فرنسا.. الجمهورية الخامسة في ظل الشعبوية

 

 

ترسم الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة اليوم الأحد الملامح الأولى لشكل القارة الأوروبية خلال السنوات المقبلة، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل الاتحاد الأوروبي، الذي بات بالفعل أكثر من أي وقت مضى على محك خطير، يهدد بنسف فكرته الأولى والتي استندت على أساس الاتحاد والتكامل لا التشظي والتفتت.

الانتخابات العامة في فرنسا إمّا ستضع اللبنات الأولى لشعبوية جديدة تتمدد كالسرطان في أنحاء الجسد الأوروبي عبر سلسلة من الانتخابات المقرر إجراؤها هذا العام، كما قد تدفع آخرين لاتخاذ إجراءات مماثلة لما تمّ في بريطانيا وخروج الأخيرة من منظومة الاتحاد الأوروبي.

وتتصاعد في الوقت الحالي في عدد من الدول الأوروبية ومن قبلها الولايات المتحدة، النبرة الشعبوية بين جماهير الناخبين، لذا فإنّ هذه الانتخابات يترقب نتائجها ليس فقط الناخبون الفرنسيون بل أيضا القادة الأوروبيون، الذين يتوجّسون ويعضون على أصابع الانتظار خشية فوز مرشح شعبوي يفجر مطالب الانفصال عن أوروبا؛ ما سيكتب بكل تأكيد نهاية الحلم الأوروبي، ويضع مجددًا الحواجز والحدود بين أشهر دول فصلت وأزاحت التخوم الجغرافية من خرائطها.

ومن المثير في الانتخابات الفرنسية أن 6 من إجمالي 11 مرشحًا يسعون للفوز بالمقعد الوثير في قصر الشانزليزيه وضعوا في برامجهم الانتخابية ملف خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان. ويتصدر السباق الرئاسي في دورته الأولى 3 رجال وامرأة، هم إيمانويل ماكرون، الذي يصور نفسه على أنه "مرشح الجميع" ويقع في الوسط بين اليمينيين واليساريين، وهناك فرانسوا فيون ممثلا لليمين التقليدي، أما المرشح الثالث فهو جان لوك ميلونشون وهو يساري أيضا. فيما تمثل المرأة المرشحة مارين لوبان، ابنة مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" جان ماري لوبان.

المتأمل والمتتبع لمسار الانتخابات الفرنسية على مدى الخمسة عشر عاما الماضية يرى أن اليمين المتطرف يحظى لأول مرة بفرصة الفوز بالانتخابات الفرنسية، وإذا حدث هذه المرة فستكون بقيادة امرأة، عرف عنها تطرفها تجاه المهاجرين والأقليات بصفة عامة، وهي تجسيد حقيقي للشعبوية في أسوأ صورها.

إن الانتخابات الفرنسية وما قد تحمله من مفاجآت يستدعي من الجميع وضع الآليات المناسبة للتعامل مع القادم من الأيام، أما الناخب الفرنسي فعليه مسؤولية كبيرة من خلال صوته الذي سيدلي به اليوم، فإما أن يؤيد الوحدة الأوروبية ويحفظ استقرار ثاني أكبر اقتصاد أوروبي، أو أن يسير على خُطى بريطانيا نحو "الفرانزيت".

تعليق عبر الفيس بوك