خلفان الطوقي
أسهم البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" في حالة من الحراك الاقتصادي، لاسيما على المستوى الفكري في هذا الجانب، من خلال مقالات وجلسات العصف الذهني التي تزامنت وتلت جلسات البرنامج في مراحله المختلفة.
غير أنّه في المقابل ظهرت خلال الآونة الأخيرة آراء من مختصين شاركوا في الورش والمختبرات التي امتدت لستة أسابيع، بدا عليها الإحباط وعدم التفاؤل، وقالوا إنّهم تمنوا لو لم يشاركوا.. سعيت بطرق مختلفة لمعرفة سبب إحباطهم، فتبين أنّ هناك عدة أسباب أدت إلى توغل الإحباط إلى نفوسهم أو لنلطف الكلمة قليلا واستبدالها بكلمة (انخفاض حماسهم) عن السابق.
من جانب آخر، التقيت أيضا ببعض الأصدقاء المهتمين والمتابعين والمهتمين ببرنامج "تنفيذ"، وكلما التقيت بهم تُذكَرُ المقالات السابقة عن البرنامج، لاسيما وأنّ هذا هو المقال السابع عن هذا البرنامج. وبدا من حديثهم العتب تارة والتهكم تارة أخرى، ويرددون جملا قاسية أقل ما يقال عنها أنّها المادة الخام للإحباط القاتل لأي تفاؤل أو طموح؛ لكن كنت أحاول أن أجد حوارا إيجابيا ونقاشا مشتركا معهم لكي استوعب لماذا وصل بهم الحال إلى ما هو عليه من إحباط وانخفاض في المعنويات؟!
وبإيماني الثابت والمستمر بأنّ هناك من يستمع من المسؤولين ويؤمن بالحوار والاستفادة من الأطروحات المُختلفة لتطوير بيئة العمل، ومن منطلق أن نكون جزءًا من الحل، ارتيت أن أجمع بعض هذه الأسباب التي أدت إلى إحباط وتشكيك البعض في فعالية البرنامج ونجاحه وأهمّها فيما يلي من نقاط.
أنّ البرنامج لم يتطرّق لقضايا جوهرية مثل التحول الإلكتروني في المعاملات الحكوميّة، وانعدام التركيز على الإطار الاقتصادي الكلي "Macro" والمرتبط بتطوير بيئة العمل وتشريعاته، خاصة وأنّ أي معالجة لن تكون مجدية بدون التركيز على المعالجة الشاملة، وإلا فكأنّما ستكون المعالجات وقتية معتمدة على أسلوب الترقيع، كما أنّ هناك من يبرر بأن عناصر النجاح للبرنامج ناقصة كعدم إشراك المحافظات في الحوار، وعدم اطلاعهم أو اطلاع المتابعين بمؤشرات الأداء، وكيفية المحاسبة التي لم تُذكَر في الكتاب الصادر قبل عدة أيام، علمًا بأنّ التجربة الماليزية واضحة وشفافة في هذه النقطة.
ومن بين الملاحظات كذلك: انحسار الحوار بين القائمين على برنامج "تنفيذ" والمجتمع على وسائل التواصل الاجتماعي فقط؛ حيث يرى البعض أنّه يمكن اتباع أكثر من طريقة كإشراك المجتمع المدني وموظفي الجهات الحكومية، خاصة الجهات الخدمية والمعنية بالبرنامج على طول الخط والبحث المتعمق في كيفية إشراكهم، لأنّهم يمثلون شريحة كبيرة وأساسية لأي تطبيقات وحلول مستقبلية على أرض الواقع. كما أنّ هناك من يشكك في نجاح البرنامج وربطه بصلاحيات وحدة التنفيذ والمتابعة، وترقبهم لصدور المرسوم السلطاني الشارح لاختصاصات الوحدة.
ربما المقام لا يسمح بمزيد من الاستطراد والحديث عن نقاط عدم تفاؤل البعض، لكن للحديث بقيّة في الأسبوع المقبل، لمواصلة سلسلة المقالات التي تحاول أن تكون صوتًا للمواطنين المُهتمين بنجاح هذا البرنامج؛ الذي يعتبرونه تحولا مفصليًا في إدارة العمل الحكومي، وكلهم أمل في تكرار هذا البرنامج في صورة مبادرات مستقبليّة تستشرف المرحلة المقبلة وتضيء معالم الطريق أمام جميع المسؤولين.