مدرين المكتومية
التخطيط هو الخطوة الأولى في حياتنا نحو التغيير وتطويع الواقع حتى تصبح الأحلام التي تراودنا حقيقة ملموسة. التخطيط هو أن يكون بين النهاية والبداية سلم طويل نصعده خطوة خطوة حتى نصل.
الحياة تحتاج لفكر يخطط وآخر ينفذ؛ ومن يخطط ليس بالضرورة أن يكون قادرا على التنفيذ كما هو الحال مع المعد والمذيع؛ فليس بالضرورة أن يصلح كل معد لأن يكون مذيعا؛ والعكس كذلك، وهكذا هو الحال مع التخطيط؛ فنحن نسعى ونتحدى ونحارب ونقاتل لأجل الحلم الذي لا ندفع ضريبته، ولأجل أن يكون جزءا من واقعنا الذي لا نعرف له طريقا، ولا ندري نجمته في أي سماء تكون، ومع ذلك نعيش بأمل التحقق.. التخطيط في مفهومنا كجيل هو الطريق الوحيد للنجاح، والنجاح هو الطريق الوعر الذي نجبر أقدامنا على السير فيه، فـ "النجاح ليس ملكا لأحد.. النجاح لمن يدفع الثمن" وحين نعلق حياتنا وآمالنا وطموحاتنا على نجاح لا نحمل له ضمانات حينها؛ وربما إن خسرناها سيدب اليأس في دواخلنا وربما ننزوي في غرفة مظلمة نبكي قليلا ونتحدث ونهمس مع أنفسنا كذلك، وقد نتمنى أن نكون أطفالا لم نكبر ولم تكبر معنا خياراتنا، فكما تعلمون بحجم الخيارات والتطلعات يكون حجم الحزن بدواخلنا. عندما نخطئ في التخطيط أو حين يباغتنا القدر بقسوته يتحوّل النجاح لفشل غير متوقع، ولأننا نعيش لحياة ممتدة لا نعلم امتدادها علينا أن نعوّد أنفسنا على عدم الشعور بالإحباط أو التعاسة إن لم نحصل على ما خططنا له فطالما أننا نمتلك طاقة في دواخلنا تحوّل أعماقنا من التصحر والجفاف إلى غابات غنّاء ببذور وزهور الأمل فإننا سنظل نحلم، ولا ندري ربما في لحظات اليأس وفقدان الحيلة ربما نتعثر بالقدر الذي نسعى إليه لنجده أمامنا كسعينا لوظيفة قد تقودنا لوظيفة أخرى لم نكن نخطط لها، أو كتخطيطي المتواصل لاستكمال دراستي وتقف أمامي مجموعة من التحديات أهمها الرسوم الدراسية وكرغبتي الشديدة في امتلاك أشياء جديدة كالسيارة والمنزل وغيرها ولم تحصل ولكنها ضمن ما أسعى إليه، فالأولويّات في هذه المرحلة هي شغلي الشاغل قبل كل ما أرغب به والتي أطلق عليها "خططا مؤجلة لأجل غير مُسمى" . ولا يعني التأجيل أنّها ستظل حبيسة الأدراج المغلقة بل سأسعى لها بكل ما استطعت ووجدت الفرصة لأحققها في النهاية. ولأننا نعيش في أزمنة معينة وأعمارنا تمر بمراحل مختلفة ونصادف محطات كثيرة علينا أن نجعل لكل محطة هدفا معينا؛ لأنّ هناك أشياء لا تصلح للتأجيل وأخرى قد يفسدها الوقت؛ خاصة إن كانت تحمل تواريخ انتهاء لا يمكن المكوث عليها لفترة طويلة. ففي قرارة نفسي أؤمن أنّ كل ما نريده من الحياة سنجده إن سعينا له وإن خططنا له بالشكل الصحيح والبعض الآخر قد يكون ملكا للقدر ولا يمكن تغييره. وما بين التخطيط والقدر هناك فاصل زمني نقف نحن فيه لنرى خلفنا ما تحقق وفي انتظار ما لم يتحقق، وفي النهاية سنظل بطبيعتنا البشريّة نخطط ونخطط لآخر يوم من أعمارنا على الرغم من أنّ أغلب ما نخطط له هو ما يسكن أحلامنا، ولكن لربما تتحقق بعض الأشياء التي كنا نعتقد أنّها غير ممكنة، وأخرى سيبعدها القدر عنا لحكمة لا نعلمها.. وما بين الماضي والحاضر هناك ننسج لحياتنا خططا وطموحات نرغب بها، وأخرى تأتينا على شكل هِبات إلهية.