التشدّق بالحقوق والحريات

 

 

رغم أنّ الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى عالميّة، تنادي دائما بالحريات والحقوق المدنية، إلا أنّ الإدارة الأمريكية الحالية أزاحت هذا القناع الذي لطالما تشدقت به إدارات سابقة تناوب على رئاستها الحزبان الكبيران فيها.

فالقرار الأخير الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض حظر سفر على عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة إلى الولايات المتحدة، يتنافى تماما مع ما تدعو إليه أمريكا، علاوة على تعارض هذا القرار التمييزي مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان التي تقر بها الأمم المتحدة وجميع دول العالم. القرار ورغم اتخاذه تحت ذريعة "حماية المواطن الأمريكي" و"منع التهديدات الإرهابية"، إلا أنّه في حقيقته يستهدف أبناء الدول التي دمرتها الولايات المتحدة في حقيقة الأمر، وتسببت بطريقة أو أخرى في خلق حالة من الفوضى السياسيّة والأمنية فيها، نتيجة ما أشعلته من حروب، الكثير منها تمّ دون شرعية أممية واستنادا على ادعاءات واهية ثبت كذبها بعد سنوات من تدمير هذه الدول، التي كانت يوما ما ذات سيادة حقيقية على أراضيها وينعم شعبها في أمن وأمان واستقرار.

هذا الحظر ولأنّه يتنافى مع القيم الأمريكية وحقوق الإنسان التي يقرها العالم، ولّد موجة من الغضب العارم في العديد من عواصم العالم، بل وفي عقر دار الولايات المتحدة؛ حتى أنّ القائمة بمنصب وزيرة العدل الأمريكية رفضت تنفيذ القرار وطلبت من محامي الوزارة عدم تطبيقه، ما دفع الرئيس ترامب إلى إقالتها من منصبها.

ولايات أمريكية بدأت في الحشد لرفع قضية اتحادية للطعن على قرار الرئيس الأمريكي وإجباره على التراجع عنه، فضلا عن المسيرات المليونية التي حشدت لها القوى المدنية والمعارضين لسياسات الرئيس الجمهوري الذي فاز في انتخابات أثارت جدلا واسعا حولها، سواء في مرحلتها التمهيدية أو أثناء عملية التصويت في المجمع الانتخابي في المرحلة التالية.

الواقع يقول إنّ السياسات المتعصبة والقرارات التمييزية القائمة على أسس طائفية وعنصرية لا تشكل درع حماية من أية مخاطر، بل إنّها قد تكون سببا في تفاقم المخاوف الأمنية، ووقوع أعمال عنف أو إرهاب لن تجلب سوى الضرر ومزيد من الاحتقان داخل المجتمع الأمريكي المنقسم فعليا حسب المراقبين بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

تعليق عبر الفيس بوك