مبادرات الوزراء.. البساط "أحمد"

 

 

 

 

حمود الطوقي

 

أربع مبادرات من أربعة وزراء يمثلون قطاعات خدمية أشعلت شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع المنصرم، وحظيت بترحيب وتعليق من قبل الجمهور المتعطش لمثل هذه المبادرات، كانت كل الأنظار تتجه إليهم، وجميعهم يحملون اسم "أحمد" فنحمد الله على تحملهم الأمانة والمسؤوليّة، ونهجهم في عملهم اقتداءً بولي الأمر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-. وكوننا صحفيين لابد لنا أن نسطر الأعجاب بكل ما يعود بالنفع على الوطن والمواطن، فكما نسجل الإعجاب أيضا نسطر في مقالاتنا النقد البناء؛ بهدف التوجيه من أجل أن نرى بلادنا في مصاف الدول.

يجب أن نشير إلى أنّه منذ بداية عصر النهضة المباركة وهناك نموذج إداري في رسم منهج العلاقة بين الشعب والحاكم؛ جسده حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - من خلال الجولات الميدانية والزيارات السنوية التي قام بها جلالته في مختلف أشكال الجغرافيا العمانية، وكان جلالته - رعاه الله - شديد الحرص على اصطحاب أصحاب المعالي الوزراء في جولاته تلك، والتي ذاع صيتها في كل دول العالم وأطلق عليها مصطلح "البرلمان المفتوح".

بالنظر إلى هذا السلوك، الذي يأتي من قمّة هرم السلطة في السلطنة، وبالإمعان مليّاً في تفاصيله، سنجده درسا عمليا، قوامه ضرورة الاقتراب من النّاس لكي يكون المسؤول واحدًا منهم، سيعرف طريقة التفكير، وسيُنصت إلى الملاحظات، وسيعمل على تحقيق الممكن بحسب الظروف المواتية، من دون أن يعزل نفسه في مساحة علوية، وهذا الدرس لأصحاب المعالي الوزراء، في كل وقت وأوان، ممن يتسلمون ويتسلّمن زمام العمل، لأنّ الجميع - بحسب إحدى مقولات جلالته في أحد خطاباته السامية-: (خدم من أجل مصالح الشعب).

وهذه تفتح الشفافية، وهو السلوك المقرون بالوعي الإداري الذي ينبغي على الحكيم اتّباعه. 

نقول هذا في معرض مبادرة جسدها أربعة من أصحاب المعالي الوزراء خلال الأسبوع الماضي؛ تمثلت في زيارات ميدانية فجائية وحظيت بردود أفعال إيجابيّة ومتباينة على شبكات التواصل الاجتماعي، وانتشرت هذه المبادرات في مجموعات الواتساب، وأشعلت مساحات للحوار؛ فهناك من رآها تستحق الإشادة، وهناك من قال إنّها دعاية إعلاميّة لا تُسمن ولا تُغني من جوع؛ وأولى هذه المبادرات قيام معالي الدكتور أحمد بن محمد الفطيسي وزير النقل والاتصالات،  باستخدام النقل العام، وقام معاليه على حسابه في تويتر بوصف هذه الرحلة بأنها كانت طيبة وموفقة كما قام معاليه باستخدام تاكسي "مرحبا"  وهي أحدث الخدمات التي دخلت السلطنة في قطاع أجرة السيارات. ومن المبادرات التي حظيت أيضا بالتداول قيام معالي أحمد بن عبدالله الشحي وزير البلديات الإقليمية وموارد المياه بتفقد أعمال الصيانة في إحدى الأفلاج، وغامر معاليه بدخوله بطن الفلج رغم صعوبة المكان لكي يقف عن قرب على سير أعمال الصيانة في هذا الفلج، ليلقى ترحيبًا من قبل الجمهور.

وفِي السياق نفسه قام معالي أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة بزيارة تفقدية لحارة البلاد بولاية منح للاطلاع والوقوف عن قرب على هذه الحارة، والتي هي شبيهة بالحارات العمانية ومدى قابلية تطويرها لتكون رافدا سياحيا؛ نظرا لأنّ هذه الحارات تشكل نموذجًا للهوية والمكان بالنسبة لعمان.

وقام أيضا معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة بجولة تفقدية على أحد المستشفيات للاطلاع والاطمئنان على سير العمل، واستمع معاليه إلى المرضى ومدى رضاهم عن جودة الخدمات التي تقدمها المستشفى للمواطنين والمقيمين على حد سواء.  

نعتقد جزما أنّ هذا السلوك مهم وضروري للغاية، ونأمل من مجلس الوزراء الموقر أن يجعل مثل هذه المبادرات إلزامية للوزراء جميعا، ولا ننكر أنّ بقيّة أصحاب المعالي الوزراء لديهم مبادرات مماثلة ويخرجون من وقت إلى آخر لمتابعة المشاريع التي تنضوي تحت وزارتهم ميدانيا، وأجزم أنّ مثل هذه الزيارات الفجائية سيسهل معها الخروج من دائرة الشائعات والتخمينات، وستصبح المعلومات والوقائع متاحة أمام الوزير المسؤول مباشرة سهلة وسلسة وميسرة، وستُمكِّن المواطن من توصيل رسالته مباشرة دون الحاجة إلى طرق أبواب الوزارة المقفلة عادة أمام المواطن.

نحن ندرك جيدا أنّ المنصب مسؤولية وتكليف، هكذا تعلمنا من نموذج المقام السامي، ونتمسك ونؤمن بالنهج الذي جذّره واشتغل عليه وكرّسه جلالته طوال هذه الفترة، وبات من الضروري أن نرى تطبيقه على أرض الواقع من جانب المسؤولين في الدولة، لتحقيق مسار تنموي مبنيّ على العمل الجادّ لمواكبة التحولات والمستجدات. 

إننا نأمل حصول وتحقق مثل هذه المبادرات فعليا، وهي نقطة التحول، في أن نرى المسؤولين من مختلف الوزارات يعززون مبدأ العمل من أجل الوطن، ولتكن تنقلاتهم ومتابعتهم للعمل الميداني إلزامًا، فنحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، والكل مدرك لمسؤولياته وأدواره، لذلك ليس صعبا ولا مستحيلا جمع وسائل الإعلام والحديث بشفافية عما يثار من ملاحظات وانتقادات. ويجب فتح قنوات الحوار مع نواقل البيانات وهي وسائل الإعلام المختلفة، لكي يدرك المواطن دور الحكومة التي تعمل من أجله.. 

وفّق الله الجميع إلى ما فيه الخير والسؤدد.

الأكثر قراءة