خالد الخوالدي
جميل أن نعيش الفرحة معهم، ونسعد بسعادتهم؛ فلطالما كانوا سببًا في إسعادنا وإدخال البهجة إلى قلوبنا؛ بقلوبهم الرحيمة، وتعاملهم الراقي، ورعايتهم الدائمة والمتواصلة لكل مريض ومراجع لمستشفياتنا، والرائع أنهم يقدمون بكل تفانٍ وحب وتضحية ووفاء كل يوم رغم المشاق والتحديات التي تواجههم؛ فطبيعة عملهم تجعلهم يتعاملون مع كل أطياف وشرائح المجتمع صغيرهم وكبيرهم، رجالهم ونساءهم، عالمهم وجاهلهم. ومع ذلك هم يتعاملون في الأغلب بقلب واحد ومصدر واحد وقيمة واحدة هي الرحمة للجميع؛ فتحيَّة شُكر نبعثها لملائكة الرحمة وهم يحتفلون بيوم التمريض الخليجي الذي يصادف 13 مارس من كل عام، وهو اليوم الذي يصادف 13 مارس من عام 624م، والذي وقعت به معركة بدر الكبرى والتي كانت الانطلاقة لعالم التمريض في الإسلام.
إنَّ مُشاركتنا لهم في احتفالاتهم هو تعبير صادق لكل معاني التآزر والدعم والتشجيع لهم، وهو واجب إنساني منا لنخفف عنهم العناء والمشقة والتعب الذي يعانون منه طوال أيام السنة؛ فمقابلة المرضى عمل جبار لا يطيقه أي شخص، ولا يستطيع تأدية واجبه أي فرد؛ فالطبيب يشخِّص المرض ويقدم العلاج، والممرضون أو الممرضات يقومون بالأدوار الكبرى بعد ذلك من عناية ومساعدة في توفير كل الخدمات التي يحتاجها المرضى؛ فهم المنبه الذي يضبط أوقات الأدوية للمرضى، وهم من يعتني بنظافة المريض وسريره...وغيرها من الأدوار الأخرى الموضوعة على عاتقهم، ويلتزمون التزامًا تامًّا بمراعاة أن يكون المريض في راحة تامة حتى يخرج مشافى معافى إلى بيته وأسرته.
إنَّ مهنة التمريض مهنة راقية وسامية، ولها مكانة اجتماعية عالية، تحمل في ثناياها كل معاني البعد الإنساني قبل الصحي،؛ فمهنة التمريض تعني الإيثار والتضحية والخدمة الممتزجة بالرحمة الإنسانية، وقد بدأت صورها منذ العهد النبوي حيث كانت الصحابيات الجليلات يقدمن خدماتهن في معالجة المصابين في الحروب ومداوة الجرحى، واستمر هذا العطاء حتى عصرنا الحاضر ولن يستغني أي زمان عن ملائكة الرحمة فهم الأساس في كل وقت ومكان.
ولولا المكانة الرفيعة لملائكة الرحمة لما رأينا ذلك الاهتمام الخليجي الموحَّد للاحتفال بيوم التمريض؛ ليكون له يوما محددا ومخصصا يتم فيه إبراز الأدوار التي يقدمها هؤلاء المخلصون لأجل وطنهم وأبناء جلدتهم ولأجل الإنسانية جمعاء، بعيدا عن الأجناس والأطياف والألوان والأديان، وحريٌّ بنا جميعا أن نقوم بتقديم هذه الملائكة التقديم الذي يليق بهم لأسرنا ومجتمعنا، ونعرِّف بهم وبدورهم ونطالب فئات المجتمع المختلفة أن تقدِّر دَوْرهم وتحترم مكانتهم وتمنحهم المكانة التي يستحقونها، وعندما أقول ذلك فأنا أدرك تمام الإدراك أنَّ هناك فئات للأسف الشديد من بيننا تلقي باللوم عليهم فقط بالتقصير وبرفع الصوت لأن مريضهم لم يجد في وقت من الأوقات الممرض أو الممرضة بجانبه، أو رأى ملاحظة بسيطة لم تعجبه، ليرفع معها صوته بالتقصير والإهمال، وهي حالات تحدث في أي مكان ومع أي عمل إنساني؛ فالكمال لله وحده، ومهما بذل الممرضون والممرضات كل جهدهم، إلا أنَّه سنجد ملاحظة أو هفوة، ودورنا أن نتجاوز عنها، فمن يعمل بلاشك سيُخطئ.
... إنَّ الاحتفال بيوم التمريض الخليجي فرصة مواتية لنبث الوعي أكثر وأكثر بعمل هذه الفئة المهمة في مستشفياتنا، وفرصة جميلة أن نقول لهم شكرا على جهودكم، ونحن سعداء جدا بما تقدموه لنا، كما نشد على الدور الذي تقدمه وزارة الصحة في السلطنة في هذا الجانب، وحصولها على جوائز عربية وعالمية في مجال الرعاية الصحية، وندعو الوزارة -ورغم تراجع أسعار النفط- أن تطالب بتوظيف المزيد من الممرضين والممرضات الخريجين حتى يستطيعوا تقديم الرعاية الصحية المتكاملة للمرضى؛ فالملاحظ أنَّ هناك نقصا في أعدادهم داخل مستشفياتنا، حالهم كحال الكثير من التخصصات الأخرى التي تحتاج لرفد وتوظيف؛ فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء.. ودمتم ودامت عُمان بخير.
Khalid1330@hotmail.com