الصقر الأدهم.. رحلة الشتاء والصيف بين جبال سلطنة عمان إلى شجرة الباوباب العملاقة بمدغشقر

...
...
...
...
...
...
...
...
  • هينينج: أماكن التصوير شملت جزر الديمانيات وجزيرة الفحل والجبل الأخضر وجبل شمس وجبال نزوى والربع الخالي وصولا لمدغشقر
  • روبن: نجحنا في الحصول على 200 لقطة في الثانية داخل عش الأدهم

 

حوار – مدرين المكتومية

الفيلم الوثائقي "المهاجر.. الصقر الأدهم في سلطنة عمان" يوثق قصة حياة واحد من أبرز الصقور المهاجرة في السلطنة والذي يدعى بالصقر الأدهم، حيث يروي الفيلم هجرة هذا الطائر التي تبدأ من إفريقيا متجها الى أرخبيل الجزر العمانية "الديمانيات" وجزيرة "الفحل" ابتداءً من شهر مايو وحتى بداية شهر نوفمبر بغرض التكاثر على الشريط الساحلي من بحر عمان تحديدا، حيث يأتي الفيلم الذي يعرض في 60 دقيقة بأربع لغات وهي الإنجليزية والألمانية والفرنسية والعربية.

التقت "الرؤية" الألماني هينينج شوارز المنتج المنفذ للفيلم وروبن جان مصور الفيلم الرئيسي في حوار خاص حول تفاصيل هذا العمل المهم..

تحدث في البداية المنتج المنفذ قائلاً: بدأت الفكرة منذ زمن حين كنا نتحدث مع مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني حول الأفلام القصيرة التي يمكن تصويرها، عن المها العربية وغيرها من الكائنات الحية، ومن تلك الحوارات ولدت الفكرة التي بدأ العمل بها في تصوير الصقر من یونیو 2015 إلى یولیو 2016 وبدأ تحرير الفيلم في يوليو 2016 إلى يناير 2017 حيث كنا نحتاج إلى الكثير من الوقت للتعرّف على البيئة التي يعيش فيها الصقر الأدهم، ومن هنا بدأت الرحلة، التي كانت نتيجتها هذا الفيلم الوثائقي.

قسوة الظروف

يضيف: أبرز التحديات التي واجهتنا هي قسوة الظروف المناخيّة، والماء الذي يجب أن ننزل فيه لنحصل على لقطات، والذي لطالما يخيل إلينا أنّه غير عميق وبمجرد النزول إليه يصل إلى أكتافنا، وبالتالي كل ما في جيوبنا من هواتف وغيرها من الأجهزة تتعرض للتلف، بالإضافة إلى الكاميرات التي تحتاج إلى مراقب عن طريق المنظار ليمكن تشغيلها عن بعد، لأننا كنا في منطقة تخلو من الكهرباء، وكان ولابد من الحفاظ على عمل الكاميرات، فيظل أحدنا في الماء ليراقب عن بعد وجود الصقر ليتم تشغيلها بجهاز التحكم لتعمل في وجوده، وقد اعتمدنا في تصوير الفيلم على تكنولوجيا التحكم عن بعد التي مكنتنا من الحصول على صورٍ مميزة من على بعد بضعة سنتيمترات فقط، دونما إزعاج للصقر، وكان فريق التصوير مرافقاً للصقور خلال رحلتها حيث توقفت في إثيوبيا، ثم وصلت في نهاية المطاف إلى مدغشقر، وقد استعنا في تصوير الفيلم بالمصور "روبن يان" والذي يعد من أفضل من يعملون في تصوير أفلام الطبيعة والطيور والتي نالت أعماله الإشادة مرات عديدة على الصعيد الدولي.

 

أماكن التصوير

أضاف هينينج: تنوّعت أماكن التصوير لتشمل كلا من جزر الديمانيات وجزيرة الفحل والجبل الأخضر، وجبل شمس وجبال نزوى، والتصوير في الربع الخالي وصولا لمدغشقر، ومن ضمن المواقف التي حصلت، هو أننا عندما كنا نقوم بالتصوير عبر الكاميرا الطائرة وقعت في الأعلى مما اضطرنا للتفكير في أن يكون هناك متطوع منّا ليذهب لجلبها من الأعلى وفي حرارة مرتفعة بالإضافة إلى رمال لا يمكن تثبيت أقدامنا عليها، ولكن حبنا لما نفعله دفعنا للتحمل وأخذ الأمور ببساطة.

الطيور والبيئات

ويقول هينينج إنّهم اهتموا بتصوير أكثر من طائر وبيئة غير الصقر الأدهم، وذلك من أجل تعريف المشاهد بالبيئات والحياة التي تؤثر ويتأثر بها هذا الصقر، ويكمل بالقول: من المصادفات المؤلمة، أننا في الوقت الذي نقوم فيه بالحفاظ على هذا الطائر وتتبع حياته، كان بعض الأشخاص في مدغشقر يقومون باصطياد الصقر الأدهم ليقوموا بطهيه، الأمر الذي دفعنا لإخبارهم بأهمية هذا الطائر وضرورة الحفاظ عليه، وأننا هنا نتحمل كل التحديات والصعاب من أجله، وكان سكان مدغشقر يطلقون على الصقر الأدهم "الطائر الذي يجلب المطر" لأنه يأتي تزامنا مع موسم الأمطار، وما لا يعرفه الناس أنّ الصقر الأدهم يتخذ لنفسه عشاً عن طريق الحفر في الجبال وليس ببناء عش كما تفعل الطيور الأخرى.

وأضاف: سيتم عرض الفيلم على العديد من القنوات والفضائيات، وسيكون متاحا للعرض في قنوات عالمية، كما أننا نعمل جاهدين للمشاركة به في العديد من المهرجانات السينمائية للأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى أننا نخطط لعرضه في دور السينما وإقامة بعض الفعاليات الترويجية له، هذا ويضم التعريف بالفيلم كتيبا تعليميا للأطفال يروي حياة الصقر الأدهم بطريقة مشوّقة تجذب اهتمام الطفل لفهم تفاصيل حياته.

التصوير والكاميرات

من جانبه قال روبن جان مصور الفيلم الرئيسي: حدث ولأول مرة أننا قمنا بالتقاط 200 لقطة في الثانية من داخل عش الصقر الأدهم وكانت هذه من أكثر الأشياء التي جعلتني في غاية السعادة، وقد قمنا باستخدام 7 أنواع من الكاميرات التي تختص بتصوير جزء معين من حياة الصقر الأدهم، وهناك الكثير من اللقطات التي حصلنا عليها في الليل وكانت عن طريق وجود إضاءة خفيفة، ونحن محظوظون لأننا استطعنا الحصول على الكثير من اللقطات بهذه الطريقة، ومن الأمثلة على ذلك تصوير الصقر الأدهم من على تاج شجرة الباوباب العملاقة على الساحل الغربي لمدغشقر، ومن المواقف التي جعلتنا نشعر بأننا أصبحنا جزءا من حياة الصقر الأدهم هو أنّ الصغار بدأوا باعتلاء كاميرات التصوير غير مكترثين بها هو ما جعلنا نتأكد أننا لم نكن دخلاء على بيئتها، وعلى سبيل الطُّرفة حدث أن قامت بعض الصقور بتحريك وإمالة الكاميرا الأمر الذي شكل تفاعلا مميزا وأكسبنا لقطات أثرت في محتوى الفيلم.

الحياة البرية والطبيعية

وقد أكدا على أنّ أحدث الدراسات أظهرت أنّ عدد الصقور في العالم يتناقص بشكل كبير، ويعيش 10% من هذه الطيور على الجزر والمنحدرات في سلطنة عمان، وفي الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية ويظهر الفيلم الحياة البرية والطبيعة والمعالم المختلفة خلال رحلته الطويلة، وتعد سلطنة عمان موطنا هاما للصقر في فترة حساسة من دورة حياته، وهي دورة التكاثر. ولأن الفيلم هو فيلم وثائقي لذلك لا يتضمن عرض حياة الصقور فقط، وإنّما أيضًا اندماجها في البيئة وبالتالي فإنّ معدات المصورين تشمل أدوات الغوص المناسبة من أجل التقاط تفاصيل تحت الماء، إضافة إلى الاهتمام بمصدر الغذاء، خاصة وأنّ الصقور نفسها تتغذى على الطيور المهاجرة، وقد قام العلماء العمانيون بتجهيز بعض الصقور باستخدام أجهزة إرسال نظام تحديد المواقع العالمي، وبالتالي تمكنوا من متابعة هجرتهم في شبه الجزيرة العربية، التي تبدأ بالجبال الوعرة والربع الخالي؛ لتصل أخيرًا عبر شرق إفريقيا إلى مدغشقر.

 

مشروع مسح الصقر الأدهم

 

يتكاثر الصقر الأدهم (فالكو كونكولار) على الجزر والجروف الساحلية المطلة على بحر عمان، وتشير الدراسات التي أجريت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي إلى أن 10% من تعداد هذه الصقور على الصعيد العالمي ولدت في عمان.

كما تؤكّد الدراسات الحديثة أنّ تعداد هذه الصقور حول العالم قد انخفض بنسبة ۱٥% منذ ذلك الحين. في عام ۲۰۰٧ شرع مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني وبالتعاون مع المنظمات المحلية والدولية المتخصصة في هذ المجال بدراسة وتقصي حياة هذا الطائر.

الهدف من هذا المشروع جمع المعلومات البيئية عن الصقر الأدهم والتي يمكن استخدامها لوضع الخطط والبرامج للحفاظ وحماية هذا الطائر، وتشتمل المعلومات على أعدادها، التكاثر والنظام الغذائي. ومنذ عام ۲۰۱۲م هناك تعاون مشترك مع عدد من المنظمات الدولية والمحلية من أجل تكثيف وتوحيد الجهود لحماية الصقر الأدهم. حيث إن هذه الجهود المبذولة والتعاون المشترك أثمرت تقاربا بين الباحثين العمانيين والمختصين من دول الجوار والتي تشارك في جهود المحافظة على الصقر الأدهم، وكذلك مع الدول التي تقضي فيها الصقور مواسم الهجرة على سبيل المثال جمهورية مدغشقر.

أحدث تقنيات التصوير المستخدمة في هذا الفيلم وفّرت لقطات مميزة فريدة من نوعها في دورة حياة هذا الطائر المهاجر مثل مرحلة التزاوج والتكاثر، مرحلة نمو الصيصان ومن بعدها رحلة الطيران والهجرة الأولى عبر المناظر الطبيعية الخلابة من عمان إلى شرق إفريقيا وصولا إلى الوجهة النهائية "جمهورية مدغشقر".

 

 

 

مشاهدون: من أهم الأفلام الوثائقية.. وحجم الجهود واضحة في كل اللقطات

 

مسقط - الرؤية

في البداية قال الكاتب الصحفي يوسف بن علي البلوشي: شهدت حفل تدشين فيلم "المهاجر.. الصقر الأدهم في سلطنة عمان" في الاحتفال الذي رعاه معالي السيّد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني.. وهو من أهم الأفلام الوثائقية التي يبدو فيها حجم الجهد والعناء والدقة والاحتراف، فقد اختزل في مدة عرضه رحلة طويلة وشاقة ومرهقة للأدهم في السلطنة بين جزر السلطنة وصحاريها وتتبعه إلى بعض دول إفريقيا، كل ذلك يبرهن على مدى الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطنة؛ خاصة وأنها موئل أندر الطيور لاسيما الصقور والحيوانات البحرية وغيرها.

ويوجّه البلوشي الشكر إلى طاقم العمل في الفيلم ويقول أنّهم بذلوا جهوداً كبيرة حتى يخرج العمل بهذه الصورة المشرفة، واللقطات المختلفة تؤكد مدى المعاناة التي مروا بها لدراسة أحوال هذا الطائر، وأيضا تتبعه ومدى المسافة التي قطعوها لأجل توثيق حياة الأدهم وتزاوجه في جزر عمان.

وأضاف: بيّن روبن جان، وسارج هيربورت مصور الفيلم، وطاقم العمل البحثي في مكتب حفظ البيئة الإخلاص الواضح والحرص على إبراز كافة التفاصيل المتعلقة بالطائر والتي بدت واضحة لمن شاهد الفيلم، إضافة إلى كميّة البيانات الصادرة والمعلومات البيئية التي توفرت عن الصقر الأدهم، ومدى التعاون مع المنظمات المحلية والدولية المتخصصة في هذ المجال لدراسة وتقصي حياة هذا الطائر أبرز حجم المشروع الذي يعزز التوعية للعناية بهذه الطيور الفريدة.

وأوضح أنّ الفيلم كان إنجازاً اعتمد على العمل المشترك مع العلماء والباحثين من مكتب حفظ البيئة في البحث والتقصي وكذلك أنشطة الحفاظ على الصقر الأدهم في عمان ومدغشقر، حيث تم استخدام أحدث تقنيات التصوير التي وفرت لقطات فريدة من نوعها في دورة حياة الادهم، عبر المناظر الطبيعية الخلابة من عمان إلى شرق إفريقيا وصولا إلى الوجهة النهائية في مدغشقر.

في حين قال طلال بن محمد المعمري - رئيس القسم الثقافي بوكالة الأنباء العمانية: أعجبني الفيلم كثيرا و اعتقد أنه سيحقق فائدة عظيمة تتعدى كونه فيلما وثائقيا عادياً يرصد مراحل حياة الصقر الأدهم ويسرد معلومات عنه إنما تعدى ذلك إلى عملية إعادة تقديم نتائج الدراسات والأبحاث التي أجريت على الطائر والمعلومات التي تم تجميعها عنه بعد تتبعه في عدة دول في شكل فيلم وثائقي يعتمد على الصوت والصورة واللغة المبسطة بحيث يتناسب مع جميع فئات المتلقين، واعتقد أن إنتاج الفيلم أيضا بأربع لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية سيساعد على سرعة انتشاره وزيادة الطلب عليه في القنوات الوثائقية نظرا لحداثة المعلومات التي يقدمها.

تعليق عبر الفيس بوك