برلين تتهم موسكو وطهران بتحمل بعض المسؤولية عن الهجوم

بريطانيا وفرنسا تدعوان لرحيل الأسد بعد "هجوم كيماوي".. وروسيا ترفض مشروع قرار للأمم المتحدة

...
...

عواصم - الوكالات

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس إنَّ موقف موسكو من الرئيس السوري بشار الأسد لم يتغير. ونفت روسيا مسؤولية الأسد عن هجوم بغاز سام وقالت إنها ستواصل دعمه مما يضع الكرملين على مسار أكبر صدام دبلوماسي حتى الآن مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأحجم لافروف عن القول ما إذا كانت الواقعة ستؤثر على علاقات روسيا بالولايات المُتحدة.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية قولها إنَّ مشروع قرار للأمم المتحدة بشأن هجوم كيماوي في سوريا "غير مقبول" بالنسبة لموسكو. وأضافت "لا نعتقد أنَّ من المناسب الموافقة على قرار بشأن الهجوم الكيماوي بصورته الحالية."

وقدَّمت واشنطن وباريس ولندن مشروع القرار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة الهجوم والمطالبة بتحقيق. ولروسيا أن تستخدم حق النقض لعرقلة القرار كما فعلت في كل القرارات السابقة التي كان من شأنها أن تضر بالرئيس السوري بشار الأسد.

وقالت ألمانيا أمس إنَّ روسيا وإيران تتحملان بعضاً من المسؤولية عما يشتبه في أنَّه هجوم بأسلحة كيماوية نفذته قوات حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وأسفر عن مقتل العشرات في منطقة تسيطر عليها المعارضة. وقالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية خلال مؤتمر صحفي اعتيادي في برلين "ترى الحكومة الاتحادية أن المسؤولية تقع على روسيا وإيران بصفتهما حليفتين لنظام الأسد.

وجددت بريطانيا وفرنسا دعوتهما لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد بعد هجوم يشتبه أن يكون بسلاح كيماوي شنته دمشق وقتل عشرات الأشخاص في منطقة تسيطر عليها المعارضة.

وتحدث وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ونظيره الفرنسي جان مارك إيرو خلال مؤتمر دولي عن سوريا عقده الاتحاد الأوروبي في بروكسل في محاولة لدعم محادثات السلام المُتعثرة بين الأسد وخصومه.

وقال جونسون "هذا نظام همجي جعل من المستحيل بالنسبة لنا أن نتخيل استمراره كسُلطة على الشعب السوري بعد انتهاء هذا الصراع." وقال إيرو إنَّ الهجوم كان اختبارا لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وكان مصير الأسد المدعوم عسكريا وسياسيا من روسيا وإيران هو العقبة الأساسية أمام إحراز تقدم في المحادثات. والحرب دائرة منذ أكثر من ست سنوات وقتلت 320 ألف شخص وشردت الملايين وتركت المدنيين يواجهون أوضاعا إنسانية صعبة للغاية.

وقال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة "الحاجة للمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين السوريين لم تكن قط أكبر مما هي عليه الآن. والمناشدة الإنسانية لأزمة واحدة لم تكن قط أكبر من ذلك."  وتطلب الأمم المتحدة ثمانية مليارات دولار هذا العام للتعامل مع الأزمة واجتماع بروكسل من المتوقع أن يُسفر عن تعهدات جديدة بالمساعدة.

وقبل بضع ساعات من اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن قرار اقترحته واشنطن ولندن وباريس قال جوتيريش "كنا نطالب بالمساءلة عن جرائم ارتكبت وأنا على ثقة من أن مجلس الأمن سيتحمل مسؤولياته."

وتلقي الدول الثلاث اللوم على الأسد في الهجوم. وقالت روسيا إنها تعتقد أنَّ الغاز السام تسرب من مستودع أسلحة كيماوية تابع للمعارضة بعد قصف سوري مما يُتيح المجال أمام صدام دبلوماسي في مجلس الأمن.

ولم يوضح ترامب، في إدانته للأسد، كيف سيرد. وجاء الهجوم بعد أسبوع من قول وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي إن اهتمامهما ينصب على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وليس على إبعاد الأسد عن السلطة.

وعلى صعيد المساعدات تعهدت ألمانيا بمبلغ 1.2 مليار يورو (1.28 مليار دولار) لعام 2017 إضافة إلى التزاماتها السابقة. وعرضت لندن مليار جنيه إسترليني (1.25 مليار دولار).  وتقول بروكسل إن الاتحاد الأوروبي وأعضاءه جمعوا حتى الآن نحو 9.5 مليار يورو للمساعدات الإنسانية الطارئة في سوريا. وقال الاتحاد إنه سيوقف مساعدات التنمية ولن يدفع تمويلا لإعادة الإعمار إذا سحقت دمشق ومساندوها المعارضة السورية والمُعارضين المعتدلين واستعادت السيطرة الكاملة على البلاد وتجاهلت التمثيل السياسي للجماعات العرقية والطائفية المختلفة.

وقال دبلوماسي بارز من الاتحاد الأوروبي "لكن خلف هذا الخط هناك انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الأسد. البعض متشدد والبعض الآخر يريد التفكير فيما إذا كان بإمكاننا العمل معه بشكل من الأشكال."  وأضاف "الانقسام الداخلي في الاتحاد الأوروبي يضاف إلى انقسامات بين اللاعبين الكبار في هذه الحرب. هناك شعور باليأس لكن المجتمع الدولي لا يمكنه الاتفاق على كيفية إصلاح سوريا."

من جانبها، أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته من جنيف أمس أنَّ ضحايا هجوم في سوريا يشتبه في أنه نفذ بأسلحة كيماوية يوم الثلاثاء، ظهرت عليهم أعراض تماثل رد الفعل على استنشاق غاز أعصاب.

وقالت المنظمة في بيان "يبدو أن بعض الحالات ظهرت عليها مؤشرات إضافية تماثل التعرض لمواد كيماوية فسفورية عضوية وهي فئة من المواد الكيماوية التي تتضمن غاز الأعصاب." وقالت الولايات المتحدة إن الوفيات في الهجوم على محافظة إدلب سببها التعرض لغاز السارين وهو غاز أعصاب بعد أن أسقطته طائرات سورية.

وغاز السارين مركب يحتوي على الفسفور العضوي وهو غاز أعصاب، في حين أن غاز الخردل وغاز الكلور اللذين يعتقد أن النظام استخدمهما أيضا في السابق ليسا كذلك.

ولم يقل متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إن هذا المركب استخدم في الهجوم لكنه أشار إلى أن الجماعات المسلحة استخدمت الأسلحة الكيماوية ذاتها في العام الماضي.

وأضافت المنظمة في بيانها أنه من المرجح أن نوعا من المركبات الكيماوية استخدم في الهجوم لأن الضحايا لم يصابوا بجروح خارجية ظاهرة ولاقوا حتفهم جراء تلاحق سريع لأعراض مماثلة لأعراض غاز السارين تشمل ضيقا حادا في التنفس. وأشارت إلى أن خبراءها في تركيا يقدمون الإرشاد للعاملين في القطاع الصحي في إدلب بشأن تشخيص وعلاج المرضى. كما أرسلت أدوية مثل أتروبين، وهو ترياق لحالات التعرض لمركبات كيماوية، بالإضافة لمنشطات لعلاج الأعراض.

وكانت لجنة تحقيق في أوضاع حقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة في سوريا قالت في وقت سابق إن القوات الحكومية السورية استخدمت غاز الكلور القاتل في عدة مناسبات.  

وقتل مئات المدنيين في هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية لمدينة دمشق في أغسطس آب عام 2016. ونفت حكومة الأسد بشكل قاطع مسؤوليتها عن الهجوم. ووافقت سوريا على تدمير مخزونها من الأسلحة الكيماوية عام 2013 بموجب اتفاقية توسطت فيها موسكو وواشنطن.  وقال بيتر سلامة المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في البيان "هذه الأنواع من الأسلحة يحظرها القانون الدولي لأنها تمثل وحشية لا تغتفر."

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة