"إسبانيا دولة الله".. كتاب يرصد الواقع الحياتي للمسلمين في أوروبا

 

 

القاهرة - العُمانيَّة

يعدُّ المسلمون في إسبانيا من أكبر الجاليات تعدادًا، وأسرعها انتشارًا، وأحرصها على طقوسها الدينية وثقافتها وعاداتها في البلدان الأم.

وقد اهتمَّ الصحفي والباحث الإسباني إجناسيو سيمبريرو بأوضاع الجالية المسلمة في إسبانيا، وأصدر كتابا ترجمته بعض دور النشر تحت عنوان "إسبانيا دولة تصلي لله"، لكن مرصد الأزهر للغات الأجنبية بالقاهرة ترجمه أخيرا بعنوان "إسبانيا دولة الله".

وقد درس المؤلف بمعهد الدراسات السياسية والمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية بالعاصمة الفرنسية باريس، ومن مؤلفاته: "جيران متباعدون" الذي تناول فيه العلاقات الوثيقة التي تربط بين إسبانيا والمغرب.

وقال المرصد في تصديره للترجمة إن هذا الكتاب يعدّ سجلًا لحياة المسلمين ومشكلاتهم وطموحاتهم وأفكارهم، كما أنه يحاول الإجابة عن تساؤلات عدة حول المسلمين وطريقة تعايشهم مع المجتمع وإجراءات الدولة لمنع أشكال التطرف والعنف، إضافة إلى عرض ما تقوم به المغرب من إجراءات للسيطرة على هجرة مواطنيها إلى إسبانيا.

وأضاف بأنَّ الكاتب يتناول مجموعة من النقاط المتعلقة بأحوال المسلمين في إسبانيا، حيث يذكر أن المسلمين يمثلون قرابة 4% من جملة سكان إسبانيا حاليًا، وهم يتزايدون بشكل كبير؛ ويُتوقع أن يصل عددهم إلى أكثر من ثلاثة ملايين نسمة بنسبة 7% عام 2025.

وتعدّ كتالونيا من المناطق الرئيسية التي تتميز بمعدل سريع في تزايد المسلمين، وعلى الرغم من هجمات 11 مارس 2004 الإرهابية بمدريد، فليست هناك أزمة ملحوظة للمسلمين في المجتمع الإسباني؛ نظرًا لما تقوم به الأجهزة الأمنية من جهود لحفظ الأمن.

ويتحدث الكتاب عن المسلمين في ربوع إسبانيا واللاجئين المسلمين ومن اعتنقوا الإسلام حديثًا، ويروي طموحاتهم وطريقة حياتهم وتديّنهم وعلاقاتهم بالسلطة الإسبانية وكذلك علاقاتهم بالدول العربية وخصوصًا المغرب. ويقول المؤلف إنَّ كثيرًا ممن حاورهم من الإسبان أو الأوروبيين بشكلٍ عامٍ، سألوه عما إذا كان سيتناول الوجود الإسلامي الثالث في القارة العجوز على أساس أن الوجود الأول كان في 711 مع فتح الأندلس والثاني عام 1529 عندما وقف الأتراك على أبواب فيينا، أما الثالث فهو -على حد قوله- ما يحدث الآن من زحف اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا، وهو ما يعتبره الكاتب بعيدًا كل البعد عن الفكر المتطرف لأن هؤلاء المهاجرين قَدموا من إفريقيا لأسباب اقتصادية أو من الدول العربية وآسيا الوسطى هربا من ويلات الحروب والدمار.

ويؤكد الكاتب أن ثورات "الربيع" قد تسببت في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة العربية في كلّ من تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، وهو الأمر الذي تسبب في موجات كبيرة من الهجرة.

ويشير إلى أن كتلة المسلمين في أوروبا قد بدأت في التشكل وبدأ عدد المسلمين في التزايد داخل دول القارة بشكل سريعٍ وملحوظ، وهو ما يفرض على أوروبا أن تقوم بإدماج الملايين من أتباع دين محافظ يملأ حياتهم العامة والخاصة. ويلفت النظر إلى أن طرق الاندماج كثيرة منها تكوين ما يسمى الإسلام الأوروبي المعتدل، مرجحًا أن مهمة الإدماج لن تكون سهلة، لا سيما مع المسلمين القادمين من دول عربية.

ويرى المؤلف أنه بالرغم من المشكلات التي تسببها الهجرة، إلا أن اللاجئين والمهاجرين يُثرون المنطقة التي يهاجرون إليها ويسهمون في حراكها، كما هي الحال في الولايات المتحدة ودول أوروبا. ويذكّر بأن معدلات المواليد في أوروبا منخفضة جدًا؛ لذا فإنها تحتاج إلى الأيدي العاملة والخبرات لضمان رفاهيتها وتقدمها، وهو ما حدث في ألمانيا وغيرها من الدول. ويؤكد أن التقارب الجغرافي هو الذي يحفز العرب للهجرة إلى أوروبا أكثر من سواهم، وهو ما لا يتاح للصينيين ولا لمواطني أمريكا الجنوبية على سبيل المثال، ولا علاقة لهذا بتفوق الجنس العربي.

ويصف المؤلف المجتمع الإسلامي في إسبانيا بـ"دولة ملوك الطوائف"، حيث المسلمون هناك يعانون من انقسامات كبيرة لأسباب قد تكون شخصية أو بسبب تداول السلطة الدينية، وهو ما تسبب في فقدان المسلمين الكثير من حقوقهم التي اكتسبوها باتحادهم عام 1992، كحق تعليم التربية الدينية الإسلامية للتلاميذ المسلمين.

تعليق عبر الفيس بوك