ثقافة السائح الأجنبي

 

 

حمود الطوقي

 

 

انتشرت مؤخراً في وسائط التواصل الاجتماعي حكاية السائح الأجنبي الذي أتى إلى عمان ولم ندرِ كيف أتى وكيف دخل، ولكن شهدناه - كما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي - يعزف ويغني على مدخل سوق مطرح، مفترشاً طاقيته لمن أراد أن يُحسن إليه، من دون أن يلح في طلب ذلك، بل ترك للمارة والمتسوقين والزائرين تقديرهم لحجم المبالغ التي يستحقها نظير غنائه وعزفه، ليستمتع المتسوقون وزائرو السوق بما يقدمه؛ لا شك أنّ هذه الثقافة، والتي قد ندرجها ضمن أساليب التسول، جديدة على مجتمعنا، ولكنّها ثقافة متجذرة على مستوى البلدان الأوروبيّة وحتى الآسيوية.

أردت أن أدخل في مقالي هذا من خلال هذه الديباجة، وأتساءل عن حجم إنفاق السواح الذين يأتوننا كأفواج وجماعات من الدول الأوروبية، والذين نراهم ينتشرون في الأسواق التقليدية، ويتجولون في الحافلات الفارهة، ونشاهدهم أيضا يلتقطون الصور الفوتوغرافية التذكارية، ليسجلوا بعدساتهم ذكريات وأماكن لا يمكن نسيانها.

حقيقة الأمر أنّ السائح الأجنبي - خاصة القادم من الدول الأوروبية ويقوم بزيارة عُمان، بالتنسيق مع مكاتب السفر والسياحة، لا يقوم بصرف الأموال على أي شيء في هذا البلد، فكل زياراته وتنقلاته وإقامته مدفوعة مسبقاً، حتى أثناء رحلاته الداخلية تتولى الشركة المنظمة توفير وجبات غذائية ومشروبات لهم، مثل العصائر، وذلك أثناء تنقلاتهم في الحافلة، فلا نجدهم يقصدون المطاعم والمرافق السياحية التي تقدم خدماتها للسواح، كما هي العادة الدارجة.

هذا النوع من السواح، الذين نطلق عليهم السواح النخبة أو الصفوة المنتقاة، لا يساهمون في تنشيط الحركة السياحية المحليّة، فالمعروف هو أنّ السائح عندما يزور أي بلد تكون لديه خطة تسوّق واكتشاف، فضلا عن اقتنائه المشتروات التي تكون على هيئة هدايا، ويخصص جزءاً من مصروفاته - بطريقة غير مباشرة - لتنشيط المطاعم السياحية المنتشرة في ربوع البلد.

أمّا السائح الذي يأتينا ولا يدفع من جيبه منذ حلوله على أرض السلطنة ريالا واحدا، مع حظوته بترحيب وضيافة كريمين، فهذا النوع من السيّاح لا يشكل لنا قيمة مضافة تعود بالنفع على المورد السياحي.

سألت أحد الأصدقاء في سوق نزوى عن الحركة السياحية من قبل الوفود التي تأتي من الخارج، فقال: صحيح أن هناك حركة لا بأس بها من السواح، ولكن - للأسف - فإن القيمة الشرائية لهؤلاء السواح، بصفتها إقبالا على منتجاتنا، هي ضئيلة جدا، بل إن هؤلاء السواح يبحثون عمّا هو زهيد الثمن لشرائه، خلافاً للسائح الخليجي، وحتى العماني الذي نراه، فالصنفان الأخيران أكثر سخاء من السائح الأوروبي.

من خلال هذه الملاحظة، نود أن نطرح فكرة للقائمين على السياحة، بأن يتم التعاقد مع المطاعم السياحية التي تدار من قبل الشباب العماني، وتقدم مأكولات عمانية وشعبية، بحيث تكون هذه المطاعم والمرافق إحدى المحطات للتوقف عندها، وتناول المأكولات منها أثناء زيارتهم السلطنة؛ كما نؤكد على أهمية تشجيع الشباب العماني وتمكينهم من إقامة شركات تعمل على إنتاج وصناعة الهدايا السياحية التي ينشدها السائح، وتكون هذه الشركات أو المحلات منتشرة في المواقع السياحية التي يتجول فيها السواح أثناء زيارتهم السلطنة.

 

إنّ السائح الأجنبي وبخاصة الأوروبي، معروف عنه ميله إلى الاعتدال في الصرف وعدم البذخ لهذا يجب أن نوجهه إلى أن يساهم - بطريقة غير مباشرة - في تنمية الحركة السياحية، من خلال تحديد جزء من مصروفاته في السوق المحلية، حتى نحقق مقولة "السياحة تثري" لذا يجب علينا العمل على توفير الخدمات الأساسية التي تجعل منا دولة سياحية يشار إليها بالبنان.