انتبه.. لا تشوِّه بلدا نظيفا

 

 

 

حمود الطوقي

مِنْ مُنطلق دورنا الإعلامي، ومن واقع حرصنا على ضرورة أن ندوِّن مُلاحظاتنا حول ما ينبغي أن يكون عليه الوضع في بلادنا، ولكي نُوْصِل أفكارنا ومبادراتنا والحلول التي نقترحها للمسؤولين، خاصة في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنقل الحدث في لحظته وساعته، وتضع الجميع أمام مسؤوليتهم الوطنية.. من واقع كل ذلك، أضع هذا المقال.

قُلت في إحدى التغريدات إنَّ التجمُّعات على الشواطئ العُمانية تترك آثاراً لا ينبغي التساهل معها، خاصة فيما يتعلق بالنظافة؛ كونها عمادَ وعمودَ الطهارة العامة، بانعكاسها على الشخصية الفردية، واتصالها بالتربية والعادة الاجتماعية.

وأثارتْ التغريدة ردودَ فعل بَيْن مُؤيد ومُعارض، وحين رصدتُ ما قبل وبعد التعامل مع الشواطئ العُمانية، بالصورة الثابتة والمتحرِّكة، انتشرتْ التغريدة والصور التي صاحبتها على نطاق واسع، وتداولها العديد من المتابعين، وأثارتْ مَوْجَة من النقاشات المختلفة؛ بحيث تحوَّلت بعض الآراء إلى مداخلات مختلفة التوجهات، ومتَّسعة الأفكار والأحكام، ومتغايرة في الفهم والاستنباط للغرض الذي من أجله تم وضع التغريدة.

ومن الوعي بمكان معرفة أنَّ السلطنة بلد يستوعب الكثيرَ من الأجناس والجنسيات، ويترك مُتسعاً لممارسة الحياة والاستفادة من المرافق الطبيعية، وهي ذات توجه سياحي في المقام الأول، ونحن نسعد بوجود العناصر البشرية التي تستفيد من ذلك سياحيًّا، لتنقل عبر مختلف الوسائل البصرية حرص الحكومة على توفير منافذ الترفيه، بما يتفق وأساليب التعاطي معها واستثمارها من جانب المستفيدين منها اجتماعيا، ولكن، بأن يتم الاهتمام بالمكان، وتركه على الحالة التي كان عليها قبل الاستفادة من مساحاته، بدلاً من ترك الفرق التطوعية وعمَّال البلدية ينوؤون بحمل تنظيف مخلفات كان يمكن التخلص منها كنوع من السلوك الحضاري، وهذا ينطبق على العُمانيين وغير العُمانيين.

ومن هذه الزاوية، أطلقتُ مجموعة من التغريدات تحمل عدداً من المقترحات، ونأمل أن تستفيد منها العديد من الجهات؛ سواء بشكل مفرَّق أو تنسيقي، بما يصبُّ في صالح خدمة المناخ السياحي عموماً، وصلته بالحراك السياحي، والتأثيرات التي تنشأ بعد الانتهاء من استخدام الأماكن لأغراض الترفيه واللقاءات الاجتماعية.

أتصوَّر أنَّه ينبغي فعليًّا التوجه من أجل سن قوانين للتعامل مع الذين يعتادون المخالفة والعبث، وليس لديهم الرقابة الداخلية على سلوكياتهم وعواقبها، خاصة وأنَّ الأماكن السياحية جزء من الملكية العامة، التي ينبغي أن يشترك الجميع في الاعتناء بها، وإنْ عن طريق الإلزام القانوني.

قتعيين مراقبين يحملون صفة الضبطية القضائية ضد العابثين والمخالفين؛ سواء كانوا موظفين أو متطوعين، سيكون له أثر بالغ في اتخاذ الحيطة والحذر من جانب المستفيدين من مرافق السياحة والترفيه، وسيحتاطون لأي سلوك يتنافى مع الصيغة الحضارية للتعامل مع المكان.

أمَّا اللوحات الإرشادية ذات المناخ التحذيري بوجود ملاحقة قانونية ضد من تسوِّل له نفسه تشويه المنظر العام، فنظنُّ أنَّها ستكون عاملا مساعدا وتثقيفا ضروريا يعكسُ المناخ الحضاري للمكان، وهو نَوْع من التلقين غير المباشر للجميع على حدٍّ سواء.

وفي حال عدم الاسترشاد، والرغبة في استعراض الخصائص السلوكية غير الحضارية، وهو مناخ فردي، سيكون تشديد العقوبات حلًّا أمثل، من قبيل الغرامات المالية، وفي حال التكرار يمكن المعاقبة بالسجن، وهنا يمكن الاستعانة بقانون المرور المتشدد مع مثل هذه التصرفات غير الواعية وغير المسؤولة.

وعلى المستوى العام، يُمكن تجذير ثقافة النظافة، من خلال تكثيف التوعية وحملاتها، عن طريق التنسيق بين الفرق التطوعية من ناحية، وجمعية البيئة العُمانية من ناحية ثانية، ووزارة التربية والتعليم من ناحية ثالثة؛ بحيث تبدأ هذه الثقافة من المدرسة؛ فهي الجسر الأول الذي منه يتم العبور إلى ضفة العادات الحسنة والسلوكيات الحضارية.

وبالعودة للمرافق السياحية، فإنَّ الشواطئ ستحتاج حرَّاسًا ومراقبين، عن طريق تنسيق الجهود بين وزارات: السياحة، والبلديات الإقليمية وموارد المياه، وبلدية مسقط، نظنُّ أنَّ هذا سيمثل حافزا للاعتياد، وهاجسا للتعود على الرقابة الذاتية من جانب المستفيدين من هذا المرفق.

أمَّا وجود مكاتب خدمية سياحية تعمل على مدار الساعة، لتقديم الإرشادات ومراقبة واقع حال مرتادي الشواطئ والمتنزهات والحدائق والأماكن السياحية في مختلف المحافظات، فهو أحد الحلول الممكنة التحقُّق؛ فضلا عن ضرورة إيجاد مرافق عامة، تكون ذات فائدة للقطاع الخاص من زاوية الاستثمار.

أماكن وضع المخلفات، وسلال القمامة، ضرورية ومهمة. ولكي تكون ذات طابع قريب من الناس، يُمكن تحفيز الابتكار في التصاميم والأشكال؛ بحيث تتناسب مع كل مرفق بحسب الخدمات التي يقدمها، ويمكن أن تكون تلك الابتكارات مصنوعة من مواد صديقة للبيئة.

نظنُّ أنَّ إطلاق أحد أيام السنة للاحتفال بـ"اليوم الوطني للنظافة"، وتعميمه ليشمل الشواطئ والحدائق والمتنزهات والحارات السكنية، سيكون ذا فائدة طيبة، خاصة إذا ما تمَّ دعمه من القطاع الخاص، وتمَّ إنشاء جائزة تحمل اسم هذا اليوم؛ ربما سيعتاد الناس على التعاطي مع هذه الأماكن برقي حضاري.