النادي الثقافي يناقش الأدب العماني المكتوب بالسواحيلية

 

 

مسقط – الرؤية

يقيم النادي الثقافي في السادسة من مساء غد الثلاثاء ندوة حول الأدب العماني المكتوب بالسواحيلية في مقر النادي بالقرم بمشاركة عدد من المهتمين والباحثين من داخل السلطنة وخارجها ممن لهم إسهامات بارزة في هذا المجال.

حيث يشارك في الندوة الدكتور عيسى الحاج زيدي عميد كلية اللغة السواحيلية واللغات الأجنبية بجامعة زنجبار، وقد أصدر خمسة كتب منها: اللغة العربية في زنجبار: تاريخها وانتشارها وطرق تدريسها، وتنظيم الأسرة في الإسلام (باللغة السواحلية)، ودور العمانيين في النهوض بالزراعة في زنجبار والنتائج السياسية والاقتصادية والثقافية بين 1832 - 1963 (باللغة العربية).

سوف تحمل ورقة الدكتور عيسى عنوان "دور الأدب السواحلي في تسجيل الأحداث التاريخية في عهد السلاطين العمانيين في زنجبار(1832-1963)". وسيركز فيها على احتكاك العمانيين والسواحليين واختلاطهم عبر العصور في مناطق سواحل شرق إفريقيا، الأمر الذي ترك أثرا كبيرا من الناحية الإنثروبولوجية، والبيولوجية، والثقافية، والحضارية واللغوية.

وبناءً على واقع أنّ المجتمع الزنجباري الذي كان للعرب العمانيين دورا بارزا فيه في الحكم والتجارة والزارعة؛ فكان من المتوقع أن تتواجد الكثير من المذكرات أو التسجيلات أو المجلدات الأدبية نثرية كانت أو شعرية التي تتناول الوقائع والأحداث التاريخية العمانية التي حدثت في زنجبار وعمان خلال الفترة التي تهتم بها هذه الورقة. وهذا ما جعل الأديب والمؤرخ الشيخ عبد الله صالح الفارسي يقرركتابة تاريخ سلاطين البوسعيديين في زنجبار. وفيما يتعلق بسِيَر هؤلاء السلاطين فقد ذكر أنه وجد كُتيبين صغيرين أحدهما للشيخ ناصر بن سالم الرويحي يتناول سفر السيد حمود إلى لاموا، و الآخر للشيخ زاهر بن سعيد يوضح رحلة السيد برغش إلى أروبا. وبالرغم من أن كتاب الشيخ الفارسي هذا لا يعتبر كتاب أدب بالمعنى المعروف حاليا، إلا أن بعض الأبيات الشعرية التي ذكرها الشيخ تجعل الكتاب مرجعا سواحيليا مهما يتناول الأدب العماني باللغة السواحيلية. ونظراً لثراء هذه المادة سيعتمد الدكتور عيسى على كتاب الشيخ الفارسي المذكور وخاصة قصائده الشعرية؛ كما سيعتمد على نسخ من صحيفة المعرفة (السواحيلية) التي كُتبت في الخمسينيات من القرن العشرين والموجودة في دار الوثائق الوطنية في زنجبار والتي اكتظت بالشعر القصصي والملحمي للسلاطين العمانيين في زنجبار، وخاصة السيد خليفة بن حارب.

كما سيشارك في الندوة أيضا الصحفي والشاعر محمد خليف الغساني المقيم في بون بألمانيا وذلك بورقة عنوانها "المساهمة العمانية في الشعر السواحيلي: قصة سرحاني وكمانجي. ويشير فيها إلى ثلاث حقائق سيتطرق لها بالتفصيل، أولها أنّ الأدب العماني هو في حد ذاته جزء لا يتجزأ من الأدب العربي، ثانيا أنّ وجود العرب بشكل عام، والعمانيين، على وجه الخصوص، في السواحل السواحلية في شرق أفريقيا منذ قرون عديدة قبل مجيء الأوروبيين وحتى قبل العديد من القبائل الأفريقية التي جعلت السواحل موطنا لهم. وثالثا حقيقة أن العديد من الشعراء السواحليين من أصول عمانية أو لهم جذور عربية. ومن هؤلاء عمر بن أمين الأهدل (1790 - 1870) الذي كتب منظومة الدرة، التي أصبحت فيما بعد أسلوب شعريا بحد ذاته؛ وعبد الله بن علي بن ناصر (1720 - 1820)، والشيخ أحمد النبهاني، ورقية بنت فاضل البكري (1892 - 1968)، وغيرهم.  كل هؤلاء الشعراء السواحليين من أصول عربية وعمانية، ساهموا بقدر كبير في التعرف على الأدب السواحيلي، وبسببهم أصبح للشعر السواحيلي مكانته اليوم.

أمّا ورقة الدكتورة آسية البوعلي، مستشار أول للعلوم الثقافية بمجلس البحث العلمي فستكون بعنوان "إشكاليات السرد في كتاب صانعة الفخار تدخل القصر: سيتي بنت سعد؛ ملكة الطرب" حيث تقول د. آسية البوعلي: إنّ نماذج الأجناس الأدبية بشقيها النثري والشعري المكتوبة باللغة السواحلية لكُتاب من أصول عُمانية، متوفرة في مكتبات زنجبار ومن المؤكد في خارجها. إلا أنّ أهمية هذا المحور من الندوة لا تكمن في طرح الأجناس الأدبية فحسب، إذ من المتوقع أن تتوفر هذه الأجناس أو بعضها في الأدب السواحيلي المدون بأقلام عُمانية، لأنّ المهجر العُماني بشرق أفريقيا استتبع باستيطان قارب القرنين من الزمان، لذا فإنّ المحور يتجاوز مجرد ذكر تلك الأجناس إلى ما هو أعمق متمثلا في ضرورة استقصاء تلك الأجناس وتتبعها وجمعها، وتصنيفها كورنولوجيًا، ثم تمحيصها بدراسات نقدية وموضوعية.

من هذا المنطلق فإنّ ورقة الدكتورة آسية البحثية هي محاولة تمهيدية لطرح مجموعة من الإشكالات إزاء كتاب من الحجم الصغير ينتمي في موضوعه إلى فن السيرة؛ تحديدًا سيرة الآخر. والكتاب الذي يقع في 91 صفحة، تعرض فيه صاحبته سيرة ملكة الطرب في زنجبار منذ مولدها في القرن التاسع عشر (بدون تحديد دقيق لتاريخ الميلاد) إلى وفاتها في عام 1950م. متضمنًا بعض الصور الفتوغرافية كنوع من التوثيق، فضلاً عن مقاطع من أغاني ملكة الطرب مع الشرح لمعانيها. إنّ إشكاليات السرد تشكل مجموعة من الأسئلة منها: هل بالفعل الكتاب ينتمي إلى جنس السيرة من أجناس الأدب؟ أم أنّه لا يتعدى كونه نوعا من الاجتهاد الذاتي في تدوين تاريخ الطرب في زنجبار عبر شخصية بعينها؟ أم هو نوع من الطرح الأدبي الذي يجمع بين فنين: السيرة والسرد القصصي؟ ولئن كان الكتاب يُعرِّف القارئ على بعض المقتطفات من حياة سيتي بنت سعد؛ ملكة الطرب في زنجبار، إلا أنّ إشكاليات سرده تجعله يقف إزاء طرح تلك التساؤلات، فضلاً عن أخرى.

تعليق عبر الفيس بوك