صحار تتألق في معرض الكتاب

 

 

خالد الخوالدي

 

منذ إعلان صحار ضَيْف شرف معرض مسقط للكتاب في دورته الثانية والعشرين 2017، والمشاعر تتدفق ودقات القلب تنبض سريعة لأنني كتمت سرَّ حبها لسنوات طويلة عن أغلب البشر، إذ يُمثل ذلك فرصة سانحة للحديث عن حُبِّي الكبير لصحار والعشق المتعمِّق لديَّ في حب هذه المدينة التاريخية والحضارية والتجارية والاقتصادية والفاتنة والحالمة واللؤلؤة والعروس التي تزداد تألقا ورونقا كلما مرت عليها السنوات والأعوام.

نعم.. لقد حان الوقت أنْ أبُوْح لصحار المجد والأصالة والتاريخ بأنني أحبها وأحب حاراتها حارة حارة، وسككها سكة سكة، وأزقتها وزنقاتها، أحب انعكاس سمائها لتشكل زرقة بحرها الهادي، وأحب سهولها الخضراء المنبسطة ببساطة الإنسان فيها، وأحب جبالها الشامخة بشموخ أهلها، أحب ماضيها الفكري والثقافي والسياسي المجيد؛ فقد تضافرت جهود الطبيعة السخية الحسناء وجهود الإنسان المبدع لتكوين مدينة متفوقة راقية ممتعة للفكر وللقلب والروح معا، فقد بلغت أرفع مكانة عالية في الجمال والجلال والكمال واستحقت بفضل ذلك كله أن اسميها "جوهرة عمان"، مع احترامي الشديد لكل المدن العمانية التي لا تقل أهمية وتاريخا من صحار، ولكن هو الحب وما يفعل أيها الأعزاء.

لا أريد الإطالة بالتغزُّل في صحار العز والفخر، فلو قلت فيها ما قلت لن أوفيها حبا، ولن أستطيع أن أعبر عن مكنونات قلبي لها، ولن توفيها الكلمات حقها، فهي أعلى من كل كلماتي، وأكبر وأعلى وأرقى من كل الكلمات التي قيلت فيها، والتي ستُقال، فيكفيها شرفا أنها المحطة التي نزل فيها رَسُوْل نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- فكانت منبع النور لعمان قاطبة وللأمة الإسلامية في كل تاريخها، ويكفيها ذكرا وتألقا وحضارة أنها مصدر التحرُّر من الاستعمار ومصدر الانطلاقة للدولة العمانية الحضارية الحالية؛ فكانت المدينة التي انطلقت منها الأسرة البوسعيدية؛ حيث خرج من بين جنباتها واليها البطل الكبير أحمد بن سعيد البوسعيدي ليجمع البلاد بعد الفرقة والشتات، تحت كلمة واحدة؛ لننعم اليوم بعد قرون من حكم هذه الأسرة بقيادة الحكيم الذي أعاد الأمجاد لعمان قاطبة ولهذه المدينة التاريخية الوادعة لتعود صحار مرة أخرى لعهدها الحضاري.

وبعيدًا عن الغزل بصحار، أشيد بالدور الكبير الذي قدَّمه المنظمون لجناح صحار كضيف شرف بمعرض الكتاب لهذا العام، فقد قدَّم صُحار في هذه الاحتفالية الرائعة مبدعون وكتاب وشعراء ومفكرون وأصحاب عطاء في مختلف العلوم والآداب؛ فكانوا بحق متميزين في العطاء، ومتألقين في إظهار الدور الحضاري والتاريخي للجوهرة الغالية؛ حيث شهد الجناح ندوة صحار تبر التاريخ وعبق الحضارة، وأمسيات شعرية لعدد من شعراء صحار، والتوقيع على الإصدارات الجديدة لعدد من الكتاب الذين تشربوا ماء صحار ففاضت قلوبهم ألقا وتألقا وإبداعا؛ فهؤلاء جميعا ومن ينتمي لهذه المدينة العريقة سواء بالجسد أو بالروح عندهم دافع كبير للإبداع؛ فعلماء صحار القدامى يمنحونهم الثقة والدافع الحقيقي للإبداع حتى انطبق عليهم ما قيل في الأثر "خير خلف لخير سلف".

إنَّ إعلان صُحار ضيفَ شرف المعرض لهذا العام، هو استكمال لنهج متواصل من اللجنة المنظمة لهذا الحدث الثقافي البارز؛ لتسليط الضوء على مُدننا التاريخية احتفاءً بها وتأريخاً لمساهماتها عبر قرون من الزمان. وصحار بلا شك علامة فارقة في تاريخنا الحضاري العريق الممتد لخمسة آلاف عام أو يزيد، بشموخ ماضيها، وألق حاضرها، وستستكمل مسيرتها نحو مستقبل مشرق بإذن الله.. ودمتم ودامت عُمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com