على ضفاف وادي خدل

 

 

ناصر العبري

كَمْ هي المواقع والشواهد السياحية والأثرية الموجودة على طول وعرض السلطنة، ولكن عند زيارتك لقرية خدل بمحافظة الظاهرة والجلوس على ضفاف أشجار السدر المنتشرة بواديها الذي يعجُّ بالخيرات الوفيرة، ابتداءً من ثمار السدر والغاف وعسل النحل، والإبل والأغنام تَرْعَى بالقرب منك، وتستنشق عبق هوائها العليل، تحس ما لهذه القرية من مكانة في قلوب الآباء والأجداد.

وعند توغُّلك إلى داخل جبالها الشامخة التي تستقبلك بترانيم المياه المنسابة من بين تلك الصخور الصماء التي جمعت الماء ومختلف أنواع الطيور كموطن لها، وما أجملها من لحظات عندما تشاهد الأرنب البري يتجوَّل في الصباح الباكر بين تلك المياه المنسابة، وكأنها تحمد الله على نعمة الأمن والأمان. وعند اقترابك من البرك المائية المترامية الأطراف بالوادي تستوقفك شجيرات السيداف والأعشاب البرية التي كانوا الآباء والأجداد يستخدموها في علاج عدد من الأمراض في ذلك الزمان. قليل ما تجدها في أماكن أخرى. كما تشاهد أشجار النخيل المتشبعة بالمياه وهي مثمرة بعيدا عن أعين الناس تعانق تلك الجبال وكأنها تستذكر من كان يعتني بها ويحرص على الاسترخاء تحت ظلالها، وقد أنهكتها تقلبات الطقس ومرور السنين، ولكنها تقف في شموخ ذاك العُماني الذي غرسها في ذلك المكان.

وعند عودتك إلى الطريق الترابي الذي يصلك بالقرية، تواجه رجالًا اتسموا بالشهامة والكرم أهالي قرية خدل، يحيطون بك وكأنهم في زمن تلك النخلة يبادلونك التحية ولا يسمحوا لك بالانصراف حتى تنال كرمهم والشرب من قهوة خدل ومائها العذب، وتناول وجبة الغداء في تلك السبلة التي تطل على فلج خدل الذي يجري في تلك السواقي، ويروي بساتينها التي تفوح منها رائحة البل وثمار النخيل.

واللافت للأنظار تلك القبور الموجودة في قرية خدل والتي قبلتها تتجه إلى بيت المقدس؛ مما يُثبت أنَّ لهذه القرية حكاية لم تكتشف بعد. ولكن ترشدك تلك الحكاية إلى كرم وشهامة خدل وأهلها إلى عنوان تلك الحكاية التي لابد أن تظهر ويدوّن الكتّاب عنوانها ويروي الراوي مكانة خدل بين القرى العمانية المنتشرة في ربوع الوطن العزيز.