باحث عماني ينال الدكتوراه عن الآليات التشريعية لمواجهة "عولمة الجريمة الاقتصادية"

 

مسقط - أميرة السناني

حصل الباحث سيف بن عبدالله بن سعيد السناني على درجة الدكتوراه في القانون الخاص بتقدير "مشرف جداً" وذلك من جامعة محمد الأول بالمملكة المغربية، عن بحثه المعنون "عولمة الجريمة الاقتصادية ومواجهتها في التشريعين المغربي والعماني".

وقسم الباحث بحثه إلى بابين؛ الأول حمل عنوان "العولمة وعلاقتها بالجرائم الاقتصادية"، بينما تمّت عنونة الباب الثاني بـ"مواجهة الجرائم الاقتصادية في التشريعين المغربي والعماني". وقال الباحث إنّ الجرائم الاقتصادية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الاقتصادي وتتفاعل معه في اتجاهاته وفي تطوراته المختلفة، ومن المعروف أنّ النظام الاقتصادي هو أكثر النظم الاقتصادية ملاحقة للتطورات التي تطرأ على العلاقات بين الدول والشعوب من حيث الانفتاح أو الانغلاق، كما أنّه يعد أول هذه النظم تأثيراً بالتطورات التقنية التي تشهدها المجتمعات، لذا فقد بات منطقياً أن تنعكس هذه التطورات بدورها على الجرائم الاقتصادية، سواءً من حيث طبيعتها أو من حيث خصائصها. وأضاف أنّ الجريمة الاقتصادية بشكلها الحديث أخذت تتشكل أكثر وضوحاً تحت نظام العولمة، حيث لعب التقدم العلمي في المعلومات ووسائل نقلها والاتصالات دوراً بارزاً في ذلك، وما يسمى بظاهرة القرية العالمية حيث أجهزة الاتصال والمعلومات الحديثة أصبحت متاحة على نطاق واسع بما يشجع على ابتداع طرق جديدة لارتكاب الجريمة الاقتصادية، حيث إنّ هذه المعطيات العلمية والتقنيات الحديثة استفادت منها العصابات الإجراميّة من خلال التهديد بتدمير برامج المصارف والمؤسسات المالية، والتعتيم على الحسابات المصرفية وتدميرها.

وحول أهمية موضوع البحث، قال السناني إنّ هذا البحث يتجاوب مع أحداث العصر الحالي، وترتكز أهميته على اعتبارات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتشريعية وقانونية وعملية في نفس الوقت. وأكد أنّ أهميّة هذه الدراسة تأتي من هذا التحدي الذي تواجهه الدول في تيار حديث من الجرائم الاقتصادية التي أخذت التقنية الحديثة تسهم بدور مهم فيها، والتي نشأت كلها في ظل ما يعرف الآن بنظام العولمة، لذلك كان من الأهمية التعرّف على مظاهر هذه العولمة وإفرازاتها الإجراميّة من جراء ذلك النشاط الاقتصادي الحديث.

وخلص البحث إلى عدد من النتائج، أوضحها السناني قائلا إنّ تعقيدات وخصائص العولمة ستؤثر في كل مناحي الحياة، وتؤثر في ذلك أمور كثيرة على رأسها سبعة مؤثرات تتعلق بـ"الجانب الاقتصادي، والسياسي، والإعلامي، والمعلوماتي، والتكنولوجي، والاجتماعي والقانوني"، وبذلك ستمهّد تلك العوامل، بل ستفتح الطريق للتأثير في الجانب الثقافي والفكري، بل الهوية الثقافية التي قد تتأثر بشكل سلبي لم يسبق لها مثيل. وأوضح أن المغرب يمتلك ترسانة قانونية ذات أهمية كبرى لمعالجة كثير من أصناف الجرائم، فقد تصدى المشرع المغربي في مجموعة القانون الجنائي التي ترجع لسنة 1962 إلى العصابات الإجرامية والتعاون مع المجرمين، وأدخل المشرع في هذا القانون مجموعة من التعديلات، كان في مقدمتها قانون الإرهاب، وأضاف أيضاً المقتضيات المتعلقة بالمس بنظام المعالجة الآلية للمعطيات، بمقتضى القانون رقم 07.03، كما أصدر القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

وتابع الباحث أن المُشرّع العماني، وفي ظل حماية اقتصاده واستقراره الأمني والسياسي والاجتماعي في عصر العولمة ساير العولمة التشريعية؛ من خلال التزامه بمختلف الاتفاقيات الدولية، حيث احتوى قانون الجزاء العماني الصادر في عام 1974 مقتضيات قانونية تتصدى لمختلف الجرائم ومن بينها الجرائم الاقتصادية، إلا أن تطور الجريمة بمختلف أشكالها وصورها وأساليبها التي تعتمد على العولمة في تنفيذها، فقد تصدى المُشرِّع العماني لهذا الإجرام ذي الامتداد العالمي من خلال إصداره لعدة قوانين. وأوضح أنه صدر قانون المعاملات الإلكترونية رقم 69/2008، وذلك للتصدي للجرائم الإلكترونية، إضافة إلى قانون الاتصالات رقم 30/2003 الذي يجرّم الممارسات الخطيرة في المجال الافتراضي ذات العلاقة بالاتصالات وتقنية المعلومات، كما صدر القانون رقم 12/2011 لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، وفي مواجهة الجريمة المنظمة فقد أصدر المشرع العماني قانون غسل الأموال رقم 34/2002، إلا أنّه لم يواكب تطور تلك الجريمة وأساليبها وصورها المتعددة في عصر العولمة، وتم إلغاؤه وحل محله قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 79/2010، وذلك نظراً للعلاقة بين جرائم غسل الأموال المتأتية من أنشطة مشبوهة وجرائم تمويل الإرهاب.

وتضمّنت الدراسة عدة مقترحات منها العمل على تطوير كفاءة الأجهزة الجنائية للوقاية من الجرائم الاقتصادية التي أفرزتها العولمة، وتطوير التشريعات لتحقيق التكامل بين السياستين الاقتصادية والجنائية، وإجراء مراجعة شاملة للتشريعات الاقتصادية التي تهدف إلى رفع النمو الاقتصادي والتشريعات الجنائية التي تضبط هذا النمو، وتهيئة وتأهيل الكوادر القضائية والمساعدة لفهم الجرائم المستحدثة، وتطوير وتحديث أدلة الإثبات بما يتناسب مع الجرائم والتقنية ذات الطابع المعولم، وصياغة رؤية واقعية دولية تنبني عليها سياسة جنائية لتطويق الظواهر الإجرامية الخطيرة.

تعليق عبر الفيس بوك