"صوتٌ يصنعُ الخيال"

مسعود الحمداني

(1)

(صوت يصنع الخيال) هو (الشعار) ترفعه إذاعة سلطنة عمان البرنامج العام، وهو أغرب شعار يمكن أن تتبناه إذاعة رسمية، ناطقة باسم الحكومة، فما علاقة الخيال بالمصداقية، والواقعية، التي هي رسالة أي وسيلة إعلامية؟!!.

الخيال معناه (التحايل) على الواقع.. وهو لا يعكس توجه الإعلام العماني، وهذه العبارة خالية من المعنى- كما أرى- وفي غير محلها، وهي مجرد عبارة تلعب على وتر الكلمات الشاعرية دون تدقيق لمآلاتها، وأبعادها..

الإعلام هو (الصوت الذي يصنع الحقيقة).. وليس الخيال!!

(2)

هناك مذيعون عمانيون صاروا نجوما جماهيريين، بفضل أعمالهم، ونشاطهم الدؤوب، حتى ظن البعض أنّه لا يوجد في مبنى الإذاعة والتلفزيون غير ثلاثة أو أربعة مذيعين!!..

ولا أدري لماذا يكتفي الكثير من المذيعين لدينا بالاستماع والمشاهدة دون أن يقدموا برنامجا واحدا طيلة عملهم الإعلامي، رغم أنّهم يملكون طاقات هائلة، ولكنها غير مستغلة، حتى بات مقدمو البرامج (المتعاونون) من خارج الهيئة هم العنصر الفاعل في الإذاعة والتلفزيون، بينما اكتفى المذيعون الرسميون بقراءة التقارير ونشرات الأخبار، والفرجة من بعيد.

(3)

الأخطاء اللغوية التي يقع فيها مقدمو البرامج وقارئو التقارير الأخبارية جديرة بالتوقف عندها، فالكثير من تلك الأخطاء لا تغتفر لغويا، وهي بحاجة إلى تدقيق وتمحيص أكثر من المدققين اللغويين في الإذاعة والتلفزيون، ويجب ألا تمر الأخطاء دون رصد من قبل المسؤولين، فلغة المذيعين هي واجهة للالتزام المهني، أما ما يحصل من أخطاء لغوية فلا أعتقد أنه يساعد على ذلك التطوير، خاصة إذا جاءت الأخطاء في نشرات الأخبار أو في برامج ثقافية.

(4)

في كل إذاعات الدنيا يعتبر موعد نشرة الأخبار موعدا مقدسا، يضبط عليه المستمعون ساعاتهم، غير أنّ ما يحصل أحيانا لدينا أمر يدعو إلى الدهشة.. فنشرة الأخبار أحيانا قد تتأخر دقيقة أو دقيقتين أو أكثر دون مبرر، ولا يتم الاعتذار عن ذلك من قبل المذيع، وهذا يعني افتقاد المهنية والانضباط الذي يجب أن يصاحب مواعيد هذه النشرات، فمواقيت قراءة الأخبار هي الساعة التي لا تقدّم أو تؤخر إلا في حالات مقنعة.. ليس من بينها (تأخر المذيع عن الاستوديو).

(5)

عدة قنوات تلفزيونية تم افتتاحها ضمن التوسّع الذي تشهده الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وكلها (برامج) تقوم بواجبها حسب الإمكانيات المتاحة أمامها.. غير أنّ قناة (منسيّة) ما تزال تبحث لها عن مكان، وهي القناة (الناطقة باللغة الإنجليزية)، والتي تعتبر همزة وصل بالغة الأهمية للوصول للناطقين بغير العربية، بدلا من الزج بنشرة الأخبار باللغة الإنجليزية ضمن القناة العامة، فتأتي وكأنها صوت (نشاز) لا يتناغم أبدًا مع نوعية البرامج التي تبث من هذه القناة.

(6)

أخيرا.. الملاحظات السابقة لا تقلل من الجهود الكبيرة التي يبذلها المسؤولون في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والذين يحاولون جهدهم في سبيل تغيير النمط الإعلامي العام، ولكنها جهود بحاجة إلى تنظيم أكبر، ومهنية أعلى، وهم لا يفتقدونهما بالطبع..

ولكن على البعض أن يضع في ذهنه الفئة المستهدفة من الإعلام.. وهم الجمهور، وألا يتم العمل الإعلامي من خلف المكاتب المغلقة، لأنّه عمل جماعي وليس فرديا.. ولكي يكون الإعلام (صوت الحقيقة).. وليس الخيال.

[email protected]