الاهتمام بالقطاع السياحي

 

علي بن سالم كفيتان

لفت انتباهنا الأسبوع الماضي خبر على الصفحات الأولى لجرائدنا اليومية وفي جميع نشرات الأخبار عن حصول وزارة السياحة الموقرة على الجائزة الذهبية في فعاليات سوق السفر العالمي المقام بإمارة دبي، شعرت بالاعتزاز لوطني الذي يكرم ولكني عندما تصفحت بقية الخبر وجدة أنّ الجائزة الذهبية التي منحت للسياحة في بلادي كانت في مجال (أفضل استخدام للتواصل الاجتماعي)، يا لها من صدمة كنت أتوقع الذهبية في مجال أكبر نسبة إشغال للمؤسسات الفندقية في الخليج أو حتى لإحدى المشاريع الرائدة التي تخدم السياحة في بلادي ولكن هذا هو الخبر ولم أجد له قشورا أخرى.

في عام 2011 أحدث تغيير كبير في مجلس الوزراء الموقر حيث تم الدفع بدماء جديدة من الوزراء ومعظمهم من جيل الشباب ومن الأكاديميين وبعضهم أتوا من أروقة مجلس الشورى الذي انتخبه الشعب وفي هذا استجابة كريمة من لدن مولانا جلالة السلطان لصوت مواطنيه – حفظه الله وأمده بالصحة والعافية – كان الكل ينتظر تغيرات كبيرة في مختلف القطاعات وخاصة غير النفطية التي تعزز موقف السلطنة المالي وترفع مستوى الرفاه الاجتماعي. وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على ذلك التغيير لم تتحرك المؤشرات للارتفاع بل بقيت مترنحة بين ما هو عليه قبل التغيير والانخفاض في بعض الأحيان ووجد الجميع ضالته في تراجع أسعار النفط وتنفس الوزراء الجدد الصعداء فكل تراخي أو تقصير مرده لأسعار النفط، حتى شركات القطاع الخاص غير المتأثرة بشكل مباشر بأسعار النفط دخلت في الخط وقامت بتسريح مواطنين من أعمالهم وإحلالهم بوافدين أقل أجراً. 

السياحة هي أحد القطاعات الاستراتيجية التي يعول عليها الجميع لرفد خزينة الدولة في هذه الظروف الصعبة وشكلت محوراً اساسياً لما يعرف بمختبرات (تنفيذ) فلا يختلف اثنان أنّ السلطنة هي الوجهة الأفضل في الشرق الأوسط خلال آخر خمس سنوات بفضل من الله ثم بفضل السياسات الحكيمة لجلالة السلطان. فالسياسة الخارجية للسلطنة تعمل بكفاءة عالية لتجنيب وقوع البلاد في أتون الصراعات العبثية في المنطقة وعانت الكثير من الضغط الإقليمي والدولي ولكنّها صمدت بقوة وأثبتت نجاحا منقطع النظير شهد له القاصي والداني، وفي الجانب الآخر وعلى أرض الوطن تعمل الأجهزة الأمنية والعسكرية ليل نهار لبسط رداء الأمن والأمان دون كلل أو ملل في ظل صراع غير مرئي لجر جميع شعوب المنطقة إلى مستنقع الشقاق التناحر والفوضى. كل تلك المزايا التي تعمل عليها أطقم دبلوماسيّة محنكة لأكثر من أربعة عقود وآلاف الكوادر الأمنية المدربة لم تستغلها وزارة السياحة الموقرة الاستغلال الأمثل وظلت سياحتنا هي سياحة اللحم المظبي والمشكاك.

لا أحد يعلم هل استراتيجيّة السياحة التي اشتغلت عليها الوزارة تعمل أم لا تعمل علما بأنّ كل المسؤولين بالسياحة لا يفوتون مقابلة تلفزيونية أو صحفية إلا وسمعنا منهم عن استراتيجية السياحة غير المفعلة والسؤال الذي يفرض نفسه متى ستفعل هذه الاستراتيجية الموعودة؟ سمعنا عن محاولات خجولة لإنشاء تلفريك هنا وآخر هناك والإعلان عن أراض للاستثمار السياحي وسحب أخرى من مستثمرين غير جادين وماذا بعد؟ من الذي يقف في طريق تطوير السياحة في البلاد هل هو سوء الإدارة أم التعقيدات البيروقراطية للجهات الرسمية أم الاحتكار أم ماذا؟ هذه الأسئلة لا بد لها من أجوبة صريحة وواضحة لكي يعمل هذا القطاع الواعد.

لا عذر أمام وزارة السياحة فالأرض العمانية وجهة مثالية بكل مكنوناتها الطبيعية، وثقافة شعبها المتسامح، وقيادتها الحكيمة التي وفّرت سمعة دولية مميزة في مختلف أنحاء العالم، وبسطت رداء الأمن والأمان في كافة ربوع الوطن ولم يتبق إلا العمل المخلص الدؤوب. 

(المضبي: هي طريقة بدائية لطبخ اللحم على الحجر بعد تسخينه، والمشكاك: وضع قطع لحم صغيرة في سيخ وطبخها على الفحم).

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

alikafetan@gmail.com