تثميناً لجهودهم في المشروع.. "الوثائق والمحفوظات" تكرم رواة التاريخ الشفهي غداً

 

مسقط - العُمانيَّة
تُكِّرم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، غداً الأربعاء، الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفهي، تحت رعاية معالي الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني مستشار الدولة، وبحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس الهيئة، بفندق جراند هرمز؛ احتفاء بالذين سجلوا روايتهم الشفهية عبر المقابلات الشخصية التي أجراها فريق عمل "مشروع التاريخ الشفهي" بالهيئة لعدد من أصحاب الفكر والتجربة والمحفوظات الوطنية وتثمينا لجهودهم. وكانت الهيئة قد احتفت بالدفعة الأولى في يونيو من العام 2015.
ويشتمل برنامج حفل تكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفهي على كلمة لسعادة الدكتور رئيس الهيئة، وكلمة للرواة، وعرض فيلم قصير حول التاريخ الشفهي "لكل زمان حكاية". كما سيتم عرض 3 أفلام حول الرواة الذين تم التسجيل معهم لتوثيق التاريخ الشفهي.
وقال الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي مدير دائرة البحوث والدراسات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومشرف "مشروع التاريخ الشفهي" -لوكالة الأنباء العمانية- إنَّ اهتمام الهيئة بهذا المشروع يأتي ايمانا منها بأهمية توثيق تاريخ عُمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفهية، وهو إضافة جديدة ومركز اشعاع مهم للمعرفة البحثية، ويعد من الركائز الأساسية في توجه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن، ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد، من خلال اجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع اصحاب الفكرة والتجربة اليومية.
وأضاف الخروصي بأنَّ هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية قد أطلقت في العام 2012 مشروع توثيق تاريخ السلطنة الشفهي (المروي) الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة سعيًا منها في حفظ هذا التاريخ حيث تم تشكيل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفهي ومجهز بكل الأدوات الفنية والتقنية التي يحتاجها العمل، وأنشأت الهيئة في مقرها من أجل هذا المشروع أستوديو مخصصا لإجراء المقابلات والحوارات والبث الحي ومجهز بأحدث الأجهزة والأدوات والتقنيات المتطورة في عالم التسجيل والتصوير.
وأوضح أن العمل في مشروع التاريخ الشفهي سينتج عنه وثائق وملفات، تستدعي أنْ يكون تصنيفها وفق نظام إدارة الوثائق الذي تضطلع به الهيئة، ولكي يتم التعامل بكل سهولة ويسر مع المواد العلمية والتسجيلات والمقابلات، وكذلك سهولة الرجوع إليها من قبل العاملين بالمشروع أو حتى الباحثين مستقبلا، فالمشروع بحاجة إلى مراعاة عدة قواعد؛ أهمها: تصنيف المقابلات بما يتلاءم مع المضمون والمحتوى اجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، واقتصاديا، وعسكريا، واداريا، وفنيا، وغيرها، وتفريغ المعلومات (المقابلات) من الصيغ الرقمية إلى مادة كتابية مطبوعة، وكذلك مراجعة المادة المفرغة وتقييمها -لغويا وعلميا- من قبل لجنة مختصة، أو باحثين مؤهلين للتعامل مع نصوص المقابلات والحوارات الشفهية، أيضا التأكد من سلامة الأجهزة المستخدمة في المقابلات، والتأكد من نقل المقابلات من أجهزة المتعاونين إلى أجهزة الهيئة، لضمان سريتها وعدم تسربها إلى خارج الهيئة، وتهيئة الأماكن المناسبة لإدخال البيانات وإجراء عمليات التفريغ، وإعداد جداول مدد استبقاء للمقابلات لضمان إتاحتها للجمهور بعد خضوعها لمراحل التدقيق والتحليل وفق قانون الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عمان. وأضاف بأنَّ من القواعد أيضا عدم عرض المادة العلمية المستخلصة من المقابلات إلا بعد التأكد من سلامتها وجودتها وبُعدها عن كل ما يثير بواعث الخلاف، أو يسيء إلى الآخرين؛ سواء كانوا أفرادا أو جماعات، أو الإساءة إلى العادات والتقاليد، أو جانب من الجوانب الحياتية. وقال إنَّ اختراع الطباعة والتطور التقني لم يكن يغني عن التواصل الشفهي؛ فالكلمة لا تزال وستظل الوسيلة الأسهل والأكثر فاعلية في نقل المعارف والأخبار والأفكار، وهناك الكثيرون لا يُقدرون قيمة التاريخ الشفهي؛ فعندما نتحدث عن التاريخ، يجول بخاطرنا التاريخ المكتوب، وتلوح بين ناظرينا الكتب والمؤلفات والوثائق والمجلدات والأوراق، ويتم استبعاد الوثائق الشفهية.
وأشار إلى أنَّ "التاريخ من حولنا، نجده بيننا أو في مجتمعنا، وحتى بين أسرنا، نجده في تلك الذكريات التي لا تزال بيننا، من خلال الأشخاص سواءً كبار السن، أو أصحاب التجارب والخبرات، فعندما نتحاور مع شخص من هؤلاء، فيمكن للباحث أنْ يصدر كتاباً من خلال سماعه أو نقله لمقابلة أو تجربة إنسانية وقف عليها وتحاور مع من كان فاعلاً فيها وشاهداً لها".
يُذكر أنَّ وزارة التراث والثقافة عملت أيضا خلال السنوات الماضية على تنفيذ مجموعة من البرامج لجمع التاريخ المروي العُماني في مجال توثيق مختلف الموروثات الشعبية العمانية كالفنون الشعبية والعادات والتقاليد والاحتفالات المختلفة للمناسبات الاجتماعية والدينية والوطنية، إضافة إلى الحرف والصناعات التقليدية والعمارة العمانية.
ومن الجدير بالإشارة أنَّ التاريخ الشفهي يتيح للمؤرخ توسيع مجال البحث ودراسة الماضي من خلال ذاكرة منطوقة قوامها روايات الأفراد واستحضاراتهم عن حيواتهم وخبراتهم ومشاهداتهم، لا سيما تلك التي شاركوا فيها وكانوا صانعي أحداث أو قريبين منها أو معاصرين لفترة زمنية محددة ولم تجد هذه المعلومات والمعارف طريقا إلى التدوين والتوثيق والكتابة.
ويُمثِّل التاريخ الشفهي في السلطنة -الذي تعمل على استقصائه حاليا هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية- مصدرا لكثير من المعلومات والمعارف التي تتناقلها الأجيال وترويها الشخصيات المعاصرة للمشاهد والأحداث، وتسعى الهيئة لحفظ جانب من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشرية وتحتفظ به ذاكرة العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في تلك المجالات..وغيرها، أو من الذين عاصروا التطور الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

تعليق عبر الفيس بوك