غير متوافر في بنوك السلطنة رغم أهميته الكبرى في زيادة فرص التوظيف الذاتي

التمويل متناهي الصغر .. منتج مصرفي لتحفيز أصحاب الأعمال الحرة على التوسع في المشاريع البسيطة

 

 

الرؤية - أحمد الجهوري

يُواجه الكثير من أصحاب الأعمال الحُّرة والمهن البسيطة تحديات جمة في مواصلة أعمالهم في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها السلطنة، ومن أبرز هذه التحديات التمويل، وفي الوقت الذي تتوافر فيه لدى البنوك والمؤسسات المصرفية منتجات تمويلية متعددة تستهدف مختلف القطاعات، لاسيما قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنّ أحد أهم هذه المنتجات وهو التمويل متناهي الصغر لا يتوافر في السلطنة، رغم ما يوفره من فرص عديدة للإسهام في النمو الاقتصادي ومساعدة الشباب على التوسع في أعمالهم الحرة والمشاريع البسيطة.

ويُعرّف الخبراء والمختصون التمويل متناهي الصغر بأنّه خدمة تمويلية يتم تقديمها لأصحاب الدخل المحدود أو الشباب الراغبين في التوظيف الذاتي، وهو منتج مصرفي يستهدف تمويل المشاريع الاقتصادية الإنتاجية أو الخدمية أو التجارية في مختلف المجالات. ويعد التمويل متناهي الصغر إحدى وسائل التحفيز المُقدمة للفئات محدودة الدخل للمساهمة في تنمية الأنشطة الاقتصادية، عبر مُنتجات تمويلية متنوعة للأفراد وأصحاب المنشآت متناهية الصغر بما يساهم في زيادة فرص العمل وخلق وظائف جديدة تعتمد على مبدأ التوظيف الذاتي والأعمال الحرة. وهذا النوع من التمويل يقدم خدمات تنموية عدة، إذ يساعد الأسر ذات الدخل المحدود والشباب الباحث عن عمل في تطوير قدراته الإنتاجية وزيادة مداخيلهم، بما ينعكس في النهاية بصورة إيجابية على زيادة معدلات التوظيف والمساهمة في المنظومة الاقتصادية بالدولة.

ويهدف التمويل متناهي الصغر إلى تجسير الهوة بتقديم خدمات مالية مثل التوفير، الإقراض، التأمين وتحويل الأموال إلى أفراد قد لا تقدم لهم هذه الخدمة بغير ذلك. وتقدم مؤسسات التمويل متناهي الصغر هذه الخدمات المالية الأساسية إلى الفقراء وذوي الدخل المتدني، أو إلى أصحاب المشاريع صغيرة الحجم، الذين لا يستطيعون دخول الأنظمة المالية الرسمية. فقد عملت مؤسسات التمويل متناهي الصغر على تطوير سلع محددة ومنهجيات خاصة لتجاوز نقص الضمانات لدى العملاء وبذلك تجعلهم مؤهلين للحصول على قروض وخدمات مالية أخرى.

ويمثل التمويل متناهي الصغر أحد المنتجات المهمة التي يجب أن تتبناها البنوك المحلية بالسلطنة بما يكفل تقديم هذا المنتج لفئة الباحثين عن العمل وذوي الدخل المحدود النشيطين اقتصاديًا أو الأفراد ذوي الدخل المحدود غير القادرين على طلب التمويل من مؤسسات التمويل الكبرى، وعلى هذه الجهات أن تتبناهم بتقديم مختلف العروض على مثل هذه المنتجات، بما يضمن إتاحة فرص اقتصادية وتنمية مهاراتهم في العمل. ومن شأن مثل هذا التوجه أن يدعم التوجه التنموي في الدولة، والحد من القروض الاستهلاكية التي قد تتسبب في زيادة التضخم دون وجود قاعدة إنتاجية تدعم عملية النمو بشكل عام.

ورغم أنَّ هذا النوع من التمويل غير مُتاح بالصورة المتعارف عليها عالميا، إلا أنَّ بنوك السلطنة تقدم خدمات شبيهة وإن كانت لا تساعد المشاريع متناهية الصغر، لكنها تستهدف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام، وهو ما يتضح من تصريحات سابقة لسعادة حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني، قال فيها إنَّ تمويل البنوك للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يسير بصورة جيدة فيما يخص استعداد المصارف لتمويل مشروعات القطاع. وأضاف أنّه فيما يتعلق بتخصيص نسبة 5% من إجمالي قروض البنوك لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كأحد مقرَّرات ندوة سيح الشامخات، فإنّه كان من المقرر أن تصل البنوك إلى هذه النسبة بنهاية عام 2014، لكن نتيجة لعدم كفاية طلبات التمويل من جانب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للبنوك تم تمديد الفترة حتى نهاية عام 2015. وأكد سعادته أنَّ البنوك تعمل جاهدة للوصول إلى هذه النسبة المحددة، وتحث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للاستفادة مما توفره من برامج تمويلية مخصصة للقطاع.. مشيراً إلى أنَّ هناك بعض البنوك التي حققت نسباً متقدمة في هذا المجال بالفعل، وهناك بعض البنوك لا تزال تحاول الوصول إلى هذه النسبة بنهاية هذا العام.

وأكد سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني في تعميم أرسل للبنوك المرخصة والعاملة في السلطنة على أنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في أي دولة تلعب دوراً مهما في تنويع مصادر الاقتصاد ونموه من خلال زيادة مساهمة القيمة المضافة لهذه المؤسسات في إجمالي الناتج المحلي، وفي توفير فرص عمل للمواطنين الباحثين عن العمل، بالإضافة إلى مساهمة هذه المؤسسات في تعزيز الاستخدام الأمثل للموارد المحلية.

وحث البنك المركزي العماني البنوك المرخصة على النظر إلى احتياجات تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعدم المطالبة بضمانات تعجيزية فيما يتعلق بمنح الإئتمان، والقيام باتباع سياسات مرنة تجاه هذه المؤسسات، مع الأخذ في الاعتبار توجهات الحكومة والمبادرات الرقابية والتنظيمية التي يصدرها البنك المركزي العماني.

كما وجه البنك المركزي العماني، البنوك المرخصة بالسلطنة بضرورة إنشاء وحدات إدارية منفصلة تكون مهمتها مكرسة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فيما طالب فروع البنوك الأجنبية بتخصيص مسؤول يتمتع بمهارات واسعة لمُتابعة شؤون هذه المؤسسات، مع ضرورة عدم وضع أية عراقيل أو عقبات في طريق تمويل المؤسسات المذكورة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك