الموصل والمعركة الحاسمة

 

 

تواصل القوات العراقية تقدمها في مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرة تنظيم "داعش" المتطرف، وتكشف الأنباء الواردة من العراق أنّ التنظيم المتطرف يتقهقر أمام ذلك التقدم، إلا أنّ التقارير التي تتحدث عن نحو 600 ألف مدني محاصرين تحت قبضة عناصر التنظيم، تؤكّد مدى الحاجة إلى توخي الحذر مع اقتحام المدينة، لتفادي سقوط المزيد من المدنيين في هذه الحرب الدائرة.

واقتربت القوات أمس من جامع النوري المعروف باسم جامع الموصل الكبير، في خطوة تعكس المكاسب الاستراتجية التي حققتها هذه القوات، بما يؤذن بتحرير كامل للأراضي العراقية من هذا التنظيم.

ومع استمرار المعارك في الموصل بين القوات العراقية وعناصر داعش للشهر السادس على التوالي، نجحت القوات العراقية في استعادة مساحات كبيرة من المدينة، بدعم أمريكي؛ حيث تقدم الولايات المتحدة الاستشارات العسكرية للجيش العراقي، علاوة على القصف الذي تشنه الطائرات الأمريكية.

ومن شأن سيطرة القوات العراقية على الجامع الكبير، أن يمثل ضربة قاسية ضد التنظيم المتشدد، نظرا لأنه الجامع الذي أعلن منه زعيم ذلك التنظيم قيام ما يزعم أنها "دولة خلافة"، الأمر الذي سيقود لسلسلة من الانتصارات.

معركة الموصل حاسمة لأنّها تحمل رمزية كبيرة، باعتبارها المدينة الأكبر الخاضعة تحت سيطرة داعش، وفي حالة طرد عناصر التنظيم منها ستنقلب موازين الصراع في هذه البقعة، وينعكس أيضًا على القتال الدائر في مدينة الرقة وغيرها من المدن السورية، التي تمتد سيطرة التنظيم إليها.

لكن مؤشرات عديدة تؤكد انحسار هذه السيطرة، ففي الوقت الذي تقاتل فيه القوات الوطنية في العراق وسوريا، يلجأ التنظيم إلى أسلوب إرهابي يعكس مدى الضعف الذي يمر به، حيث يطلق قذائف المورتر ويفخخ السيّارات في أكثر من موقع، وهي عمليات تعتمد أسلوب الكر والفر.

المعلومات التي يكشف عنها السكان الفارين من أتون المعارك في الموصل، تؤكّد مدى بشاعة هذا التنظيم ومخالفته لأية مواثيق أو أعراف أو ضوابط أخلاقيّة، في ظل ما يمارسه من تجويع وقتل لأبناء الشعب العراقي. لذلك أطلقت منظمات الإغاثة الدولية وجمعيّات تقديم العون والغذاء تحذيرات عدة من مغبة ترك هؤلاء السكان تحت رحمة التنظيم المتطرف، وكذلك ضرورة توخي الدقة خلال عمليات المداهمة والقتال.

إنّ المطلوب في الوقت الحالي هو حشد الجهود والدعم الدولي لهذه المعركة الفاصلة، لوقف نزيف الدم المنهمر في بلاد الرافدين، ووضع حد لبطش ذلك التنظيم الإرهابي.

تعليق عبر الفيس بوك