أكدوا أهمية استخدامه كرديف لمطار مسقط وطرح مناقصة عالمية لإعادة تشغيله

متخصصون: غياب التسويق وعدم اكتمال المرافق و "أحادية" الرحلات.. أبرز عوامل "جمود" مطار صحار

الرؤية - خالد الخوالدي

يثور جدل ومناقشات منذ فترة حول مطار صحار ومدى جدواه الاقتصادية، والإجراءات التي ستتخذها وزارة النقل والاتصالات لتفعيل هذا المشروع الكبير، الذي أصبح مهملا بعد أن توقفت رحلات الطيران العماني من صحار إلى مسقط، والتي كانت هي الأخرى عليها علامات استفهامات كثيرة، وترتفع المطالب الآن من المحللين والاقتصاديين بالعمل على استغلال موقع مدينة صحار الاستراتيجي في تنشيط هذا المطار ليكون رديفا لمطار مسقط ويساعده في تنفيذ رحلات دولية قريبا.

حيث يقول محمد بن أحمد الشيزاوي الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إن مطار صحار من المطارات التي يفترض أن يكون لها شأن كبير في السلطنة لأنه يتوسط أكبر المحافظات وأكثرها كثافة سكانية في السلطنة فمحافظة مسقط ليست ببعيدة عنه ومحافظة شمال الباطنة بها هي الأخرى كثافة سكانية كما أنه قريب من محافظات الظاهرة والبريمي وجنوب الباطنة، وبالنسبة للجدوى الاقتصادية لا يمكن التكهن بها والمطار لم يفتح بعد ودون فتح المجال ليكون المطار محطة للطيران المحلي والإقليمي والدولي ويساند مطار مسقط الدولي، ومطار صحار هو أحد 3 مطارات إقليمية تم إنشاؤها لخدمة أهداف اقتصادية في صحار والدقم ورأس الحد، وفي حين حقق مطار الدقم نجاحا جيدا منذ تشغيله في 23 يوليو 2014 لم يكن أداء مطار صحار مرضيا، وربما التسرع في التشغيل المبكر له سبب في ذلك حيث لم تكن مرافقه قد استكملت وخاصة مبنى المسافرين ومبنى الشحن، إضافة إلى عدم تسويق المطار داخليا وخارجيا أدى إلى فشل التجربة، وقرار الطيران العماني تعليق رحلاته من وإلى المطار قرار صائب لأنه من غير المعقول أن نكلف خزانة الدولة مبالغ طائلة دون جدوى اقتصادية خاصة وأن عدد المسافرين في بعض الرحلات لم يتعد مسافرًا واحدًا فقط، وهناك العديد من المكاسب التي يمكن تحقيقها من تشغيل مطار صحار الذي يتميز بقربه من مطار مسقط الدولي وبالتالي يمكن استخدامه بديلا له في حالة الأنواء المناخية أو الأحداث الطارئة التي تحتّم تحويل الرحلات الجوية إلى المطارات القريبة، غير أنه من الناحية الاقتصادية لا يمكن أن ينجح أي مطار بالاعتماد على خط واحد فقط يربطه بمنطقة جغرافية لا تبعد عنه أكثر من 200 كلم؛ فلا أحد يرغب في أن تمتد رحلته 5 ساعات إذا كان باستطاعته اختصارها إلى ساعتين.

وأضاف الشيزاوي: المطارات في مختلف دول العالم تعتبر كنوزا اقتصادية، ولهذا نجد بعض الدول تنشئ مطارا في كل مدينة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، وأحيانا نجد في المدينة الواحدة أكثر من مطار ولا أحد يشكو من أن المطار ليس ذا جدوى اقتصادية بل على العكس من ذلك يساهم المطار في تحريك الاقتصاد وتنشيط العديد من القطاعات، ومن أبرزها النقل والتموين والفنادق والخدمات الأخرى ذات العلاقة بالإضافة إلى توفير مئات من فرص العمل المباشرة، ولعل ما حدث خلال الأيام الماضية يكون دافعا لنا لمناقشة إمكانية تحقيق النجاح لمطار صحار، ونحن مدركين أنّ الاعتماد على خط مسقط – صحار فقط لن يحقق أي نجاح للمطار حتى بعد إنجاز مبنى المسافرين؛ لأنّ المسافة بين المدينتين يمكن قطعها بالسيارة خلال ساعتين وبالتالي فإنّ هذا الخط لن يحظى بإقبال، وهذا يعني أن علينا التفكير في مدى أوسع بحيث يتم تشغيل خطوط مباشرة بين صحار وصلالة أو بين صحار وعدد من العواصم العربية والعالمية وهو ما يتطلب أن تركز عليه الجهات ذات الاختصاص خلال المرحلة المقبلة وتعقد اتفاقيات مع سلطات الطيران المدني في الدول الأخرى، كما أنّ نجاح مطار صحار لا يمكن أن يتحقق إلا بزيادة الطلب عليه سواء من العاملين في صحار والولايات الأخرى القريبة منها أو من السياح والمواطنين والمقيمين هناك، غير أننا في هذا الإطار سنواجه إشكالية مهمة وهي أنّ أعداد القوى العاملة هناك محدودة من جهة ومن جهة أخرى تنتمي في أغلبها إلى ثلاث جنسيات محددة كما هو الحال في سائر مناطق السلطنة مما يقلل من فرص نجاح المطار اقتصاديا.

‏وقال عوض بن خلف الهوم المياسي نائب رئيس لجنة التطوير والاستثمار بغرفة التجارة والصناعة بشمال الباطنة إن صحار تمتلك الموقع الاستراتيجي المهم بين محافظات السلطنة فهي قريبة جدا من محافظة البريمي ومحافظة الظاهرة ولا تبعد كثيرًا عن محافظة مسقط، كما أنّها تقع في شمال الباطنة ذات الكثافة السكانية الأعلى في السلطنة تقريبا ومن هنا فإنّ وجود مطار بصحار له مكاسب أهمها خدمة شرائح كبيرة من السكان كما أن المطار ضمن نطاق المنطقة الصناعية الأحدث والأكثر نموا في السلطنة حيث إنه قريب من أكبر المصانع في ميناء صحار التجاري والمنطقة الحرة بصحار ومنطقة صحار الصناعية التي تتواجد بها مئات المصانع، ناهيك عن أنّ تحويل الحركة التجارية من ميناء السلطان قابوس إلى ميناء صحار ليصبح الميناء التجاري الأهم في السلطنة يجعل تنشيط مطار صحار أولية مهمة في خطط التنمية.

وأضاف المياسي: لتفعيل مطار لابد من طرح مناقصة لتشغيله على المستوى الدولي ليكون هناك تنافس عالمي كما ان طيران السلام الجديد عليه أن يستفيد من المطار استفادة قصوى، ووجوده قرب منطقة صناعية مناسب جدا وعملي لتشغيل خدمة الكارجو الجوية cargo by air، ومن الخطط البديلة إعداد دراسة جدوى ليتم معرفة البدائل من خلال تشكيل لجنة محايدة من وزارة النقل والاتصالات ووزارة الشؤون القانونية وشركات الطيران وبعض الجهات الحكومية مثل وزارة التجارة والصناعة، أمّا إذا استمر المطار على ما هو عليه الآن فإنّه سيكون ملجأ للأشباح وبصمة فشل في جبين النقل والطيران.

وقال المهندس حافظ الربيعي نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة شمال الباطنة: تعد ولاية صحار عاصمة تجارية للسلطنة وذلك بوجود ميناء صحار الصناعي والمناطق الصناعية والمنطقة الحرة وما تتمتع به من بنية أساسية متكاملة بما فيها مطار صحار حيث إن ما ذكر يتطلب وجود عمالة أجنبية وسيلعب المطار دورا أساسيا في اللوجستية والنقل، ومن الناحية التجارية يجب التركيز على ثلاث محاور أساسية: المحور الأول الطيران الاقتصادي وخاصة إلى الدول الآسيوية ذات العمالة الوافدة في الخليج، والمحور الثاني الطيران الداخلي (صلالة مسقط والدقم) ويتم التركيز على الرحلات لخدمة الشريحة العاملة في هذه المناطق، والمحور الثالث شركات طيران دول مجلس التعاون لتفعيل خدمات الترانزيت.

وأضاف المهندس الربيعي: بالنسبة لرحلة الطيران العماني لم يكن الفشل في الفكرة ولكن في التنفيذ، ولم يتم التسويق بشكل صحيح ولم تدرس تواقيت الرحلات بشكل عملي، فمطار صحار يمكن أن يلعب دورا أساسيًا في تنشيط الجوانب السياحية والتجارية والاجتماعية خاصة من الجانب السياحي وذلك بزيادة نسبة السواح كنتيجة لوجود رحلات يومية مما سيكون له أثر إيجابي على القطاع السياحي، كما يمكن أن يفتح المطار المجال في زيادة أنشطة الشحن كبديل عن مطار مسقط وخاصة في ظل وجود التقارب الجغرافي بينه وبين الميناء أيضا، وعلى الجانب الاجتماعي سيقرب المسافات وخاصة بين المواطنين القاطنين والعاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، والاعتماد على مطار مسقط كمنفذ وحيد للسلطنة سيجعل بعض المواطنين مضطرين لاستخدام مطارات أخري مجاوره في رحلاتهم تجنبا لبعد المسافة وتعدد الاختيارات لشركات الطيران والمنافسة في التكلفة أمّا بالنسبة لمنشآت المطار فستزيد نسبة الاستهلاك دون الاستفادة الحقيقية منه مما سيسب خسائر مالية كبيرة على الدولة.

وقال أحمد بن علي الشيزاوي إنّ دورة أي مشروع خدمي تمر بمراحل محددة سلفا تتمثل في التقديم والتطوير والنمو ومن الهام جدا أن يسبق افتتاح مطار صحار في المرحلة القادمة تقديم إقليمي ومحلي يحقق من خلاله تطوير في نوعية الخدمات والوجهات التي تضمن تغطية كلفة تسيير الخطوط منه وإليه وكما لمستم جميعا أن اقتصار خدمات المطار على رحلات داخلية بين مطاري مسقط وصحار لم يكن خيارا مناسبا وخصوصا في مرحلة التقديم التي يجب أن يستقطب خلالها شركات طيران إقليمية وخطوط رحلات لا تقل عن 1000 كم داخليا وخارجيا ويمكن في مراحل لاحقة عند ضمان تغطية الكلفة التشغيلية إضافة خطوط مدعومة محليا ومن المناسب ان يستفاد من المطار إلى جانب نقل الركاب في مجال خدمات الشحن الجوي ليصبح ميناء جويا رديفا لمطار مسقط في ظل وجود مجمع صناعي ضخم بالولاية يعد أحد أهم المستفيدين من هذه الخدمات.
واختتم الشيزاوي بالتاكيد على أن المطار مهم إن وُجدت الرغبة الصادقة والإرادة في جعله أحد مصادر الإيرادات غير النفطية، ولن نسهب في تعداد الفرص الاستثمارية والمجالات التي يمكن استغلال المطار لتنفيذها، بيد أن التأكيد على أن الخروج بالمطار من دائرة المحلية إلى الإقليمية والدولية وبخدمات نقل جوي للركاب والبضائع من خلال شركات طيران اقتصادية هي عناصر معادلة تفاعل تنتج أبرز وأفضل عناصر الأهمية لسيناريوهات الاستفادة من المطار.

تعليق عبر الفيس بوك