الجيش السوري يتقدم على حساب "داعش" قرب حلب.. وهجمات حمص تهدد "محادثات جنيف"

 

عواصم - رويترز

قالَ المرصدُ السوريُّ لحقوق الإنسان إنَّ الجيشَ السوريَّ وحلفاءه حققوا تقدما مباغتا، يومي السبت والأحد، في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في شمال غرب سوريا، مع انسحاب التنظيم المتشدد بعد هزيمته في مدينة الباب على يد مقاتلي معارضة تدعمهم تركيا يوم الخميس. وذكر التليفزيون الرسمي السوري، أمس، أن الجيش سيطر أيضا على بلدة تادف التي تقع إلى الجنوب مباشرة من الباب بعد انسحاب الدولة الإسلامية منها. وقال مسؤول روسي كبير هذا الشهر إن تادف هي خط فاصل متفق عليه بين الجيش السوري والقوات التي تدعمها تركيا.

وبالتقدُّم صوب الشرق في منطقة تقع إلى الجنوب من الباب امتدت سيطرة الجيش السوري إلى 14 قرية واقترب لمسافة 25 كيلومترا من بحيرة الأسد الواقعة خلف سد الطبقة المقام على نهر الفرات. وفقد التنظيم المتشدد الكثير من مناطق سيطرته في شمال غرب سوريا في الشهور القليلة الماضية أمام هجمات متتالية من ثلاث قوى منافسة مختلفة هي جماعات كردية سورية تدعمها الولايات المتحدة ومقاتلون مدعومون من تركيا والجيش السوري.

وبانتزاع السيطرة على منطقة جنوبي الباب من يد تنظيم الدولة الإسلامية يمنع الجيش أي تحرك محتمل من تركيا وجماعات المعارضة التي تساندها للتمدد صوب الجنوب ويقترب من استعادة الهيمنة على إمدادات المياه لحلب. وقال المرصد السوري أمس إن القتال في المنطقة مستمر حيث حقق الجيش وحلفاؤه تقدما.

وتمثل خسارة الدولة الإسلامية للباب بعد أسابيع من معارك طاحنة في الشوارع خروجا فعليا للتنظيم من شمال غرب سوريا الذي كان أحد معاقله الرئيسية ومن منطقة ذات أهمية نظرا لقربها من الحدود التركية. ودفع تقدم مستمر منذ 2015 لقوات سوريا الديمقراطية -وهو تحالف جماعات مسلحة يقوده أكراد- الدولة الإسلامية إلى التقهقر من أغلب المناطق الحدودية بحلول منتصف العام الماضي ومنذ ذلك الحين وهي تتقدم نحو المعقل الرئيسي للتنظيم في الرقة.

واستهدفت تركيا من خلال تدخلها في الحرب الأهلية السورية بعملية درع الفرات دعم جماعات من المعارضة المسلحة تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر لطرد الدولة الإسلامية من المنطقة الحدودية وأيضا وقف توسع الأكراد هناك.

وفي سياق مواز، قال مبعوث الأمم المتحدة للسلام إن هجوما لمسلحين في سوريا يوم السبت كان محاولة متعمدة لتخريب محادثات السلام في جنيف في حين تبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات ولم تبد هناك أي مفاوضات فعلية. واقتحم انتحاريون مقرين لقوات الأمن السورية في حمص أمس الأول وقتلوا العشرات بالأسلحة النارية والمتفجرات من بينهم ضابط كبير وردت الحكومة بتوجيه ضربات جوية لآخر جيب يسيطر عليه مقاتلو المعارضة في المدينة الواقعة بغرب البلاد.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا -في بيان- "كان من المتوقع دوما -وينبغي أن نظل نتوقع- أن يحاول المخربون التأثير على مجريات المحادثات. من مصلحة جميع الأطراف المناهضة للإرهاب والملتزمة بعملية السلام في سوريا عدم السماح بنجاح تلك المحاولات". واجتمع دي ميستورا مع الجانبين بشكل منفصل في جنيف بينما حاول التوصل لاتفاق بشأن إجراء محادثات تضع نهاية للصراع المستمر منذ ست سنوات. وقال دي ميستورا إنه لا يتوقع أي انفراجة سريعة ودعا إلى عدم السماح لأعمال العنف بأن تعرقل أي تقدم هش كما حدث مرارا في الماضي. وينتهك الجانبان على نحو متزايد وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة من روسيا وتركيا وبتأييد من إيران.

وذكرت هيئة تحرير الشام -التي تعارض المحادثات رغم قتالها في صف جماعات ممثلة فيها- أن خمسة انتحاريين نفذوا الهجوم "ولله الحمد" لكنها لم تعلن مسؤوليتها عنه صراحة. وتشكل تحالف هيئة تحرير الشام هذا العام من جماعات عدة منها جبهة فتح الشام التي كانت تعرف في السابق باسم جبهة النصرة وكانت فرع تنظيم القاعدة في سوريا إلى أن انشقت عنه في 2016.

وبعد اجتماع على مدى ساعتين ونصف الساعة مع دي ميستورا، تحدث رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري للصحفيين وكرر مطالبته للمعارضة بإدانة الهجوم على قوات الأمن في حمص محذرا من اعتبارهم إرهابيين إذا لم يفعلوا ذلك. وقال الجعفري: "طلبنا من السيد دي ميستورا أن يصدر بيانا يدين فيه التفجيرات الإرهابية الانتحارية التي قامت بها جبهة النصرة وشركاؤها في مدينة حمص". وأضاف بأنَّه طلب من دي ميستورا "أن ينقل أيضا مطلب إصدار بيانات واضحة لا لبس فيها من كل المنصات المشاركة في محادثات جنيف لما حدث اليوم في حمص." وقال الجعفري "أي طرف يرفض إدانة ما جرى في مدينة حمص اليوم سنعتبره شريكا في الإرهاب."

واستبعد الجعفري الانسحاب من المحادثات قائلا إنه سيجتمع مع دي ميستورا مجددا يوم الثلاثاء لكنه أشار إلى أن بعض المعارضين الذين جلس أمامهم وجها لوجه خلال مراسم افتتاح المحادثات يوم الخميس "رعاة للإرهاب". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات مقاتلة شنت ست غارات على دوما في الريف الشرقي لدمشق مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وفي وقت سابق قتلت غارة جوية في حماة أربعة أشخاص من أسرة واحدة.

وقال نصر الحريري المفاوض البارز في وفد المعارضة السورية للصحفيين "ندين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل الجهات الإرهابية. وإذا كانت حادثة حمص تخضع لهذه الأعمال الإرهابية ولهذه الجهات الإرهابية فهذا واضح من الكلام". ووجه العقيد فاتح حسون عضو فريق المعارضة أصابع الاتهام إلى قوات الحكومة في هجوم حمص. وقال حسون إن المنطقة التي شهدت الهجوم آمنة للغاية وتخضع لرقابة دائمة. وأضاف بأنَّ أي عملية أمنية لا يمكن أن تحدث هناك دون تسهيل من خلال قوات الأمن الأخرى التي يمكنها دخول مثل هذه المناطق. وأوضح أن الجماعات المسلحة لا يمكنها الوصول إلى هذه المنطقة باستثناء حي الوعر.

وقال حسون إنه يعتبر ما حدث "تصفية من قبل النظام" لأشخاص مطلوبون في محاكم دولية وعلى رأسهم لواء متهم في قضية رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري بالإضافة إلى محتجزين. وأضاف بأنَّ ما حدث عملية وأن "النظام" رد من خلال عمل ضد المدنيين المحاصرين منذ ثلاثة سنوات ونصف من أجل إرسال رسالة إلى شعوب العالم بأنه يحارب الإرهاب.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك