ندوة دولية تكشف عن فجوة في التعامل مع تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

  • 100 خبير اقتصادي يشهدون انطلاق فعاليات ندوة بنك التنمية العماني حول التمويل
  • الضمانات ومخاطر الائتمان ومهارات الإدارة أبرز تحديات تمويل "الصغيرة والمتوسطة"
  • مقترحات بمؤسسات وسيطة تعنى بتدريب وتأهيل أصحاب المؤسسات الصغيرة

 

  • مطالب بأن تضم البنوك وحدات متخصصة لتقديم منتجات مصرفية ملائمة لاحتياجات "الصغيرة والمتوسطة"

 

  • تطلعات لتوفير أشكال مبتكرة من التمويل تجمع بين القطاع الخاص والبنوك والصناديق الحكومية

 

الرؤية – نجلاء عبد العال

تصوير / راشد الكندي

كشفت ندوة (التمويل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة)، التي يُنظمها بنك التنمية العُماني، بالتعاون مع اتحاد المؤسسات الوطنية  للتمويل التنموي في الدول الأعضاء بالبنك الإسلامي، عن وجود فجوة واسعة بين التعامل مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات المتقدمة وما هو عليه الوضع محلياً وإقليميًا.

وفي اليوم الأوَّل لأعمال الندوة التي تستضيفها السلطنة استعرضت نتائج مسح شمل أكثر من 130 بنكاً في منطقة الشرق الأوسط وأظهرت هذه النتائج أنَّ 8٪ فقط من حجم الإقراض يذهب إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتتراجع هذه النسبة إلى أقل من 2% في بنوك دول مجلس التَّعاون الخليجي.

وقد انطلقت الندوة أمس تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، بحضور ما  يزيد على 100 من الخبراء  والمُختصين والعاملين بالجهات ذات العلاقة بالتمويل التنموي، بفندق كراون بلازا مسقط وتستمر على مدى 3 أيام.

وطرحت خلال اليوم الأول أبرز تحديات القصور الواقع في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة؛ وكان على رأسها عدم وجود بيئة اقتصادية مواتية نظراً للاعتماد طويلاً على النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني، إضافة إلى أنَّ التشريعات واللوائح غير كافية لتوفير المرونة المطلوبة لتمويل هذه المشروعات، كما أنّه ووفقاً للخبراء المشاركين في الندوة فإنَّ البنية التحتية المالية غير كافية لاستيعاب حركة عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب الافتقار إلى سبل لضمان السداد مما يجعل مؤسسات التمويل تخشى المجازفة.

حلول مقترحة

ومن إيجابيات الندوة تقديم مُقترحات لحلول بدلاً من طرح التَّحديات فقط، ومنها مقترحات بأن يكون هناك مؤسسات وسيطة تعنى بالأساس بالعمل مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتدريبها على مهارات الإدارة وخاصة الجوانب المحاسبية والمالية، وأن تضم البنوك وحدات متخصصة لتقديم مُنتجات مصرفية ملائمة لاحتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة تضمن لها الاستدامة وتحقيق الأرباح عبر متابعة ما ينقصها خلال فترة سداد التمويل، فضلاً عن اقتراح أشكال مبتكرة من التمويل تجمع دعم القطاع الخاص والبنوك وصناديق التمويل الحكومية في أطر متكاملة.

وتهدف الندوة إلى الاستفادة من التجارب، وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء باتحاد المؤسسات الوطنية للتمويل التنموي في الدول الأعضاء بالبنك الإسلامي للتنمية فيما يخص الأساليب المبتكرة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالتركيز على نهج التمويل الإسلامي، كما تقدم خلال جلسات العمل مجموعة من أوراق العمل يقدمها أكثر من عشرين متحدثًا، وتدور حول أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في العالم الإسلامي، والتركيز على ما تمثله تلك المؤسسات من قيمة حقيقية تقود الاقتصاديات الوطنية إلى النمو المطرد، وإبراز نماذج وتجارب الدعم الذي يمكن تقديمه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وفي الجلسة الافتتاحية، ألقى الدكتور عبد العزيز بن محمد الهنائي، الرئيس التنفيذي لبنك التنمية العماني، كلمة أكد خلالها على أهمية المؤسسات الصغيرة المتوسطة، في زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأشار إلى دورها في الحفاظ على معدلات نمو عالية، إضافة إلى قدرتها على رفد الاقتصاد الوطني بالعديد من فرص العمل، حيث أشار إلى أن تلك المؤسسات تمثل أحد أهم دعائم الاقتصاد العالمي، كونها تشكل حوالي 95% من المؤسسات في العالم المتقدم، توفر من 40 إلى 60% من فرص العمل، بينما تقل تلك النسبة بشكل كبير في الدول النامية، حيث تسهم المؤسسات بحوالي 33%، من الناتج المحلي في تلك البلدان فقط، موضحاً أنّ ذلك الانخفاض قد يكون مرجعه إلى أن هناك العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعمل في أسواق الدول النامية في قطاعات غير رسمية وغير موثقة.

أكثر من التمويل التنموي

وفي نهاية كلمته أكد الدكتور عبد العزيز الهنائي أنَّ الندوة لن تقف عند مناقشة التمويل التنموي فقط لكنها ستتجاوز ذلك لتناقش كافة المواضيع ذات التماس مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأشار إلى أنَّ الندوة تستعرض أهم التجارب النجاحة للدول المنضوية تحت مجموعة بنك التنمية الإسلامي، إضافة إلى دور المؤسسات التنموية في رفد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالدعم والتمويل اللازم، ودور الجهات الاستثمارية في النهوض بتلك المؤسسات، منوهاً إلى أهمية تبني روح المبادرة والابتكار للنهوض بهذا القطاع الواعد.

ومن جهته قال نائب رئيس مجلس إدارة بنك ادفيمي – داتوك محمد رازيف مدير عام مجموعة بنك تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة الماليزي إن ندوة (التمويل وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) تهدف إلى تعزيز المؤسسات المالية الممولة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتحليل التحديات التي تواجه الأزمة التمويلية لتلك المؤسسات، إضافة إلى تطوير السياسات وتبادل الخبرات والإستراتيجيات، خاصة في مسار التمويل الإسلامي. وأشار رازيف في كلمته إلى دور صاعد للتمويل الإسلامي في المُستقبل، لكنه شدَّد على التحديات التي تواجه ذلك التمويل، خاصة في عالم يمتلك التنافسية والابتكار في عالم تقنيات التمويل الحديثة.

وقال نائب رئيس مجلس إدارة بنك ادفيمي إن المؤسسات الصغيرة والمتوسط هي المحرك الأساسي للاقتصاديات الوطنية، كونها تملك أكثر من 50% من الناتج الإجمالي للاقتصاديات العالمية، وتوفر 60% من فرص العمل حول العالم، إلا أنها تتعرض لتحديات كبيرة، أبرزها عدم وجود تعريف موحد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأشار إلى وجود أكثر من 60 تعريفاً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في 75 دولة فقط. وأكد أنَّ هناك عوائق كبيرة لدور تلك المؤسسات، رغم  دورها الإنتاجي والاجتماعي، حيث تشكل أفضل المؤسسات التي تقوم بتوزيع عادل للثروة.

وألقى خالد محمد العبودي، الرئيس التنفيذي للهيئة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص (ICD) محاضرة تناولت الوضع الراهن واحتمالات المستقبل بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط، أكد فيها على غياب  الزخم الكافي لإحداث نقلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط، حيث قارن ما بين استحواذ المؤسسات الصغيرة  والمتوسطة على ما يقارب من 90% من المؤسسات المسجلة بالاتحاد الأوروبي، فيما لا تزيد في دول معظم دول الخليج العربي، عن 15 إلى 30%، وعزا العبودي ذلك إلى أن الهيكل الاقتصادي للدول الخليجية كان وما يزال يعتمد على النفط بشكل رئيسي، إلا أنه أشار إلى أنّ هذا الواقع تغير بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية، حيث سعت بلدان الخليج العربي إلى أن تكون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إحدى أولوياتها، مؤكدا أن تلك البلدان قامت بإنشاء العديد من الجهات المختصة بتمويل هذا القطاع الحيوي.

تطوير القطاع الخاص حتمي

ورأى الرئيس التنفيذي للهيئة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص أن التطوير قادم لا محالة خاصة مع الوضع في الاعتبار أن سكان المنطقة العربية بينهم 80 مليون شاب، حيث تؤكد المؤسسات الدولية أن العرب من أكثر الفئات الذين يتواجد بينهم فئة الباحثين عن العمل، لكنه أكد أنه لا يزال أمام دول المنطقة الكثير في اتجاه تطوير تلك المؤسسات، خاصة مع غياب البرامج التمويلية لتلك المؤسسات، فالجهات التمويلية تخشى المخاطر المرتبطة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطالبهم بضمانات قد تشكل عائقاً، وبرغم تطوير الجهات التمويلية لبرامج استهلاكية، إلا أن غياب برامج تلائم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يُعد أبرز العقبات، فبحسب تقرير البنك الدولي، توفر المؤسسات التمويلية حول العالم حوالي 18% إلى 20% من تمويلها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لكنه في الخليج العربي يتقلص الرقم التمويلي إلى أقل من 2%، وهو رقم يجعل النهوض بالقطاع صعبًا للغاية،  لكنه أنهى محاضرته  بدعوة الجهات التمويلية والدول لتوفير منتجات تمويلية تتواءم مع خواص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وفي الجلسة الثانية تمَّ استعراض تجارب مجموعة من الدول حيث استعرض حسن كيميا بولات، الرئيس التنفيذي لحاضنة الأعمال والتكنولوجيا (TBI) التركية، تجربة بلاده في هذا الصدد. كما عرضت تجربة المملكة العربية السعودية الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتنمية المرأة وقدمتها هناء عبد المحسن الزهير، نائب رئيس مجلس إدارة صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة، حيث أخذت من حالة صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة نموذجًا، كما استعرض الدكتور شيخ غزالي، رئيس بنك المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تجربة ماليزيا حول تحديات دخول المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سوق تنافسية.

وفي الجلسة الثالثة، أقيمت حلقة حوارية تحت عنوان المشاريع الصغيرة والمتوسطة الرقمية، قدَّمها الدكتور أساما ريس – مدينة أفريقيا التكنولوجية بالسودان، وقدم أوزان اكار، رئيس قسم القطاعات ورجال الأعمال، باتحاد غرف وبورصات السلع التركية، حلقة نقاشية حول دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، واختتم اليوم الأول بحلقة نقاشية حول مشاكل تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة من وجهة نظر المشاريع الصغيرة والمتوسطة، قدمها أوزير بالكيز، نائب الأمين العام، لمنظمة (موسياد – MUSIAD).

تعليق عبر الفيس بوك