العلوم بين الرغبة والعزوف.. إستراتيجيات حديثة لتدريس العلوم

 

 

 

في ظل عالم يمور بالمتغيرات والتطورات في مجال التكنولوجيا والتقنية كان لزامًا علينا مواكبة التطور من جهة وتربية جيل واع حول كيفية التعامل معه من جهة أخرى، ومن هنا ينبثق دور آخر للمعلم عمومًا ولمعلمي العلوم خصوصًا، والذين يقع عليهم مسؤولية كبيرة تتمثل في ترغيب الطلاب لتعلم العلوم، وتوضيح أهمية العلوم في الحياة لاسيما بعد ملاحظتنا عزوف الطلاب عن اختيار مادة العلوم في الآونة الأخيرة خوفاً من صعوبتها كمادة؛ رغم رغبتهم بالعمل بالوظائف المُتعلقة بها.

وقد يتساءل البعض ما علاقة العلوم بالتطور التكنولوجي والتقني؟ الإجابة تتمثل في أنَّ تعليم العلوم ليس مجرد عرض حقائق ومفاهيم يتضمنها المحتوى وإنما تعني العلوم بصقل الجانب المعرفي وإكساب المهارات التقنية والفنية والهندسية والاجتماعية بالإضافة لمهارات التواصل مع الآخرين ومهارة حل المشكلات، أضف لذلك صقل الجانب الوجداني وتنمية القدرة على الإبداع والابتكار.

وسنعرض على عجالة بعض إستراتيجيات التدريس المتنوعة التي تُساهم في زيادة دافعية الطلاب للعلوم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم المختلفة:

1.معايير الجيل القادم لتدريس العلوم ((NGSS: ويتم خلال هذه الإستراتيجية مراعاة تكامل المواضيع والمفاهيم المختلفة بشكل متدرج حيث يبدأ المفهوم بسيطا في بداية تعلمه ثم يبدأ بالتعمق شيئًا فشيئًا خلال المراحل الدراسية المتتالية، كما إنَّ هذه الإستراتيجية تقوم على ثلاثة مرتكزات رئيسية:1

.الممارسات العلمية والهندسية

 2.الأفكار الرئيسية المتخصصة

 3.المفاهيم الشاملة.

 وتتضمن الممارسات العلمية والهندسية جانبين الأول يوضح الممارسات التي يستخدمها العلماء في بناء النماذج أو التحقق من النظريات (الجانب العلمي)، والجانب الآخر يوضح الممارسات التي يستخدمها المهندسون في بناء وتصميم الأنظمة والنماذج (الجانب الهندسي).

وتساعد هذه الإستراتيجية على فهم كيفية تطور المعرفة العلمية،أما الممارسات الهندسية تمكن الطلاب من فهم عمل المهندسين. ويتضمن هذا المرتكز(الممارسات العلمية والهندسية) ثمانية ممارسات أساسية ينبغي على معلم العلوم مراعاتها أثناء عرض الدرس وهي: طرح الأسئلة وتحديد المشكلة، التطوير واستخدام النماذج، التخطيط وإجراء التحقيقات، التحليل وتفسير البيانات، استخدام الرياضيات والتفكير الحسابي، بناء تفسيرات وتصميم الحلول، الانخراط في الحجج من الأدلة والحصول على تقييم ونقل المعلومات. أما المفاهيم الشاملة تتضمن مفاهيم أساسية: استخدام الأنماط، السبب والنتيجة، الحجم والنسبة والكمية، أنظمة ونماذج النظام، الطاقة والمادة، الهيكلة ووظائفها، الاستقرار والتغيير.أما الأفكار الرئيسية تتضمن:علوم الحياة والفيزياء وعلوم الأرض والفضاء والهندسة والتكنولوجيا. (A framework for K-12 science education; practices, crosscutting concepts, and core ideas, 2012) . ومن خلال لقائنا مع الأستاذة شيخة العبدلي والتي قامت بدراسة حول مدى تضمن مناهج العلوم للصفوف من6-8 على معايير الجيل القادم لتدريس العلوم( (NGSSوجدنا أن الدراسة أثبتت أن مناهج العلوم تتضمن نسبة 63% من هذه المعايير وهي نسبة جيدة نوعاً ما بالنظر للمعايير الأخرى التي تراعيها مناهج العلوم في السلطنة.

2.إستراتيجية الجدل العلمي: وتستخدم لتعليم الطلاب بناء التفسيرات العلمية وإسنادها لمجموعة من الحجج والأدلة لتبريرها وهذه الإستراتيجية مفيدة جداً ولها أكثر من بُعد فهي تنمي لدى الطالب القدرة على الحوار والجدل العلمي وتبرير وجهات النظر وإثباتها بالحجج والأدلة المنطقية الواضحة، كما تعود الطلاب على احترام وجهات نظر الطرف الآخر، كما أنها ترسخ المعلومة لدى الطالب بشكل أكبر.ونجد أن المعلم أحياناً كثيرة يعمد لخلق قضية جدلية ليختبر قدرة طلابه على التبرير وإدلاء الحجج وبالتالي يتوصل لمدى استيعابهم للمفاهيم العلمية. واستخدام هذه الإستراتيجية أيضا يمكن الطلاب من كشف المعلومات التي تتعارض مع بعضها وكشف الغموض حول بعض المفاهيم وبالتالي تمكن المعلم من الكشف عن التصورات البديلة لدى طلابه ومعالجتها بالطريقة المناسبة. وهناك عدة أطر للجدل العلمي لعل أشهرها إطار(ماك نيل) والذي يتضمن 3 عناصر رئيسية: الادعاء ويقصد به الاقتراح الذي يصفه المتعلم، والدليل ويقصد به البيانات التي تدعم الادعاء، والاستدلال ويقصد به استخدام الدليل لدعم الادعاء. وهناك إطار آخر هو إطار ساندوفيل والذي يتضمن عنصرين: الصياغات: ويقصد به كتابة عبارات وفقاً للعناصر، والعنصر الثاني المبررات ويقصد به سبب كتابة العبارات (Kat Cooper, 2016) ومن واقع خبرتي التدريسية فقد لاحظت أن طرح موضوع جدلي يثير دافعية الطلاب للحوار ويتيح لهم المجال للتعبير عن آرائهم وقد طرحت في أحد الأيام قضية أطفال الأنابيب واتخذت أنا موقف الحياد تجاه الموضوع وقسمت الصف لفريقين الفريق المؤيد والفريق المعارض وطلبت من كل مجموعة أن تدلي بأسباب التأييد أو المعارضة وتحاول دحض الرأي الآخر وقد لاحظت تجاوبًا كبيرًا خلال الحصة الدراسية.

 

تعليق عبر الفيس بوك