الحاجة إلى صحافة فنية متخصصة

مدرين المكتومية

تتَّجه صناعة الصحافة في الآونة الأخيرة وبقوة نحو الصحافة المُتخصصة، والتي تحظى الصحافة الفنية منها بنصيب وافر من الاهتمام، ويمكننا التأكد من ذلك إذا تابعنا مدى الإقبال الكبير على الأخبار الفنية في وسائل الإعلام المختلفة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ما يخص الفن والفنانين وأخبارهم وصورهم بل ومساهمات هؤلاء الفنانين بالرأي والصورة على مواقع التواصل المختلفة.

ورغم كل ذلك فنحن وللأسف الشديد نفتقر للصحافة الفنية التي تعرف على أنها فرع هام من فروع الصحافة، يهتم بتقديم تقارير عن الفنون ويتناولها بالنقاش كالأفلام والأدب والموسيقى والمسرح وغيرها من الفنون الأخرى التي يبحث عنها المهتمون في مثل هذه المجالات التي أعتقد أنّها الجزء الأهم والمُتابع من قبل شرائح المجتمع.

ومن هُنا لا يُمكننا أن نتجاهل الدور الذي تلعبه الصحافة الفنية المُتخصصة في العمل على تقديم وجبة دسمة للمتابع والراصد لمُختلف الفنون التي يمكنها أن تعمل جنباً إلى جنب مع بقية الفنون الصحفية الأخرى، خاصة وأن الصحافة الفنية تلعب دورا كبيرا في الكشف عن الإبداع وإعطاء الفرص للكثير من القائمين على العمل في المجال الفني، فمثل هذه الصحافة يمكنها أن تخلق متخصصين ومحللين وناقدين يمكنهم النهوض بثقافة المجتمع.

ولو تحدثنا قليلاً عن أنفسنا لوجدنا أننا لولا وجود بعض الملاحق المتخصصة في مجال الثقافة والتحليل وبعض الصفحات الفنية التي تكاد تكون أخبارية أكثر منها تحليلية سنجد أنفسنا فعلا بحاجة ماسة لمثل هذا الفرع من الصحافة، خاصة وأننا شهدنا ولادة الكثير من المرافق الثقافية المختلفة والتي تحتاج إلى دعم وتخصص في الطرح والمتابعة، كما أنَّ لدينا ثروة من الوجوه الثقافية التي تحتاج إلى دعم وتقديم للمتابع ومع احترامي الشديد لكل ما يُقدم حتى الآن إلا أننا ما زلنا ننشد قيام مثل هذه الصحافة، ونتمنى أن نشهد ولادة صحف ومجلات ثقافية تهتم بالشأن الثقافي غير تابعة لأي مؤسسة ثقافية مُعينة حتى لا يكون الهدف منها هو إبراز الجانب الخاص فقط بالمؤسسة وإنما تكون هناك صحافة خاصة مؤسسة تشمل مختلف القضايا الثقافية، تبدأ من الخبر وتنتهي بالعمود الصحفي لتكون خلاصة التجربة الفنية لأي محرر متخصص في المجال ويمكن لمثل هذه الصحافة رفد الإعلام المرئي والمسموع لتكون هناك برامج تهتم بشكل عام بالفنان على اختلاف اهتماماته، بدءًا بما يرتديه وانتهاء بما سيُقدِّمه.

ومن وجهة نظري أعتقد أننا بحاجة إلى صحافة فنية بعيدة عن المعايير التي تتعامل معها مختلف المجالات الصحفية الأخرى، حتى لا يتم تكبيلها، فهي في النهاية تعد خلاصة فكر ورأي وتحليل مُعين، لا يُمكن أن تقتصر على تلك المساحة الممنوحة للخبر فقط، بل تتحول إلى جزء من التطبيق العلمي في الكليات والجامعات ويمكن أن تكون منهجاً للتدريس، وعليه يجب أن تهتم الجهات المعنية بأن تقدم فرصاً تدريبية لكل المُهتمين بأي فن من الفنون بدءًا من الموسيقى وانتهاء بالمسرح وذلك بمشاركة بيوت خبرة بحيث يخرج الدارس من الإطار التقليدي للصحافة إلى فضاءات أرحب.

[email protected]