م وبعدها تأتي مسألة التنفيذ، ولكن إن لم نجد المنفذ الجيد للاستراتيجية فهذا خطر أيضًا لأن الإحصائيات تشير إلى أن 90% من الاستراتيجيات تفشل إذا لم تجد المنفذ المناسب لها.

وأوضح أنه في سبيل التفكير في آلية قوية للتنفيذ تأسس مركز عمان للوجستيات، وتم رفده بمجموعة من الشباب بعضهم من مخرجات جامعة السلطان قابوس، وتبنى هذا المركز آليات عمل برنامج تنفيذ بحيث يترجم الأهداف الكبرى وطويلة الأمد إلى خطط على أرض الواقع وبمؤشرات قياس أداء تمكنها من البحث عن مواطن الضعف خلال التنفيذ لتدارك أسبابها أولا بأول، كما تناولت المحاضرة دور التقنية وأهميتها وتأثيرها على القطاع.

وفي ختام المحاضرة تحدث معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات إلى طلاب الجامعة، مؤكدا أنهم مجهزون لقيادة مستقبل القطاع اللوجيستي وقال: كونوا مستعدين لبناء مستقبل عُمان وكونوا ذوو أفق بعيد في صياغة خططكم، وانظروا إلى ما وراء المستقبل، وأوجدوا خططا واضحة للتنفيذ، مشيرا إلى أن القطاع اللوجيستي يفتح آفاقاً واسعة للدخول إلى أسواق العالم، فيجب على الطلاب أن يعملوا على تعزيز قدراتهم البحثية والابتكارية وأن يكونوا رياديين في التفكير وأن يرقوا بأسلوب الإبداع والابتكار وصولاً إلى الواجب الوطني والإحساس بالمسؤولية. أتطلع أن أراكم قيادات وطنية بارزة في القطاع اللوجيستي، فالطموح المصحوب بالعزيمة الصادقة، هو قاطرة النجاح والوصول إلى الأهداف.

وألقت الدكتورة ماجدة بنت طالب الهنائية مديرة مركز التعلم الذاتي كلمة تطرقت فيها إلى جهود المركز في استحداث العديد من الخدمات لطلبة الجامعة مثل المقررات المفتوحة التي تعد أحد ممكنات استدامة العملية التعليمية بالتعليم العالي كما دشن المركز أولى الردهات الأكاديمية في الجامعة والتي من خلالها يوفر الدعم المعرفي الذي يحتاجه بعض طلبة الجامعة في مقرراتهم الدراسية وطرح العديد من المنصات التعليمية.

وشهد الاحتفال تدشين منصة العلوم اللوجستية من خلال التعاون مع عدة جهات مثل المجموعة العمانية العالمية اللوجستية وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ممثلة بتخصص إدارة العمليات وكلية الهندسة ممثلة بتخصص الهندسة الصناعية وأيضا كلية الآداب والعلوم الاجتماعية ممثلة بتخصص السياحة وتخصص الجغرافيا.

 وألقى المهندس عبدالرحمن بن سالم الحاتمي الرئيس التنفيذي للمجموعة العمانية العالمية للوجستيات محاضرة عن دور المجموعة في تنمية القطاع آفاق واعدة نحو تنمية مستدامة واختتمت الاحتفالية بجلسة حوارية، شارك فيها كل من المهندس عبد الرحمن الحاتمي ووسام بن موسى النجار مدير عام التخطيطي بالشركة العمانية للنقل البحري والمهندي جمال بن توفيق عزيز الرئيس التنفيذي للمنطقة الحرة بصحار وعبد الملك البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة بريد عمان والدكتور أحمد العبري نائب الرئيس التنفيذي لشركة عمان للحوض الجاف، وقامت بإدارتها الإعلامية جيهان بنت عبدالله اللمكية.

تعليق عبر الفيس بوك