نظام تعقب المركبات الحكومية

 

سيف بن سالم المعمري

 

 حقَّق نظام تعقب المركبات ببلدية مسقط نتائج إيجابية في تقليص المصروفات التشغيلية الخاصة بالمركبات وتوفير استهلاك الوقود، وأختصر أكثر من ثمانمائة ألف كيلومتر من المسافة التي تقطعها مركبات البلدية التي شملها النظام في تحركاتها منذ تطبيقه في شهر أبريل 2014، ورصدت بلدية مسقط عدد الكيلومترات التي قطعتها المركبات التي شملها النظام، وعددها (332) مركبة بمُختلف وحدات البلدية مُقسمة على (105) مركبات ثقيلة وعدد (227) مركبة خفيفة، حيث وصلت المسافات التي قطعتها إلى (9 ملايين و393 ألفاً و532 كيلومتراً تقريباً) وبعد عام من تدشين النظام سجلت المركبات انخفاضاً في المسافة التي تقطعها لتصل إلى (9 ملايين و270 ألفاً و716 كيلومتراً تقريباً)، وسجل العام 2016م انخفاضاً ملحوظاً في عدد الكيلومترات المقطوعة ليصل إلى(8 ملايين و516 ألفاً و727 كيلومتراً تقريباً).

وكما هو معلوم فإنَّ نظام تعقب المركبات يعتمد على خاصية التعامل مع شبكات (GPRS) والتي تمكنه من إرسال المعلومات الخاصة بالمركبة المراد تعقب حركتها لحظة بلحظة، حيث يعمل النظام  باستخدام شبكات الهاتف المحمول (GSM)، الذي يمكنه من القدرة على إرسال عدد هائل من التقارير عن موقع المركبة شهرياً بتكلفة منخفضة، وحجم بيانات قليل لا يتجاوز (1MB)، حيث إنَّ المعلومات المرسلة من النظام باستخدام (GPRS) تتيح استخلاص التقارير اللازمة باستخدام الإنترنت حتى في حال خروج المركبة عن نطاق تغطية شبكة (GSM) فإن الجهاز يقوم بتخزين معلومات المواقع إلى حين دخول المركبة منطقة تغطيها شبكة (GSM) ليقوم بإرسال معلوماته المخزنة فوراً إلى غرفة المراقبة.

ولعل النتائج الإيجابية التي حققتها بلدية مسقط من تطبيق نظام تعقب المركبات الخاصة بالبلدية في مرحلته الأولى، حافزًا لزيادة عدد المركبات التي سيطبق عليها النظام في مرحلته الثانية في العامين القادمين، والتي حددتها البلدية لتشمل عدد (330) مركبة أخرى بالإضافة إلى المركبات التي شملها النظام في المرحلة الأولى.

وإن نظام تعقب المركبات ليس بجديد على السلطنة، حيث إنّه طُبق منذ عدة سنوات في شركات القطاع الخاص، وخاصة تلك التي تعمل في الصحراء بشكل عام وفي المنشآت النفطية بشكل خاص، كما إن المرحلة الحالية تتطلب من جميع المؤسسات الحكومية سرعة تفعيل الأنظمة الحديثة لتقليل نفقاتها وخاصة فيما يتعلق منها بإدارة النقليات في المؤسسات والتي تستنزف ميزانياتها في التشغيل والصيانة واستهلالك الوقود، ولعل النتائج الإيجابية التي حققتها بلدية مسقط تؤكد حقيقية مفادها أنَّ هناك الكثير من المصروفات التي تهدرها المؤسسات، بسبب عدم وجود نظام دقيق لترشيد التنقل بالمركبات في كل مؤسسة.

ومنذ بداية أزمة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية مطلع عام 2015م، اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات الاحترازية لترشيد نفقات المؤسسات الحكومية، والتي شملت ترشيد استخدام المركبات الخاصة بالمؤسسات، واقتصار فترة الاستخدام على ساعات الدوام الرسمي بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى.

ولكن ورغم المُناشدات المُتكررة لتكاتف الجميع مؤسسات، ومواطنين في التعاون مع إجراءات الحكومة لترشيد الإنفاق، إلا أنه لا تزال هناك ممارسات غير مسؤولة من قبل بعض المسؤولين في المؤسسات الحكومية المدنية في استغلال المركبات الحكومية لغير الهدف الذي سُخرت لأجله، فترى المركبات التي تحمل اللوحات الحكومية في الأعراس، وفي مواطن العزاء، فضلاً عن تواجدها في الأسواق المحلية وفي دول الجوار في الإجازات الأسبوعية، وفي أيام العطل الرسمية، بل إن بعض الوحدات الحكومية قامت بصرف مركبات تحمل لوحات خاصة، وتجارية لرؤسائها في المُديريات والإدارات بالمُحافظات، وأصبح تنقلهم واستغلالهم لتلك المركبات في الأوقات التي تلائمهم، وخارج عن نطاق العمل الرسمي، مستغلين في ذلك عدم وضوح هوية المركبة من كونها مركبة حكومية أو خاصة، ناهيك عن استغلال المركبات الحكومية في نقل الأغراض الخاصة بالمسؤولين، ولمن ولي مسؤولية قيادة تلك المركبة، وإن التثبت من ذلك لن يتأتى إلا بتطبيق نظام تعقب المركبات الحكومية وللمركبات المستأجرة المنظمة لمركبات الخدمة بالمؤسسات الحكومية.

إن المناشدات والتنبيهات المتكررة للحفاظ على المال العام بكافة صوره وأشكاله هي مسؤولية مشتركة بين جميع المواطنين أياً كانت مواقعهم من المسؤولية، وإن النتائج الإيجابية التي حققتها بلدية مسقط من تطبيق نظام تعقب المركبات لعدد (332) مركبة فقط، وما رصدته من توفير استهلاك الوقود(800) ألف كيلومتر، يجب أن تكون تلك المؤشرات، ناقوس خطر، لترفع الجهات المسؤولة من درجة تشديد الرقابة على جميع المؤسسات، لتفعيل الأنظمة الحديثة للتقليل من نزيف الأموال المهدر من خزينة الدولة، وبمعادلة بسيطة جدًا لو كان عدد المركبات في جميع المؤسسات الحكومية المدنية مثلا (800) ألف مركبة، وتم تفعيل نظام تعقبها بالأنظمة الحديثة، ونتج عنه توفير استهلاك الوقود لذلك العدد من المركبات، فكم عدد الأموال التي ستعود إلى خزينة الدولة؟.

عليه نوجه النداء لجميع الجهات المُختصة بالسلطنة، لإلزام جميع المؤسسات الحكومية وخاصة المدنية، بسرعة تعميم نظام تعقب جميع المركبات الحكومية، والمركبات المستأجرة بالمؤسسات، لوقف نزيف الأموال المهدرة.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت

 

Saif5900@gmail.com