بدرية البدري تشخص آلام الغربة في "العبور الأخير"

مسقط - الرُّؤية

صَدَر حديثا للروائية والشاعرة بدرية البدري عملها السَّردي الجديد -ممثلا في رواية "العبور الأخير"- وذلك عن مؤسسة الانتشار العربي ببيروت، وستطرحها للقرَّاء في معرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يقام خلال الفترة 22 فبراير إلى 4 مارس.. تأخذنا رواية "العبور الأخير" في رحلة مع مُختار الذي أتى لعمان هارباً من قصة حبٍّ فاشلة، باحثا عن كوّةٍ ينفذ منها إلى الحياة، فيتحول في لحظة صدمة إلى مقيم غير شرعي، يهرب من عملٍ لآخر يحاول الاختباء بداخله، مما يجعله عرضة للاستغلال.

تُسلِّط الرواية الضوء على ما يعانيه كل غريب يجد نفسه فجأة بلا وطن، خالياً من كل شيء إلا من تلك الذاكرة التي ترافقه بلؤمٍ شديد لتكيل له الحزن بمكيالين. "نحن الذين أتت بنا جوازات سفرٍ أنيقة تحمل صورنا الملونة وابتسامة عريضة مصطنعة اضطررنا لرسمها لتبدو صورنا أجمل فيقبلون بنا عُمَّالاً أقرب للسُّخْرَة، وما إن نصل حتى ينتزعوها من وجوهنا انتزاعاً".

وفي الجانب المقابل، تسلط الرواية الضوء على بعض المشكلات التي يتسبب بها بعض هؤلاء الوافدين بدءًا بأصغر عاملٍ إلى بعض المتنفذين من الأجانب في البلد.

"هذا السقف البارد لا يبدو رحيماً في الشتاء، إنه لا يكتفي بجعل أجسادنا تقف في مهب البرد لوحدها، بل ويتآمر مع كل قطرة غيثٍ نفرح بها لتُحيلنا للاجئين يتكومون حول بعضهم هرباً من قطرات المطر التي يشاركها السقف ضحكاتها علينا، وكلما زاد انهمار المطر علت قهقهات السقف، وزاد عدد الدِّلاء الموضوعة لجمع قطرات المطر المتمردة على استماتة السقف في التصدي لها".

هكذا يأخذنا مختار لعالمه، مصراً على مشاركتنا برد لياليه وأرقها، بالإصرار ذاته يجعلنا نعيش معه لذة الترقب، تلك اللذة التي يعرفها كل غريبٍ يحمل تذكرة عودته بيده. "أخرج التذكرة من جيبي وأمسكها بيدي، أستشعر دفئها، أغمض عليها يدي خشية أن تسقط منها مع الكثير؛ مما يسقط من ذكريات خمس سنينٍ مضت كأنها عمري كله، وكأن الكونَ فضاءٌ فسيحٌ لا حد له، تتلاشى البنايات التي لا تتعدى الطوابق الخمسة من وجهتي، الشوارع الفارغة من السيارات، الكون بمجمله لا يحمل إلا وجهك، وكفي التي أشد بها توفيق من يده العالقة بكفي، حاملين عشاءنا بيدٍ وتذكرةً للعبور إلى الحياة بيدٍ أخرى، لا شيء يعكر صفو أفكاري إلا هذا المُقبل نحونا، لا أعرف كيف أصفه، شيءٌ خرافي يشبه الطائر إلى حدٍّ كبير -كالذي رأته أمي في منامها قبل يومين- بيد أنه بلا أجنحة".

جدير بالذكر أن "العبور الأخير" هي الرواية الثانية للكاتبة والشاعرة بدرية البدري، بعد روايتها الأولى "ما وراء الفقد" التي حصلت على المركز الأول في مسابقة المنتدى الأدبي للعام 2013م وصدرت عام 2015م عن مؤسسة بيت الغشام للصحافة والنشر والترجمة.

تعليق عبر الفيس بوك