صون التراث العماني

 

 

تزخر السلطنة بأشكال عدة من التراث الثقافي سواء كان ماديا أم معنويا، وذلك بفضل ما تحويه الذاكرة الشعبية من فنون تراثية تليدة تعكس عمق ثقافتنا الضاربة في القدم، وتبرز في الوقت نفسه كيف أن الإنسان العماني على مر العصور كان مثالا يحتذى به في الحفاظ على الموروث الحضاري الذي بلغ أوجه في مرحلة مبكرة من التاريخ الإنساني، لما تميزت به عُمان من حضارة ممتدة الأطراف.

وبعدما أقر مجلس الدولة مشروع قانون حماية التراث الثقافي المحال من مجلس الوزراء، تخطو السلطنة بثبات نحو تقنين هذه الموروثات ووضع آلية واضحة لحفظها ضمانا لوصولها إلى الأجيال المقبلة من أبناء هذا التراب الغالي، وحمايتها مما قد تتعرض له من سرقات أدبية وفعلية، أو أن تُنسب بغير علم إلى آخرين، وهي في أساسها عمانية المنشأ والتطور.

أحد أهم جوانب إقرار مشروع القانون هو التناغم الواضح والقوي بين مؤسسات الدولة الديمقراطية؛ حيث إنّ المشروع أحيل من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى ومن ثمّ إلى مجلس الدولة الذي رفعه إلى مجلس الوزراء في نهاية المطاف، استعداداد لإصداره بمرسوم سلطاني. وخلال هذه المسيرة، برزت العملية الديمقراطية بكل أركانها، من حيث إتاحة المجال أمام المشرعين من أعضاء مجلس عمان بغرفتيه، الشورى والدولة، للمناقشة وإدخال التعديلات وإضافة الفقرات والمواد وغيرها من الإجراءات الدستورية التي يحق للمجلسين القيام بها في ضوء الصلاحيات المنوطة بهما.

ويهدف مشروع القانون- الذي سيرى النور قريبا- إلى الحفاظ على التراث الثقافي المادي والمعنوي وتطوير سبل تنظيمه وإدارته والترويج له، واتساق ذلك مع الاتفاقيات العالمية ومنها اتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي وكذلك اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي.

ويمثل ذلك القانون المرتقب أحد أهم أعمدة الهوية الوطنية العمانية، ويعكس الاهتمام الكبير من قبل الدولة للحفاظ على التراث الثقافي العماني، ومرت مراحل الاهتمام بهذا القطاع الحيوي بمحطات عديدة، رغبة من القيادة الحكيمة في حماية مفردات هذا التراث وتعزيز المشاركة الوطنية في التنمية الثقافية.

إنّ حماية وصون التراث العماني بكل تفاصيله مسؤولية مشتركة بين الحكومة وكافة أجهزة الدولة من جهة، وبين المواطن من جهة أخرى، حتى تتواصل مسيرة التنمية والتطوير وهي مرتكزة على هوية وطنية صلبة.

 

تعليق عبر الفيس بوك