"الوسطى.. الحياة والطبيعة" كتاب يبرز جمال المحافظة في صور

مسقط - العمانية

 يعدّ كتاب "محافظة الوسطى.. الحياة والطبيعة" من الكتب النادرة والمهمة، ومن يقلب صفحاته سيجد نفسه يتجول في ربوع ولايات محافظة الوسطى بسلطنة عُمان.

يتضمن الكتاب جهود المصور سيف بن ناصر الرواحي في توثيق الحياة والطبيعة في محافظة الوسطى طوال خمس سنوات، إذ لخّص جمال هذه المحافظة وروعتها من خلال أكثر من250 صورة تم التقاطها خلال أكثر من 70 زيارة، ليكون هذا الإصدار باكورة أعمال الرواحي في عام 2017.

ويقول الرواحي إن الكتاب يصدر في ظل جهود الحكومة في دفع مسيرة التقدم والنجاح في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، مشيرا إلى ما يمثله الكتاب من أهمية في المجالين السياحي والاقتصادي، إذ يوفر للمستثمرين معلومات ثرية وتفاصيل غنية عن محافظة الوسطى.

والمطّلع على هذا الكتاب سيشاهد امتداد رمال الربع الخالي اللامتناهية، وعظمة أسرارها المدفونة، حيث يضع الرواحي خطواته على تلك الرمال الذهبية المتقدة جمالا وعذوبة، يدفعه الشغف، ويتلبّسه الفضول، لسبر أغوار كل بقعة في هذه المساحات الممتدة من محافظة الوسطى، هذه المحافظة المبتعدة في جغرافيتها، والتي تخفي الكثير من التفاصيل بانتظار من يلتقطها.

ويتخذ الرواحي قرارًا هذه المرة بعد تجارب سابقة في رصد وتوثيق جماليات متنوعة لمحافظات ومناطق من السلطنة، وجميعها تُوِّجت بالنجاح، إذ يوثق بعدسة كاميرته هذا الكنز المتناثر، ليكون دليلا شاملا عن محافظة الوسطى.

ويصف المصور هذه المحافظة التي تقع جنوب محافظتي الداخلية والظاهرة وتتصل من جهة الشرق ببحر العرب، ومن الغرب بصحراء الربع الخالي والمملكة العربية السعودية، ومن الجنوب بمحافظة ظفار، بأنّها غنية بالكهوف الجبلية والجزر والشواطئ الساحرة والجيولوجيا والآثار.

ويقول الرواحي إنه كان مثل جميع الذين زاروا المنطقة كسائحين، إلا أن شيئًا أكبر تملّكه، جعله يهيم بتفاصيلها، مقررا الرجوع إليها في أقرب فرصة، هذا الشغف حفزه لبدء مشوار البحث والتوثيق على خُطى قلّةٍ من الذين كتبوا عن هذه البقعة الجميلة.

"الحياة والطبيعة" هو الاسم الذي أطلقه الرواحي على مشروعه في التدوين والتوثيق لما التقطته عدسة معشوقته الكاميرا، وزياراته مواقع ندر أن تطأها أقدام بشر، إلى جانب استعانته بصور ومراجع مختلفة تطرقت إلى تضاريس وجفرافية وطبيعة حياة محافظة منطقة الوسطى.

ويشمل الكتاب محاور مختلفة، تبدأ بالتعريف بالولايات الأربع لمحافظة منطقة الوسطى (الدقم، ومحوت، وهيماء، والجازر) من حيث الموقع الجغرافي، والبعد المكاني للولاية بالنسبة للولايات الأخرى بالمحافظة ومحافظة مسقط، إلى جانب سبب تسمية كل ولاية، وأبرز المعالم السياحية في الولاية.

ففي ولاية هيماء مثلا تم إبراز (أم السميم) التي تمتد من جنوب ولاية عبري بمحافظة الظاهرة وتنتهي أجزاؤها إلى ولاية هيماء بمحافظة الوسطى حيث تمثل الكثبان الرملية (الهلالية) والسبخات الملحية الشاسعة من اللوحات التضاريسية الجميلة وتعدّ أكبر السبخات في سلطنة عمان. أما في ولاية محوت فتم التطرق للعديد من المعالم السياحية فيها، مثل قرية وادي مديرة التي تعدّ من نماذج القرى البدوية التقليدية، وتتسم مساكنها بالبساطة، كونها مبنية من سعف النخيل.

كما يتطرق الرواحي في أحد فصول كتابه لـ"الحقف"، حيث بدايات الإنسان القديم التي قلما نجد لها مثيلا في العالم أجمع، وتمتد أجزاؤها في ولايات محوت والدقم وهيماء بمحافظة الوسطى وجنوب ولاية أدم بمحافظة الداخلية، وتتميز المنطقة بتنوع تضاريسها وغنى تاريخها الجيولوجي، فهي منطقة خصبة بأنماط جيولوجية فريدة ونادرة. حيث تشير الدلائل الأثرية المكتشفة في المنطقة إلى أن الموقع الجغرافي لمنطقة الحقف له علاقة بهجرة الإنسان الأول من شرق إفريقيا إلى جنوب غرب آسيا خلال عصر البليوسيني، أي منذ حوالي مليوني عام.

ويستعرض الكتاب أبرز الأشجار والنباتات المنتشرة في محافظة الوسطى وهي القرم والسدر والسمر والغاف والسلَم والأثل والحبض والشكل والغضف وعبته والسرح واللثب والحرمل والدرماء والرمرام والراك، والتي تم التحدث عن كلٍّ منها على حدة.

وعند الحديث عن محمية الكائنات الحية والفطرية في محافظة الوسطى، يكون للطبيعة معنى آخر عبر عدسة كاميرا سيف الرواحي التي اقتربت كثيرا من (وادي جعلوني)، المركز الميداني لمشروع المها العربية، كونه المكان الذي تم العثور فيه على آخر مها برية مصطادة في عام 1972.

ويتحدث المؤلف بالتفصيل عن محمية الكائنات الحية والفطرية بمنطقة (جدة الحراسيس) التابعة لولاية هيماء والتي تمتد بقية أجزائها لتصل إلى الدقم ومحوت، وهي تقع على بعد 111كيلومترا من مركز ولاية هيماء، في منطقة جغرافية حيوية بين الصحراء والجبال الساحلية في سلطنة عُمان. وتحتوي المحمية على نماذج متعددة من أشكال الحياة الجيولوجية والمناظر الطبيعية ذات القيمة العلمية والجمالية الفريدة وثّقها الرواحي في كتابه.

وتطرّق المؤلف إلى ما كانت عليه محافظة الوسطى في السابق، حيث كانت مهوى ومقصد الرحالة الأوروبيين. وتتبّع الرواحي تلك الرحلات من خلال كتب تتضمن حكايات الرحالة وتجاربهم والقصص الثمينة التي دونوها عن منطقة الربع الخالي والتي تشمل الجزء الأكبر من محافظة الوسطى، بحكم ما تزخر به من مكنونات وكنوز طبيعية وأثرية وجيولوجية وحضارية وثقافية. ومن هولاء الرحالة: ويلفرد ثيسجر، وبرترام سيدني توماس، وادوارد هندرسون. ولم يكن الرحالة العمانيون بمنأى عن هذا الكنز، فقد كان للرحالة والشاعر محمد الحارثي يوميات ورحالات في المنطقة جمعها في كتاب.

ويكشف الرواحي أنه قام بأكثر من 70 زيارة في قرى وولايات المحافظة ليلتقط قرابة 20 ألف صورة، وأنه استعان أحيانا بطائرة هيلكوبتر لالتقاط صور جوية لإبراز جمال المنطقة.

وقد عمل سبعة عشر مراجعًا علميا بالإشراف على مادة الكتاب، وتمت الاستعانة بخمسة مصورين شاركوا بأعمالهم فيه، كما استفاد الرواحي من أكثر من 70 مرجعا لإغناء محتوى كتابه.

تعليق عبر الفيس بوك