خبراء: أعضاء "الشورى" مطالبون بتفعيل الصلاحيات البرلمانية لتعزيز الجوانب الرقابية والإسهام بقوة في مسيرة التنمية

 

المسكري: نتطلع لاختصاصات حقيقية كاملة للمجلس ترسخ لدولة المؤسسات

النوفلي: أداء بعض الأعضاء وعدم ممارسة صلاحياتهم، يصيب الناخبين بخيبة أمل في مسألة ترشيحهم

العبري: الدور الإيجابي للمجلس ليس فقط الملاحقة وإنّما العمل لإقناع الحكومة لسحب الثقة من هذا المسؤول واستبداله وفقا للقانون

الفطيسي: لا بد للأعضاء أن يبذلوا مزيدًا من الجهد والعمل البرلماني الذي من شأنه أن يخدم المواطنين

 

مسقط - الرؤية

أكّد عدد من القانونيين أنّ الصلاحيّات التي ضمنها النظام الأساسي لأعضاء مجلس الشورى يجب أن تستخدم بالصورة الصحيحة من أجل تلبية احتياجات المواطنين خاصة وأن الصلاحيات تتضمن استجواب وزراء الخدمات، وأن للمجلس اختصاصات تشريعية واضحة في المادة ٥٨ مكرر (٣٥ - ٣٨) من النظام الأساسي للدولة، وأن هذه الاختصاصات كافية للمرحلة الحالية وهي بحاجة إلى مزيد من التفعيل من قبل مجلس عمان وإلى تنسيق أكثر مع الحكومة، وأن المجلس أصبح حاليا يقوم بوظائف محددة وفقا لنظامه الأساسي، من بينها مشاريع القوانين المستعجلة والتي تطلبها جهات مدنية ذات صبغة عاجلة حيث أقر التعديل الجديد الحق للمجلس في مناقشة مشاريع القوانين التي لها صفة الاستعجال والتي يحيلها إليه مجلس الوزراء.

وطالبوا أعضاء مجلس الشورى باستخدام الصلاحيات الممنوحة لهم بموجب النظام الأساسي، باعتبار أن الأعضاء يمثلون المجتمع ويتحدثون بلسانه، خاصة وأنّ الاختصاصات الممنوحة للمجلس لا تزال محل تجربة ويغلب عليها الحذر الشديد.

الرؤية - محمد قنات

 

قال دكتور صالح المسكري الخبير في القانون الدستوري إنّ الاختصاصات المُسلم بها للمجالس النيابية في العالم هي التشريعية والمالية والرقابية هذه الاختصاصات الثلاثة هي التي تضفي على الهيئة البرلمانية صفة البرلمان الذي ينوب عن الشعب في إدارته لشؤون البلاد، وإذا فقد البرلمان أيّاً من هذه الاختصاصات الثلاثة فإنّه لا يكون نيابياً بل يكون أقرب إلى وصفه بالمجلس الاستشاري، وفي العادة لا تكون توصيات المجلس الاستشارية ملزمة للحكومة بقدر ما تكون للمساعدة في دعم القرار السياسي، وإذا نظرنا إلى اختصاصات مجلس عمان الدولة والشورى من خلال النظام الأساسي للدولة فسنجد أنّ للمجلس اختصاصات تشريعية واضحة في المادة ٥٨ مكرر (٣٥ - ٣٨) من النظام الأساسي للدولة، وأن هذه الاختصاصات كافية للمرحلة الحالية وهي بحاجة إلى مزيد من التفعيل من قبل مجلس عمان وإلى تنسيق وتعاون أكثر مع الحكومة، بحيث لا تتعطل مشاريع القوانين لفترات طويلة في إدراج الحكومة ولا يوجد هناك ما يلزمها بالبت في مشاريع هذه القوانين كما هو الحال بالنسبة لمجلسي الدولة والشورى حيث ألزمهما النظام الأساسي بالبت في مشاريع القوانين في فترات لا تزيد عن أربعة أشهر ونصف في الأحوال الطبيعية للمجلسين وشهر ونصف في الأحوال التي لها صفة الاستعجال، في حين لا توجد مثل هذه المدد الزمنية بالنسبة للحكومة .

وأضاف أنّ الاختصاص الأساسي الثاني هو الاختصاص المالي وحسب المادة ٥٨ مكرر ٤٠ تحال مشروعات الخطط التنموية والموازنات العامة إلى مجلس الشورى لإبداء توصياته خلال شهر ثم يحيلها لمجلس الدولة لمناقشتها خلال خمسة عشر يوما ليعيدها إلى مجلس الوزراء مشفوعة بتوصيات المجلسين للاسترشاد بها فقط حيث يقوم مجلس الوزراء بإخطار المجلسين بعد ذلك بما لم يتم الأخذ به من توصياتهما مع توضيح الأسباب، أما بالنسبة للاختصاص الثالث فهو الاختصاص الرقابي فقد منح لمجلس الشورى دون مجلس الدولة وحسب المادة ٥٨ مكرر ٤١ تحال مشروعات الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية إلى مجلس الشورى لتقديم مرئياته وعرض ما يتوصل إليه على مجلس الوزراء مباشرة دون المرور بمجلس الدولة، كما أنّ المادة ٥٨ مكرر ٤٣ أجازت لأعضاء مجلس الشورى استجواب وزراء الخدمات فقط دون غيرهم من وزراء الحقائب السيادية المهمة في البلاد وبشرط أن يكون طلب الاستجواب موقعاً من قبل خمسة عشر عضواً على الأقل، وهذا اختصاص لا يزال بعيد المنال عن تفعيل مجلس الشورى في المرحلة الحالية، وهو أشبه بالرقابة على دستورية القوانين التي رسخها النظام الأساسي للدولة، وأكدت عليها قوانين السلطة القضائية منذ ما يقارب عشرين عاماً لكنها حتى اليوم لم تُفعّل، ولا يوجد ما يبشر بتفعيل الرقابة على المستوى المنظور وهذا مما يؤسف له حقيقة لأنّه يقلل من مكانة الدولة القانونية ودولة المؤسسات في عمان، ويضعف من مكانة النظام الأساسي وسمو الدستور .

وخلاصة ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن أنّ الاختصاصات الممنوحة لمجلس عمان لا تزال محل تجربة ويغلب عليها الحذر الشديد، ونرجو أن تتمكن من عبور هذه المرحلة والوصول إلى الهدف المنشود وإلى اختصاصات حقيقية كاملة ترسّخ لدولة المؤسسات وتشارك الحكومة في أعمالها وتحاسبها على إخفاقها وعلى الأخطاء التي قد تقع فيها.

وأوضح محمد بن سعيد الفطيسي باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية رئيس تحرير مجلة السياسي- المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية- أن مجلس الشورى كان استشارياً في 1981 حيث صدر مرسوم سلطاني عام 1991 وتم تغييره إلى مجلس الشورى وأعطى صلاحيات جديدة من بينها استجواب وزراء الخدمات مما أعطى المجلس قوة ومكانة في هذا الجانب، وأنّ صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله وأبقاه- عمل على إعطاء المجلس هذه الصلاحيات حتى يقوم بعمله ويمارس حقوقه التشريعية والرقابية.

وتابع أن مجلس الشورى له صلاحيات وحدود معينة حسب النظام الأساسي ولا يستطيع أن يخرج من هذا الأمر ولابد للمجتمع أن يقدر هذه الحدود والصلاحيات ولابد للأعضاء أن يبذلوا مزيدا من الجهد والعمل البرلماني الذي من شأنه أن يخدم المواطنين وأن يطالبوا بحقوق المواطنين لأنهم يعتمدون على الأعضاء في تحقيق كثير من المطالب الخدمية التي يحتاجونها إلى جانب أنّ النواب مطالبون بمزيد من الجراءة والشجاعة فيما يتعلق بممارسة تطبيق العمل البرلماني واستخلاص الصلاحيات الممنوحة في النظام الأساسي طالما أن الصلاحيات الممنوحة تصل إلى استجواب وزراء الخدمات.

وقال القانوني جمال النوفلي إنّ مجلس الشورى هو أحد مكوّني مجلس عمان، إذ أن المكون الآخر هو مجلس الدولة الذي يعمل محاذيا ومكملا لمجلس الشورى، والذين يكونان معا مجلس عمان، أي البرلمان العُماني، وقد شرع النظام الأساسي للدولة هذين المجلسين في المادة رقم ٥٨ ومكرراتها، لقد تناولت هذه المادة كل ما يخص المجلسين بداية من شروط الاختيار والانتخاب وحتى الصلاحيات الممنوحة لها. وأضاف أنّ المتابع لدور مجلس الشورى للدولة الحديثة منذ تأسيسه وحتى الفترة الأخيرة، يلاحظ أنّه مر بمراحل ذات صلاحيات تراكميّة، واقصد بتراكمية أنّ المشرع يعطي هذا المجلس صلاحيات بناء على ما سبق من تطور اجتماعي وثقافي وسياسي في الدولة. وأكد أنّ هذه السياسة تستند إلى حكمة بالغة، إذ لا يمكن لدولة فتية مثل عمان أن تطبق ذات النظام البرلماني الموجود لدى الدول المتقدمة والتي هي أخرى مرت بمراحل طويلة جدا وسبرت الكثير من المعاناة من أجل الوصول إلى الوضع الديمقراطي الذي هي عليه الآن. هل يوجد لدى مجلس الشورى أي صلاحيات!؟ نعم توجد لديه الصلاحيات المناسبة والكافية للقيام بمهامه.

وتابع أنّ من بين اختصاصات مجلس الشورى الرقابية الاطلاع على تقارير وسير عمل الجهات التنفيذية في الدولة فمن حق المجلس وبناء على طلب مقدم من ١٥ عضوا أن يطلب حضور أي وزير في الدولة من أجل استجوابه في الأعمال المتعلقة بوزارته وفقا للمادة ٥٨ مكرر ٤٣، كما أنّ المادة ألزمت جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بإرسال نسخة من تقريره السنوي إلى المجلس، وفِي رأيي الشخصي ينبغي أن تخضع جهاز الرقابة المالية والإدارية لمجلس الشورى نفسه أو مجلس عمان.. فهذا الجهاز حاليا يعمل بشكل مستقل عن السلطات الثلاث، ويقوم بدور رقابي بحت هو أصلا من اختصاص ومهام مجلس الشورى الدستورية، لكن لوجود حالة عدم ثقة في المجلس فإنّ الحاجة إلى وجوده كجهاز يتمتع بحيادية واستقلالية أصبح ضروريا، بالرغم من أنه لا يمتلك تلك الاستقلالية الحيادية المفترضة، مع وجود أجهزة عليا في الدولة تسيطر على جميع السلطات.

وأوضح أن السلطات التشريعية كثيرة وقد منح المشرع لهذا المجلس تلك الصلاحيات من أجل القيام بدور تمثيل الشعب في المشاركة في رسم سياسات الدولة وخططها وقوانينها ومراجعة اتفاقياتها الدولية، فللمجلس مثلا أن يقوم بإعداد مشاريع التشريعات ومراجعتها والتصويت عليها مع مجلس الدولة ورفعها لجلالة السلطان، وله أيضا أن يقوم بمراجعتها وتصحيحها وتقديم الاقتراحات بشأنها، مؤكدا أنّها صلاحيات كبيرة ومهمة. لكنه استدرك متسائلا عمّا إذا كان أعضاء المجلس أنفسهم مؤهلين للقيام بهذه المهام، لافتا إلى أن البعض منهم لا يقوم بالمهام المنوطة بهم على أكمل وجه. وأشار إلى أنّ أداء بعض الأعضاء ونتيجة لعدم ممارسة صلاحيّاتهم، يصيبون الناخبين بخيبة أمل في مسألة ترشيحهم، لذلك قد تجد بعض الناخبين يعزف عن المشاركة في الانتخابات لضعف الثقة بينه وبين المرشح خاصة إذا كان عضوا سابقا. واستنكر النوفلي ترشيح الناخبين لبعض الأعضاء على أساس المجاملة أو الحصول على منافع خدمية لاحقا، مشيرا إلى أهمية أن يمعن الناخب الاختيار عند انتخاب عضو مجلس الشورى.

وزاد بالقول إنّ من بين السلبيات والانتقادات الموجهة لعدد من الأعضاء، التغيب عن حضور الجلسات، فتجد البعض لا يحضر بالجلسة والاثنتين أو حتى 3 جلسات، مخالفين بذلك المادة ٥٨ مكرر ٢١ من النظام الأساسي ومخالفين اللائحة الداخلية للمجلس والتي ينبغي أن يتم توفيرها للجمهور لإطلاعهم على نظام العمل داخل المجلس.

وأكد أن مواد النظام الأساسي للدولة واضحة فيما يتعلق بصلاحيات مجلس الشورى، داعيا أعضاء المجلس إلى تفعيل أدوارهم التشريعية والرقابية مساهمة منهم في دفع مسيرة النهضة والتنمية قدما.

وأشار خميس بن راشد العبري- محام ومستشار قانوني- إلى أنّ مجلس الشورى العماني تم إنشاؤه في عام 1991 بمرسوم سلطاني ليكون بديلا عن المجلس الاستشاري الذي كان موجودًا منذ 1981. ويضم المجلس حاليا ممثلي ولايات السلطنة الذين ينتخبون من قبل المواطنين العمانيين في انتخابات عامة تجرى كل أربعة أعوام، حيث يتكون المجلس من 84 عضوًا يُنتخبون بالاقتراع السري المباشر كل أربعة أعوام، وكان المجلس استشاريا حتى 2011، حيث تمّ منحه صلاحيات تشريعية ورقابية بمرسوم سلطاني يحمل الرقم 39/2011 صدر في مارس 2011 عقب الاحتجاجات التي شهدتها السلطنة في ذلك العام، كما يتم اختيار رئيسه من بين أعضائه بالاقتراع السري المباشر أيضًا، فيما كان سابقا يتم تعيينه بمرسوم سلطاني.

 وأضاف أنّه بتفحص قانوني عابر لجملة هذه القوانين وبموجب هذه التعديلات فإنه يمكن القول بأنّ المجلس أصبح حاليا يقوم بوظائف محددة وفقا لنظامه الأساسي، من بينها مشاريع القوانين المستعجلة والتي تطلبها جهات مدنية ذات صبغة عاجلة، حيث أقرّ التعديل الجديد الحق للمجلس مناقشة مشاريع القوانين التي لها صفة الاستعجال والتي يحيلها إليه مجلس الوزراء.

وتابع أنّ إقرار أو تعديل مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة وتحيلها إلى مجلس عمان (مجلس مكون من مجلس الشورى ومجلس الدولة)، يتم رفعها مباشرة إلى سلطان البلاد لإصدارها، مضيفا أنّ التعديلات الجديدة أناطت بمجلس الشورى مناقشة مشاريع خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة التي يحيلها إليه مجلس الوزراء. وزاد قائلا إنّه يحق للمجلس أيضا بحث وإبداء الرأي بشأن الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها، أمّا استجواب أي من وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم المخالفة للقانون؛ فهذه الإضافة التي أعطاها القانون للمجلس رغم أننا لا زلنا نترقب أن يكون لهذه المكانة القانونية أثرا إيجابيا للمجلس ليس فقط للملاحقة؛ وإنما أن يعمل جاهدا لإقناع الحكومة لسحب الثقة من هذا المسؤول واستبداله وفقا للقانون.

تعليق عبر الفيس بوك