القاهرة - الوكالات
قَضَتْ المحكمة الإدارية العليا في مصر، صباح أمس، برفض طعن الحكومة على حكم من القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة مع السعودية، وأكدت استمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير عند مدخل البحر الأحمر الشمالي.
وقال القاضي في منطوق حكمه: إنَّ "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها". وعقب النطق بالحكم هلل المحامون والحاضرون في الجلسة بهتفات من بينها "مصرية مصرية" في إشارة إلى الجزيرتين الواقعتين بمدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر. وبثَّ التليفزيون المصري على الهواء مباشرة جلسة المحكمة.
وقال عضو مجلس الشورى السعودي السابق ورئيس مركز الشرق للدراسات أنور ماجد عشقي -معلقا على حكم المحكمة الإدارية العليا- إن السعودية قدمت إلى الجانب المصري المستندات الكافية لإثبات سعودية الجزيرتين. وأضاف أن بلاده قد تلجأ إلى الأمم المتحدة وللتحكيم الدولي. مشيرا إلى أنَّ التوتر في العلاقات بين البلدين ناشئ عن خلافات بشأن قضايا إقليمية، وليس في الأساس بسبب التنازع على السيادة على الجزيرتين.
وأكد برلمانيون مصريون ضرورة أن يمتنع البرلمان عن النظر في اتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، المحال إليه من الحكومة، تفاديا لمواجهة قد تحدث بين السلطة التشريعية والقضائية. وقال النائب إيهاب الخولي أمين سر اللجنة التشريعية في البرلمان المصري، إن البرلمان بعد الحكم غير مختص بنظر الاتفاقية؛ إذ إنَّ حكم المحكمة الإدارية العليا حسم الأمر وأقر ببطلان الاتفاقية، وبالتالي فإن أي مناقشات حول هذا الأمر لا تخص البرلمان إذ تعد الاتفاقية تنازلا عن جزء من أرض مصر. وقال النائبان هيثم الحريري ومحمود عفيفي إنه لا يحق أن يقوم البرلمان بنظر الاتفاقية، بعدما أصبحت باطلة بحكم قضائي.
كما دعا النواب الحكومة إلى أن تتوقف عن التقدم بأى منازعات أمام القضاء الدستورى وفتح حوار من جديد مع الجانب السعودى حول كيفية إعادة التفاوض بشأن الجزيرتين. وطالب النائب أنور السادات زملاءه بالتوجه إلى تيران وصنافير ورفع علم مصر عليهما.
وفي المقابل، أعلن تحالف مؤيد للحكومة في البرلمان المصري تمسكه باختصاص مجلس النواب في نظر معاهدة ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية. وقال ائتلاف دعم مصر -وهو التحالف البرلماني الأكبر داخل مجلس النواب- إن حكم الإدارية العليا لن يغير من حقيقة اختصاص مجلس النواب بنظر المعاهدات الدولية. مشيرا إلى أن اللائحة الداخلية للبرلمان تخول له "تقرير طريقة إقرار الاتفاقية، أو كونها مخالفة لأحكام الدستور، أو تتضمن تنازلا عن الأراضي المصرية".
وأضاف الائتلاف في بيان بأنَّ "القول الفصل النهائي في هذا الموضوع في النهاية سيكون للنواب ممثلين عن الشعب". وكانت مصر والسعودية قد وقعتا العام الماضي اتفاقا بشأن ترسيم الحدود بين البلدين، قضى بوقوع الجزيرتين تحت سيادة السعودية.
وقد استبقت الحكومة المصرية حكم المحكمة الإدارية العليا بإحالة الاتفاقية في ديسمبر الماضي إلى مجلس النواب لإبداء الرأي فيها، بينما أوصي تقرير غير ملزم لهيئة مفوضي المحكمة بتأييد حكم المحكمة الإدارية السابق بمصرية الجزيرتين. واعتبر تقرير هيئة مفوضي المحكمة -الذي أعد بناء على طلب المحكمة الإدارية العليا- أن اتفاقية الترسيم "باطلة بطلانا مطلقا"، حسبما ورد في التقرير.
وأوضح التقرير -الذي نشر نصه محامون من رافعي دعوى بطلان الاتفاقية- أن الاتفاقية تخالف الدستور لأنها تقر بالتنازل عن جزء من الإقليم المصري، لكنه أضاف بأن للمحكمة الإدارية الحق في أن تأخذ بالتقرير أو تستبعده، مشيرا إلى أن "الوثائق والاتفاقيات والقرارات الدولية كافة التي ارتبطت أو تطرقت للجزيرتين أكدت بما لا يدع مجالًا للشك مصرية الجزيرتين تاريخيًا وجغرافيًا وسياسيًا"