منتخب مصر "أسعدنا"

 

 

 

مُحمَّد العليان

انتهتْ، أمس الأول، بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم المقامة في الجابون، واحتلَّ المنتخب المصري مركز الوصيف، بعد أن خسر من المنتخب الكاميروني القوي في المباراة النهائية بنتيجة 2/1، بعد هدف قاتل أحرزه المنتخب الكاميروني في الوقت القاتل في الدقيقة 90، والمباراة تلفظ نهايتها. ولكن شاء الله وقدَّر، وأحرزت الكاميرون اللقب الخامس في تاريخها؛ فالمنتخب المصري قدم نفسه في البطولة، وبقي يُقاتل لوحده حتى النهاية، بعد أن خرجت المنتخبات العربية الأخرى واحدًا تلو الآخر من البطولة، ورغم أنَّ المنتخب المصري لا يُعتبر أقواها، ولكن بالروح والتضحية والقتال داخل الملعب وبمدرب قدير بدرجة امتياز استطاع أن يقود الفراعنة إلى المباراة النهائية بإقل الامكانيات، وبمنتخب معظم لاعبيه من جيل الشباب، ومطعَّم بلاعبي الخبرة المحترفين في الخارج كمحمد صلاح والنني والمحمدي، والمحليين الحارس العملاق عصام الحضري وأحمد فتحي، وبهذا الجيل وبهذا المنتخب وكذلك لم يفز بالبطولة إلا أنه ظل يواصل كتابة تاريخه الكروي من ذهب في البطوله الإفريقية.

المنتخب المصري قدَّم درسا أو دروسا في البطولة؛ حيث إنَّ الكرة لم تعد تعتمد على الأسماء فقط والتاريخ، ولكن على ما يؤديه اللاعب على البساط الأخضر طوال الـ90 دقيقة؛ فجاء أداء المنتخب قويا في البطولة بأسلوب استعمله المدرب الأرجنتيني "كوبر" السهل الممتنع، وكذلك خلق نوعا من المنافسة بين اللاعبين وروح التحدي ورغبة الفوز في كل المباريات، وبذلك يعتبر المنتخب المصري يملك جهازا فنيا على مستوى رائع جدا في كيفية التعامل مع اللاعبين، ومع البطولة وطرق تنفيذ الخطط وتطبيقها داخل الملعب، وفعلا المدرب أعاد ترتيب أوراق المنتخب من جديد بعد الإخفاقات والخلافات والفوضى التي جرت في الفترات السابقة من العام 2012م إلى أن تولى المدرب الحالي زمام الإدارة الفنية للمنتخب وقاده في هدوء تام بعيدا عن المشاكل.

المنتخب المصري الحالي "الجديد" بدأتْ أوراق التوت تنمو فيه شيئا فشيئا، وهذه البطولة هي البداية لمشوار طويل لمنتخب ظل أبدا على الوعد والوفاء بتشريف الكرة المصرية والعربية في كل زمان ومكان، فيجب أن نتعلم من هذا المنتخب والمدرب فنونَ إدارة المنتخبات الفنية والإدارية، وكيفية التعامل مع البطولات المختلفة بطرق علمية في أصعب الأوقات والظروف، وبالكيفية الإيجابية وتحقيق الأهداف التي رسمت للمنتخب، لاعبين ولا أروع التزموا بالثقة والروح وحب الوطن والتضحية من أجله، وثقافة الفوز مهما كانتْ الصعوبات، والتنافس فيما بينهم لمن يمسك المقعد الأساسي في الملعب، ابتعدوا عن المشاكل والسلبيات وركَّزوا على عطائهم وواجباتهم داخل المستطيل الأخضر، فعلا منتخب مصر منتخب الفراعنة أسعدنا، وكعرب وكرة عربية ما زلنا نتنفس روحها وإخلاصها في المنتخب المصري رغم أنه بطل غير متوج.