لماذا لا تتوفر هذه المرافق بمطار صلالة؟

 

 

عبد الله العليان

مع احتفالات بلادنا بالعيد الخامس والأربعين، افتتح مطار صلالة الدولي الجديد رسمياً، ليدخل هذا المطار بحلته الحديثة وأجهزته التي تعد ضمن المطارات العالمية من حيث وسائل التقنية، وسيتبعه مطار مسقط الدولي، الذي يوشك على الانتهاء قريباً بإذن الله.

والمطارات بلا شك تلعب دوراً مهما تنمويا وسياحيا واستثمارياً المباشرة منها وغير المباشرة، وتضاف إلى رصيد الدول في الحراك الاقتصادي والسياحي، وتعزز مكانتها وقدرتها الفاعلة في النهوض المتعدد الجوانب، حيث تشكل ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية، وغيرها من المجالات. ومطار صلالة يعد رافداً مهما في الجانب السياحي، وهو الجانب الأهم، كما نرى الإقبال الكبير من السائحين والزوار، في كل الفصول، وكذلك الجانب الاقتصادي، حيث توجد المنطقة الاقتصادية الحرة القريبة من ميناء صلالة الدولي، وكذلك المنطقة الحرة في ولاية المزيونة، هذا كله جعل الكثير من شركات الطيران العالمية، ترغب أن تسير رحلات إلى صلاله مباشرة، وفعلاً الطيران القطري يسيّر 14 رحلة دولية من وإلى صلاله أسبوعياً، وهناك رحلات دولية لطيران العربية، وطيران فلاي دبي، وطيران الهندي، وطيران روتانا، وآخرها الطيران الباكستاني الذي سيّر رحلات دولية من وإلى صلالة من عدة أسابيع، ناهيك عن الرحلات الدولية السياحية إلى مطار صلالة مباشرة للمجموعات السياحية الأوروبية في فصل الشتاء على وجه الخصوص، وهذا بلا شك يستدعي أن تتوفر المرافق الأساسية للرحلات الدولية خصوصاً مبنى الصيانة ومبنى التموين.

وهذا في اعتقادي ليس مبرراً أن يترك دون إقامتهما، بل يعدو مهماً لحاجة الحركة الجوية للرحلات الداخلية والدولية، وكما علمت أنّ وزارة النقل والاتصالات، ومن خلال الشركة العمانية لإدارة المطارات تشجع زيادة الرحلات الدولية إلى مطار صلالة، وهذا جيد ومهم لاشك، لكن الإشكالية الراهنة عدم وجود مرفقين أساسيين لهذا المطار التي تكتمل المنظومة العالمية له، وهما مبنى للصيانة، ومبنى آخر للتموين، وهذين المرفقين، كما قيل تم وقفهما أو تأجيلهما، لا نعرف أسباب ذلك، فكيف يجتمع تشجيع الرحلات الدولية، وفي الوقت نفسه عدم توفير المرافق الضرورية؟!

في الوقت الذي نسمع فيه من المسؤولين بوزارة النقل والاتصالات أنّ مطار صلالة مطار دولياً، حتى لو لم يتم وضع التسمية رسمياً على واجهة المطار، ولا بأس أن تتأجل التسمية، أو تستبعد، فالمهم أن المطار أصبح دولياً كحقيقة واقعة فعلياً، من خلال عشرات الرحلات اليومية الأسبوعية الدولية، في كل المواسم، بالإضافة إلى الرحلات الداخلية الكثيرة التي تزدحم بالمسافرين. وفي غياب المرافق الأساسية لهذا المطار، سيسبب إشكالات فنية عند حدوث أي خلل يحدث فجأة، وربما أن بعض شركات الطيران، سوف توقف رحلاتها، عندما تعلم أن هذين المرفقين لا يتوفران بهذا المطار.

وقد حصل منذ عدة أشهر لإحدى الطائرات التابعة للطيران العماني بمطار صلالة انفجار في أحد الإطارات، ولم يستطع المهندسون تصليح هذه الإطار، ومكث المسافرون ما يقرب من عشر ساعات تقريباً، حتى يتم وصول أدوات تصليح الإطار من العاصمة مسقط، والسبب أنّ وسائل الصيانة غير متوفرة بهذا المطار، لعدم وجود مبنى للصيانة، وهذه مشكلة لأي مطار دولي. ومع عشرات الرحلات اليومية الدولية والمحلية من وإلى صلالة فإن وجود مبنى الصيانة ومبنى التموين أصبح ضرورة قصوى للحركة بهذا المطار، وهذا المطار كما يعرف الجميع كلّف الدولة ما يقرب من مليار دولار وربما أكثر، وهذا التكلفة كبيرة، فإنّ استكمال بقية المرافق، لم تعد إشكالية، إذا حسبنا الربح والخسارة من غياب مرافق مهمة للحراك الاقتصادي والسياحي، وعلى سمعة هذا المطار بعد هذه التكلفة.

وعُمان الآن من خلال الرؤية الجديدة، من خلال البرنامج الوطني لتعزيز الاستثمار ضمن هذه الخطة، علينا أن نستكمل كل ما يعزز هذا التوجه، وفي كل المجالات التي تستلزم توفير البنية الكاملة في كل مناطق بلادنا دون تأخير، ومنها موانئنا الجوية. ومن الناحية الاستراتيجية فموقع المطار يقع على الخطوط العالمية، وعمان بحمد الله تقع أغلب مناطقها على أهم المواقع الاستراتيجية، وهذا ليس اكتشافا جديداً نقوله، وهذا معروف لوزارة النقل والاتصالات، بل هو الواقع والجغرافيا لهذا البلد العريق.

لذلك من المهم أن يكون مطار صلالة بهذه الإمكانيات دوليًا من كافة جوانبه دون أي نقص، أو التأخير أو التأجيل لهذه المرافق، وليس في مصلحة حركة الاستثمار الذي نرغب في زيادته، لذلك علينا أن ننظر نظرة واسعة للمستقبل، لأن العالم اليوم هو عالم اغتنام الفرص، لا تأخيرها أو تجميدها، وليس هناك سبباً مقنعاً لعدم إنشاء هذين المرفقين، مع كثرة طلبات خطوط الطيران لتسيير رحلات دولية من وإلى صلالة، وعلينا أن نرمي الأفكار التي تحّيد أو تجّمد معطيات واضحة وجيدة لتحريك الموارد المتاحة لبلادنا.. هذه مجرد لفتة لوزارة النقل والاتصالات.