خالد بن علي الخوالدي
جلست قبل أيام بسيطة انتظر دوري في أحد المجمعات الصحية وجلس بجانبي شخص لا أعرفه، وبطبيعتي اجتماعي كما هو حال الإنسان الذي وصفه ابن خلدون (الإنسان مدنيا بالطبع) وكان محور الحديث هو عن الصحة في البلاد فقال ببساطته وبساطة العماني (الحكومة ما مقصرة، فنحن نملك أحسن الأجهزة على المستوى العالمي وندفع الملايين للخدمات العلاجية والدوائية، ولكن أين الأطباء الذين يحسنون استخدام الأجهزة) انتهى كلامه.
وهو يتكلم كنت أتخيّل المستشفيات والمجمّعات والمراكز الصحية وهي تنتشر في كل بقاع السلطنة، وسار فكري يطوف على المستشفيات الكبيرة المجهزة بكل ما يحتاجه المريض للعلاج، ووقفت عند كلمة ذلك البسيط الذي قال كلمته (أين الأطباء) نعم أين الأطباء الذين يستطيعون تشخيص المرض الذي يعد نصف العلاج إذا لم يكن العلاج في حد ذاته فقديما قيل إذا عرف السبب بطل العجب، وأنا هنا لا أنكر الدور الكبير في اختيار الأطباء من الخارج إلا أن ذلك يظل مربوطا برغبة الأطباء في السفر والغربة عن بلادهم فالطبيب الماهر وصاحب الخبرة الطويلة ومن يعمل بكبرى المستشفيات أغلبهم لا يرغبون في الخروج وبلادهم لا تسمح لهم أصلا بالخروج إلا في حالات استثنائية، لذا من يأتي إلينا هم عدد زائد على بلدانهم أو لم يصلوا بعد إلى المستويات العليا التي تمكنهم من فتح مستشفيات وعيادات تخصصية إلى جانب عملهم في المستشفيات الكبرى في بلدانهم.
وهذا يدعونا في السلطنة إلى الاهتمام أكثر بطاقمنا الطبي العماني وزيادة أعداد الطلبة المقبولين في الجامعات والكليات الطبية وتوظيفهم التوظيف المناسب لا كما هو حاصل الآن من التفريط في القامات الطبية الكبيرة وذات الخبرة الطويلة بركنها في إعمال إدارية روتينية ويزيد الطين بلة استقطاب عدد من الدول للأطباء العمانيين من خلال توفير مناخ طبي متميز ورواتب مالية تناسب الجهد الذي يقوم به الطبيب مما يعني رحيل كوادر طبية دفعت الدولة لها الكثير من المال والجهد، وعلاجا لهذا الأمر على وزارة الصحة توظيف الخريجين من الأطباء وتوفير الأجواء المناسبة لهم حتى يكونوا مبدعين ومتألقين ونراهم في كل مركز ومجمع ومستشفى وتكريم قدامى الأطباء بامتيازات محفزة حتى يعطوا أكثر ويقدموا أكثر للوطن والمواطن.
بعد حديثي مع الرجل البسيط أشار إلي بالتحية وهمّ خارجا، وألقيت نظرة على هاتفي وإذا برسالة تصلني عبر (الواتساب) تقول تمكنت إدارة حماية المستهلك بالسيب من ضبط شركة متخصصة في إمداد بعض المستشفيات والمراكز الصحية في السلطنة بالأدوات واللوازم الطبية والمحاليل المختبرية تقوم بالتلاعب بتواريخ صلاحيّة تلك المُستلزمات، وبالترويج لأصناف أخرى منتهية الصلاحية حيث بلغ العدد الكلي للعبوات أكثر من (91551) عبوّة، وبحسب تقارير مختصة فإنّ من شأن المواد ذات التغليف المعقّم أن تتسبب في حدوث التهابات لمستخدميها بسبب انتهاء فترة التعقيم، أمّا بخصوص المواد ذات الأجزاء البلاستيكيّة كأنابيب التنفس مثلاً فإنّ التغييرات في خواص البلاستيك تسهم في نمو البكتيريا وحدوث الالتهابات للمريض، وخصوصا المواد الخاصة بالمختبرات الطبية فقد يؤدي استخدام بعضها كالمحاليل منتهية الصلاحية إلى تشخيص خاطئ وعلاج المرضى بطريقة غير صحيحة، وبالتالي قد تؤثر على صحة المريض وزيادة التبعات الصحيّة على أقل تقدير، وقد تسهم في أكثر من ذلك، علماً بأنّ جميع هذه المواد لا يجوز استخدامها لأنّها تعدت مدّة الصلاحيّة وبالتالي فإنها لن تؤدي الغرض الذي صنّعت من أجله، وستؤثر على الصحة العامة.
وقلت في خاطري من وين نلاقيها من الأطباء الذين اكتشفت الجهات المختصة بأنّهم قادمون بشهادات مزورة أو من الأدوية التي يصرفونها وهي مغشوشة، ومع إيماني التام بأن الغش انتشر في كل مكان ووصل إلى حدود كبرى يجب أن تقف معها الجهات المختصة وقفات، إلا أن يكون هذا الغش في صحة الإنسان فهذه مصيبة لا تغتفر وعلى الجهات المختصة تغليظ العقوبة لمن سوّلت له نفسه غش النّاس في صحتهم، ودمتم ودامت عمان بخير