بصراحة كاملة.. عن سوريا وما يدور فيها

 

د. يحيى أبوزكريا

 

في كل هذا العالم العربي لا أحد يجرؤ أن يتهمني أنا يحيى أبوزكريا أنني حابيت طاغية أوجبارا متكبرا، بل وحسب جريدة أمريكية شهيرة كان الإعلامي الجزائري يحي أبوزكريا أول من استخدم كلمة "ارحل" في إشارة إلى الحاكم العربي في شهر فبراير 2003 في برنامج الإتجاه المعاكس على قناة الجزيرة القطرية.

كما أن موقفي من الظلم والظالمين غير قابل للمساومة أوالمزايدة.

في سوريا يوجد ظلم وتجاوزات نعم، لكن المعركة ضد الدولة السورية اليوم يقف وراءها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ودول إقليمية وعالمية عدة كلاعبين أساسيين في بحر الدماء السوري.

وسط هذا التداخل الكبير والمعقد بين رغبة الإرادات الدولية بإنتاج دولة سورية موالية للمحور الأمريكي ورغبة السوريين في الإصلاح، يجب عليّ أن أقف مليًا قبل الإدلاء بموقفي الذي سأسأل عنه يوم القيامة.

ما هو المطلوب اليوم من المسلمين في المشهد السوري تحديدا؟ هل المطلوب القضاء على الدولة الراهنة وإنتاج دولة عميلة للكيان الصهيوني ومتهاوية؟ رأينا أداء الثوار وقبل نجاح ثورتهم دخلوا في صراع مع حزب الله والفصائل الفلسطينية وقتلوا واقتصوا وذبحوا خلافا لمنطلقات ديننا الحنيف، وحتى الذين يديرون الثورة من الداخل والخارج سقطوا في لعبة المال والملذات ولذلك لم ينصرهم الله، لأن الله ينصر من ينصره فقط وهذا شرط رباني.

الخاسر الأكبر إذا سقطت الدولة السورية سيكون الشعب الفلسطيني بعد الشعب السوري، إذا انتصرت أمريكا وإسرائيل على سوريا. إن الخيار الأمريكي هو تدمير سوريا، ولهذا بادر برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري السابق إلى مجاملة الأمريكيين من خلال وسائل إعلامهم، قائلا إن سوريا الجديدة لا علاقة لها بإيران وحزب الله، والجولان يعود عبر تسوية مع الكيان الصهيوني.

هذه الحقائق وغيرها بالآلاف، وأنا شخصيا لدي معلومات بالأطنان، تعكس مدى الإصرار الأمريكي على إسقاط سوريا ومعاقبة حزب الله على انتصاره على الكيان الصهيوني في أغسطس 2006.

إنه ليس الصراع من أجل الديمقراطية والحريات، فهذه لا تحتاج إلى كل هذا العنف وهذا الدمار وكل هذه التحالفات، كما إنه لا يحتاج الى التحالف مع الأجنبي الطامع.

لا شك أن سقوط الدولة السوريا سيريح الكيان الصهيوني استراتيجيا لمدة مائة سنة على الأقل.

لكن في المقابل هناك أخطاء اقترفتها القيادة السورية، وهناك استبداد وطغيان مؤكد، بيد أن كل هذا قابل للإصلاح، ولذلك يُفترض على الغيارى على العالم العربي والإسلامي، بذل كل الجهود لإحقاق مصالحة شاملة في سوريا، والتوبة اليوم باتت واجبة على النظام السوري والمعارضة السورية؛ حيث ساهم الجميع في مهرجان القتل وتدمير سوريا.

نعم للحوار والمصالحة وإنهاء الإقصاء والإستئصال، وعندما يسألني ربي يوم القيامة عن موقفي في دار الدنيا تجاه الحدث السوري، أقول: يا ربي نددت بالظلم، وحدت عن أن أكون بيدقا في شطرنج الإرادات الدولية، وجنديا مجانيا في جيوش القتل والتدمير، وفي الوقت ذاته دعوت إلى حرمة الدماء وعصمتها والكف عن القتل.. اللهم فاشهد.

 

yahyabouzakaria@gmail.com