خالد بن علي الخوالدي
لجأ إليَّ عددٌ من الغيورين والمُخلصين الأوفياء من أبناء الخابورة للحديث والكتابة عن الاعتداء السافر من قبل إحدى الشركات على رمال الحمض بالخابورة، وتابعت باهتمام بالغ مقاطع الفيديو التي انتشرت والتي يدمى لها القلب، كما تفاعلت مع الوسم الذي أطلق في تويتر تحت مسمى (رمال الحمض تحتضر)، وأعتبر شخصيًا كل شحنة تحملها تلك المعدات من رمال الحمض هي بمثابة نزيف دم من جسم كل غيور على مُقدرات البلد ووصمة عار لكل الشركات والمعتدين على مقدرات هذا البلد الغالي والتي يتحقق منها مصالح شخصية لأفراد معدودين على حساب المصالح العامة.
ورمال الحمض تُعتبر من الكثبان الرملية الوحيدة القريبة من مركز الولاية والتي تكونت على مدى مئات السنين، ولها مرتادوها من محبي الرمال الناعمة والمُغامرات سواء بالسيارات أو الدراجات النارية، وهناك فئات تعتبرها سياحة مختلفة عن السياحة المعتادة في المواقع الطبيعية المختلفة كالأودية والشواطئ حيث يستخدمونها للتخييم، وهي امتداد من وجهة نظري لرمال مشايق القريبة منها والتي أيضاً تم الاعتداء عليها من خلال حيازتها كأراضٍ أو من خلال قيام وزارة الإسكان بتوزيع مخططات سكنية حولها وقريبة منها وربما يأتي الدور عليها لنراها بعد ذلك بيوتاً سكنية وتختفي تلك البقعة الجميلة التي سهرنا فوق تلالها ليالي مُستمتعين بالهدوء وبالليالي القمرية مع الأهل والأصدقاء والأحباب.
إنّ هناك الكثير من التساؤلات البديهية التي سوف يطرحها الشارع والجمهور منها هل هذه الشركة عملت على نقل رمال هذه الكثبان بدون تصريح مما يعتبر اعتداء على ملك عام، أم أنها منحت تصريحاً بطريقة ملتوية ومن تحت الطاولة على أساس أن الناس مشغولون في أعمالهم وغير آبهين بهذه الرمال، وربما يكون موظفو الجهات المختصة كالبيئة والسياحة والبلدية وغيرها من الجهات المختصة قد منحوا الشركة تصريحاً دون أن يقفوا على الموقع ولا يعرفون عنه أي شيء، وهذا حاصل وأضرب مثالاً عليه بمنح تصاريح على مواقع أثرية وتاريخية مُهمة كمنطقة حوراء برغا الأثرية التي تحولت لمنطقة استخراج رخام لصالح إحدى الشركات، ومن حق الجمهور طرح العديد من علامات الاستفهام حول ما يرونه يمس حياتهم اليومية.
ويوجه الشارع كل تطلعاته إلى الجهات العليا في الدولة والأمنية والقضائية والادعاء العام لإرجاع الوضع إلى ما هو عليه فهذه الكثبان ليست ملكاً مشاعاً وعلى كل فرد تحمل مسؤولياته، فإذا عملت الشركة دون تصريح، يجب عليها أن تتحمل المسؤولية، وتعيد الكثبان إلى ما كانت عليه من قبل، وإذا كان التقصير من قبل الجهات الحكومية المختصة، فكذلك عليها أن تتحمل مسؤولياتها وتعاقب من قام بمنح التصريح عقاباً يجعله عبرة لمن يعتبر، فلقد سئمنا من سماع ورؤية الاعتداء على المُمتلكات العامة فتارة أرض بيضاء تتم حيازتها، تحت أنظار المواطنين ويستطيع حائزها الاستيلاء عليها بطرق ملتوية أو لأنّه صاحب سلطة يحق له ما لا يحق لغيره، ومرة موقع حديقة يحول بين ليلة وضحاها إلى أرض سكنية أو سكنية تجارية، واليوم نسمع ونرى الاعتداء على الكثبان الرملية التي أطلق عليها أحدهم (رمال الجنة) يتم استغلالها للكسب المادي لتتحول حياتنا إلى مادة فقط دون النظر إلى الجوانب الأخرى.
امنحونا فرصة نتنفس ونستنشق هواء طبيعيا ونقيا بعيدا عن أدخنة وعوادم السيارات فقد سئمنا الإزعاج والتلوث في مراكز المدن والولايات ولا تحرمونا من مثل هذه المواقع التي هي هبة ربانية لم تتدخلوا في صنعها، ودمتم ودامت عمان بخير.