قوَّة الوضع المالي للسلطنة تسهم في تيسير تغطية العجز حتى الآن

4117 ريالا عمانيا نصيب المواطن من إجمالي الدين العام

 

 

 

الرُّؤية - نجلاء عبدالعال

أظهرتْ حِسَابات أجْرَتها "الرُّؤية" أنَّ نصيبَ كلِّ مُواطن عُماني من الدين العام يبلغ 4 آلاف و117 ريالا عمانيا؛ حيث بلغ الدين العام حتى نهاية العام 2016 نحو 7.4 مليار ريال بحسب بيان وزارة المالية، وإذا أُضِيْف إليه 265 مليون ريال خدمة الدين في العام الجاري، الواردة في بند الإنفاق، مع 2.5 مليار ريال قروضا خارجية ومحلية لتغطية العجز، فإنَّ المجموع 10.16 مليار ريال، ونسبة إلى عدد العُمانيين البالغ 2.469.107 مواطن ومواطنة، فإن نصيب كل مواطن من الدين العام 4.117 ألف ريال تقريبا.

وفي المقابل، فإنَّ نصيب الفرد من الإنفاق العام خلال العام الحالي يبلغ حوالي 4 آلاف و738 ريالا و555 بيسة. وقطاعيًّا، فإنَّ نصيب المواطن من الإنفاق على قطاع التعليم يبلغ 642 ريالا و78 بيسة. أما نصيبه من الانفاق على الصحة خلال العام الحالي، فيبلغ 247 ريالا و972 بيسة، ونصيب كل مواطن من جُملة الإنفاق على قطاع الإسكان 16 ريالا و512 بيسة.

ولا يُمكن استيعاب هذه الأرقام بمعزل عن حال الاقتصاد الوطني الذي يتشارك فيه الجميع مواطنين وحكومة، والاقتصاد الوطني بدوره لم يكن بعيدا عن مؤثرات عالمية وهو ما حاول بيان وزارة المالية توضيحه؛ فمع الاعتماد على النفط كمنتج رئيسي يمثل عمودا فقريا للاقتصاد العماني، وكون السلطنة لا تحدِّد ثمن بيعه وإنما يعتمد على التعاملات الخارجية، فقد جاءت التأثيرات من الخارج لتشمل كافة قطاعات الاقتصاد الوطني.

ويُمكن إعادة قراءة أرقام وزارة المالية لنعرف مدى قوة "الضربة" التي لم تكن متوقعة عندما بدأتْ في 2015، أن تستمر وتستفحل بهذه الصورة، فالحكومة تؤكد أن الاقتصاد تأثر بقوة بداية من عام 2015 حيث انخفض الناتج المحلي بالأسعار الجارية خلال العام بنسبة 14% مقارنة بمستواه في العام السابق -2014م- وهذا الناتج المحلي هو ما تعتمد عليه الدراسات والإحصائيات العالمية في قياس دخل الفرد؛ وبالتالي فعندما تقول وزارة المالية إن الناتج المحلي الإجمالي انخفض من 31.2 مليار ريال إلى 26.8 مليار ريال، فإن هذا يعني مُباشرة تراجع مستوى دخل الفرد العماني -المحتسب نظريا- من 13 ألفا و547 ريالا سنويا في نهاية 2014، إلى 11 ألفا و220 ريالا في نهاية 2015، ويمكن توقع التراجع في هذا النصيب بناء على ما أعلنته الوزارة أيضًا عن انخفاض الناتج المحلي بالأسعار الجارية وفقاً للبيانات المعلنة حتى النصف الأول للعام 2016م بحوالي 11%.

ويُشار إلى ما ذكره بيان وزارة المالية من أن "الناتج المحلي بالأسعار الثابتة قد نما خلال العام 2015م بنسبة 5.7%، والتوقع أن يكون رقماً إيجابيًّا في العام 2016م على الرغم من الانخفاض الحاد في الإيرادات النفطية؛ وذلك كنتيجة مُباشرة للسياسات المالية والاقتصادية التي انتهجتها الحكومة خلال هذين العامين"، وسيظهر خلال العام الحالي ما إذا كانت نسب النمو المتوقعة للناتج المحلي مع تحسُّن أسعار النفط الحقيقية.

ومع عَدَم نَشْر الحساب الختامي للعام 2015 حتى الآن، فإنَّ جميعَ المؤشرات تدلُّ على فجوة واسعة بين التقديرات والواقع؛ سواء في احتساب الإيرادات العامة أو الإنفاق العام، وعلى مدار العام لم يكن يَصْدُر عن الجهات الحكومية ما يَشِي بتعديلات في أرقام الموازنة وإنْ كان قد حدث فإنَّه لابد وأنه تمَّ بدون الإعلان عنه، خاصة مع تنفيذ البند الثالث الوارد في المرسوم السامي رقم 2/2016 بإصدار موازنة 2016، والذي نصَّ على أنه "على مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة مراجعة وتقييم الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2016م في منتصف السنة، والعمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحفاظ على الوضع المالي للدولة".

وبالعودة للمشكلة الأساسية في ضعف الإيرادات مقابل تزايد الإنفاق -وهي التي تسبِّب ما يُعرف بعجز الموازنة- فإنَّ الحكومة صرَّحت من خلال بيان وزارة المالية بأنَّ قوة الوضع المالي للسلطنة حتى مع ارتفاع الدين العام ستسهِّل لها النفاذ إلى أسواق الدين العالمية، حيث ستلجأ إلى اقتراض 2.5 مليار ريال من الخارج والداخل، إلا أنَّها استدركت بأن تراكم العجز للسنة الثالثة على التوالي يعطي الأولوية لهدف تخفيض العجز خلال العام الجاري، خاصة عبر ترشيد الاستهلاك مع رفع الإيرادات، ولكن الحكومة ليست سوى يد واحدة لا تصفق دون أن تتفاعل مع اليد الأخرى التي يمثلها المواطنون.

تعليق عبر الفيس بوك