تجليات انتخابات المجالس البلدية 2016

 

 

علي كفيتان

في الخامس والعشرين من ديسمبر المنصرم نفذت السلطنة استحقاقا وطنيا هاما؛ وهو انتخابات المجالس البلدية في دورته الثانية، وهنا جدير بنا أن نرفع القبعة لوزارة الداخلية والجهات المتعاونة معها لإنجاح هذه الانتخابات بشكل لافت مع إدخال تقنيات جديدة ساهمت في إرساء مبدأ الشفافية والحيادية وسرعة الإنجاز معا، فالصندوق عمل كآلة فرز مباشرة، وبذلك قلل الكثير من الجهد وحتى من التشكيك في آلية الفرز. كما أصبحت النتائج متاحة على الهواتف الذكية وفي وقت قياسي.

لفتت انتباهي نسبة المشاركة التي لم تصل إلى 40% من عدد الذين يحق لهم التصويت؛ والتساؤل هنا لماذا لم يحضر الـ 60% من الناخبين لصناديق الاقتراع؟ ولماذا لم نحقق على أقل تقدير 50% هذا الأمر يعطينا مؤشرات جديرة بالدراسة من الجهات المعنية وفي هذا السياق قد يتبادر إلى الذهن بأنّ المجتمع لم يعِ بعد أهميّة المجالس البلدية ويعتبرها رديفا شكليا لمجلس الشورى، كما يتجلى لنا الدور الخجول لنتائج المجالس البلدية في دورتها الأولى، فالمواطن لم يشعر بالفرق لكي يهرع لصناديق الاقتراع، ويرى كثيرون أنّ المجلس بات رهين تسمية الشوارع والحارات والسكك وملاحقة المتسوّلين ولم يقدم ما هو مأمول منه؛ في ظل شكوى من وصاية الجانب الرسمي الذي لا زال يمثل نصف أعضاء المجالس البلدية في المحافظات تقريباً.

كما أنّ الإفرازات التي انتجها المجتمع لهذا المجلس في نسخته الأولى كانت ضعيفة بحيث تفتقد لمن يستطيع الوعي باختصاصات المجلس وعندما يحدثك أحدهم يتفاخر بعدد الاجتماعات التي يعقدونها ولمّا تسأله عن النتيجة يصمت لأنّه لا يملك جوابا؛ إذا فهي جلسات شاي وحوار خالي من المضمون الحقيقي للهدف في ظل الاكتفاء بأخذ المخصص الشهري للعضو في مقابل حرصه على حضور الجلسات مستمعًا وربما مستفيدًا من لقائه بمعظم أصحاب الحل والعقد في محافظته. حسب ما ذكره لنا عدد من أعضاء المجلس المنصرم بأنّهم قدموا مقترحات كثيرة تهم المجتمع ولكنّها عندما ترفع للاعتماد تكون على شاكلة (خرج ولم يعد) أو تحال للجان البلدية التي تنام عليها أو تقلمها حتى تخرج من مضمونها الحقيقي، في ظل سيادة مبدأ التوافق على حساب مبدأ التصويت في معظم الجلسات وهذا خروج على قانون المجالس البلدية ولائحته التنفيذية التي تحتم التصويت على المقترحات والمشاريع المقدمة من الأعضاء أو اللجان التابعة له في كل محافظة.

في انتخابات الدورة الثانية للمجلس صوتت ولاية صلالة بثلثي أصواتها المقررة وهذه نسبة طيبة وتعتبر من أكثر الولايات التي ذهب ناخبوها لصناديق الاقتراع كما حصد مرشحوها العدد الأوفر من الأصوات على مستوى الوطن وهذا كذلك مؤشر إيجابي لكن ما هو الدافع الرئيسي لهذا التنافس اللافت؟ إنّ المخرجات كانت طيّبة وهناك شخصيّات مهنية تمّ الدفع بها للمجلس وهذه بادرة حسن نية من هذه التجمعات الانتخابية التي باتت أكثر تنظيما حيث استطاعت إيصال آلاف الأصوات للصناديق وما نرجوه أن يكون المردود بقدر الكم الهائل من الثقة التي حصل عليها هؤلاء المرشحين وألا يفتخروا كثيرا بالكم فما ننتظره نحن الكيف وليس الكم.

تمنيت أن يكون هناك مقعد للمرأة في ولاية صلالة، ولكنّ الظروف لم تكن مواتية فالمجتمع الذكوري لدينا لا زال مسيطرا حتى في التجمعات الانتخابية التي تنشد الكفاءة فهي لم تنقب عن سيدة تستطيع أن تثري المجلس بآرائها وأفكارها وتخلق نوعا من النقلة النوعية في المجلس البلدي بصلالة الممثل بـ 6 أعضاء منتخبين و 2 من المعينين ولا شك أن معالي السيد المحافظ الموقر جانبه الصواب في اختيار العضوين المعينين لولاية صلالة مع عدم الانتقاص من الآخرين فوجود شخصية مهنية مشهود لها وأخرى اجتماعيّة لها قيمتها المعروفة جعل المجلس أكثر توازنا رغم توقعي بأن يتم تعيين سيدة لكن عسى أن يكون ذلك في المجالس القادمة.

استودعتكم الله موعدنا يتجدد معكم بإذن الله.

حفظ الله عمان وحفظ جلالة السلطان.

 

alikafetan@gmail.com