ناصر العبري
يشتد الشوق والحنين إلى الحارات العُمانية القديمة وسكانها الذين رحلوا عنها وخصوصاً عند اقترابك منها فإنك تحس أنَّها تعاتب وتستغيث من سكانها الغرباء الحاليين الذين غمروها برائحة الدخان والروائح الكريهة الأخرى بعد أن كانت تفوح من باطن جدرانها وفتحات نوافذها رائحة القهوة العُمانية والهيل والبخور واللبان العُماني. إنَّ العمالة الوافدة والهاربة تتخذ من هذه الحارات أوكارا لها بل أخذت تنشر ملابسها على جدران تلك البيوت بين طرقاتها الضيقة مُنتهكة بذلك حرمات تلك الحارات وزوارها.
وسرعان ما نلقي باللوم دائمًا على حكومتنا والمؤسسات الحكومية والحقيقة أن اللوم كل اللوم على ملاك تلك البيوت في تلك الحارات التي تئن وتعاتب ملاكها. إنّ العمالة الوافدة تتخذ هذه الحارات كمخازن أيضاً بعيدا عن أعين الناس والمؤسسات الحكومية وما أخفي أعظم، كما أن الإيجار المدفوع لتلك البيوت في الحارات لا يتجاوز العشرة ريالات في حين أنَّ تلك العمالة تُدنس وتدمر جدران تلك البيوت ونقوشها التي عكف على تصميمها أجداد عظماء. إن دور القطاع الخاص كبير ويجب أن يمارس دوره الوطني المعروف بأن يستثمر في تلك الحارات وإنقاذها والعمل على ترميمها وجعلها مزارات سياحية يتم الترويج لها والحفاظ على أسقفها وبنيانها من أيادي العابثين.
إنّ حكومتنا الرشيدة والمتمثلة في وزارة التراث والثقافة ووزارة السياحة يجب أن تقف مع كل عماني يستثمر في تلك المواقع الأثرية كونها شواهد على ذلك النسيج المترابط في فترة كانت فيها تلك الحارات تعج برجال عُظماء كرسوا حياتهم لبنائها وحافظوا عليها وقاموا بزراعة البساتين المحيطة بها والتي أصبحت تسرح وتمرح فيها العمالة الوافدة لذلك لابد من الانتباه إلى تلك العمالة التي انتهكت حرمات الحارات والبيوت الأثرية القديمة. كما أن هذه العمالة تقوم برمي مخلفاتها داخل تلك البيوت القديمة والمهجورة وتصل إلى أطنان من تلك المُخلفات.
كلمة شكر وتقدير إلى بلدية عبري التي تجاوبت وبسرعة مع طلب لنقل مخلفات تلك الفئة من العمالة الوافدة في إحدى بلدات ولاية عبري والتي استغرقت ما يقارب أسبوعاً في تنظيفها ونقلها بواسطة سيارات البلدية، كما وضعت حاويات للقمامة في تلك الأماكن ولكن هل ستلتزم تلك العمالة الوافدة بوضع المخلفات عليها؟!.