تساؤلات حول فرق التفتيش المشترك

فايزة الكلبانية

 

نتفاجأ في الفترة الأخيرة بنقاشات حول كيفية مداهمة فرق التفتيش للمؤسسات المخالفة لقانون العمل، وآلية تعاملهم مع المخالفين منهم وغالبا ما تكون بطرق غير مرضية، كما وردتنا اتصالات لأصحاب مؤسسات بالقطاع الخاص يطالبون بعمل متابعة حول "فن تعامل فرق التفتيش مع المخالفين" لاستيائهم مِن بعض مَن زاروهم من المفتشين، معترضين على أنّه ليس من المفترض استخدام بعض أساليب التهديد والإحراجات، كما أنّه ليس من الضروري الذهاب بسيارة "بوكس" وتجميع المخالفين بطريقة تسيئ لمكانة المؤسسة سلبا، ومخاطبتهم بـ"ممنوع التحرك" وما شابه، مؤكدين في ذلك عدم اعتراضهم على عمل ومهام "فرق التفتيش"، بل إنّهم يرحبون بذلك ومقدرون لمدى أهميته، ولكنّهم  يأملون في اجتراح آليات حضاريّة في التعامل مع الشركات من قبل بعضهم في فرق التفتيش.

 

تعمل وزارة القوى العاملة جاهدة ومن خلال دائرة التفتيش التابعة لدائرة الرعاية العمالية على تحسين العلاقة بين أطراف الإنتاج (العامل وصاحب العمل والحكومة) وذلك من خلال المتابعة الميدانية لمنشآت القطاع الخاص للتأكد من مدى التزامها بأحكام قانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له. ولكن اليوم وما يشهده الواقع مع وجود عدد من المفتشين قد يكون بعضهم موظفين جددا، الأمر الذي يتطلب من جهاز تفتيش العمل خطة لتطوير الجهاز ورفده بعدد من المفتشين وتدريبيهم وتأهيلهم؛ وفق معايير واضحة من شأنها أن ترفع كفاءة المفتشين، ليتمكنوا من مراقبة تطبيق المنشآت وضوابط العمل، وأن تكون لديهم الخلفيّة الكافية عن آليات تطبيقه وما استجد فيه من لوائح وقوانين. لكننا نجد واقع "التفتيش" وما يمارسه البعض من فرق التفتيش مناقضا لواقع الحال، فالتفتيش ليس القصد منه "العقاب والجزاء" بقدر ما نعني به "الإصلاح والتطوير"، فأسلوب "المداهمة" بطريقه تشوّه سمعة المؤسسة يجعلها عرضة للقيل والقال وغالبًا ما يكون لهذه المؤسسة مكانتها ولاسيّما في هذا الوضع العصيب الذي يمر به القطاع الخاص، فلنستبدله بجلسة هادئة ونعقد حوارًا على طاولة النقاش لتعريف المؤسسة بمخالفتها وإخطارها بهدوء بضرورة التغيير والتخلص مما يخالف قانون العمل بأقل الخسائر والعواقب.

لذا ينبغي تضافر جميع الجهود لتعزيز العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة لضمان استمراية العمل بمؤسسات القطاع الخاص الذي يعوّل عليه الكثير لحل كثير من تداعيات أزمة أسعار النفط بالشراكة مع الحكومة وفتح آفاق جديدة وزيادة المشاريع، وخلق فرص لتشغيل الباحثين عن عمل. ومن أجل أن نحقق ذلك كثرت المناشدات من العاملين بالقطاع الخاص بعدم تضييق الخناق عليهم بفرض المزيد من "القرارات الوزارية أو اللوائح والاشتراطات" وخاصة في ظل ما يمر به اقتصاد العالم اليوم من تداعيات جراء أزمة انخفاض أسعار النفط، وما له من تأثيرات وأبعاد سلبيّة على كافة الأصعدة ومنها مؤسسات القطاع الخاص بمختلف أحجامها "كبيرة أو متوسطة أو صغيرة".

نؤيّد جميعنا أهميّة وجود جهات ومؤسسات حكومية طبيعة عملها واختصاصاتها تتطلب وجود فريق التفتيش المشترك لمتابعة مدى التزام مؤسسات العمل والقوى العاملة سواء المحلية أو الوافدة، وأرباب العمل بتطبيق قانون العمل، وكذلك متابعة القوى العاملة غير العمانية التي تعمل في البلاد بطريقة غير مشروعة، وذلك للحد من تواجدها وتضرر البعض منها.. لكن لابد أيضا أن نعي أنّ الهدف من "التفتيش والضبط" هو الإصلاح وليس الهدم والعقاب، فالقطاع الخاص شريك للحكومة في النهوض باقتصاد الوطن، وينبغي أن يكون التعاون البناء أساس العلاقة حتى عند تطبيق العقوبة يتعين أن يتم تطبيقها بصورة تراعي ظروف المؤسسات. بكل تأكيد لا ندافع عن المخطئ والمخالف، لكننا نأمل في تغيير آلية العمل مع استمرار تنفيذ القانون بكل حذافيره.

[email protected]