بغداد – الوكالات
كشفت إحصائيات أممية أنَّ أكثر من 12 ألف عراقي قتلوا، كما أصيب نحو 14 ألفاً بجروح مختلفة، في أعمال عنف وتفجيرات ومعارك متواصلة شهدتها غالبية مُحافظات العراق عام 2016. وفي تقرير صادر عنها، قالت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) إن التفجيرات وأعمال العنف هذه وقعت بالعاصمة بغداد والمحافظات الشمالية والغربية، وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عن تنفيذ قسم كبير منها.
ووفق التقرير، بلغ عدد القتلى من المدنيين ستة آلاف و492 شخصاً في حين بلغ عدد القتلى من العسكريين خمسة آلاف و546. وأظهر التقرير تصاعد أعمال العنف بالعراق الأشهر الأخيرة من 2016. ويرجع ذلك إلى المعارك التي تخوضها القوات العراقية لاستعادة مدينة الموصل (شمال) من قبضة مُسلحي تنظيم الدولة والتي انطلقت يوم 17 أكتوبر الماضي بدعم من التَّحالف الدولي.
وبالمقارنة مع أعداد الضحايا عام 2015، فإنَّ العام الجاري شهد زيادة بنسبة نحو 9% للقتلى، حيث قتل العام الماضي 11 ألفاً و118 عراقياً غالبيتهم من المدنيين، وأصيب 18 ألفاً و419 بجروح مختلفة -بينهم عسكريون- بأعمال عنف وتفجيرات ومعارك.
وقد مرَّ عام 2016 ليطوي صفحة جديدة في سيناريو الإخفاق المزمن في المشهد السياسي العراقي، الذي حفل بمؤشرات سيادة منهج الإقصاء وعدم التوافق بين القوى السياسية المتحكمة بالسلطة منذ 2003 مع مُستقبل مجهول مفتوح على كل الاحتمالات التي أغلبها لا تبعث على التفاؤل.
وكان أبرز مؤشرات الواقع العراقي للعام الماضي الإحباط الكبير الذي عاشه العراقيون وهم يشاهدون تلاشي حلم تغيير أوضاع بلدهم وإصلاحها لإيقاف انحداره في جميع مناحي الحياة، حيث أثبتت حيتان الفساد ومافياته أنّ جذورهم أصبحت راسخة في تربة العراق، وأنّ قدرتهم مرتفعة في إجهاض أي تحرك جدي نحو التغيير والإصلاح في مهده. وأثبت الفساد أنه السبب الأول للانهيار الشامل للأوضاع في العراق.
فبعد أن عمَّت التظاهرات المليونية المطالبة بالإصلاحات، كل مدن العراق وتصاعدت إلى حد إعلان الاعتصامات واختراق المتظاهرين للمنطقة الخضراء واحتلال مجلس النواب ورئاسة الوزراء في أبريل الماضي، فوجئ الجميع بتوقف كل النشاطات الاحتجاجية، لتبدأ بعدها حيتان الفساد ورموزه في الهجوم المضاد من خلال تحريك أعوانهم لإفشال كل القرارات الإصلاحية، رغم محدوديتها، تلك التي أصدرها رئيس الحكومة حيدر العبادي.
وضمن الهجوم المعاكس والصراع على السلطة، تمكنت قوى سياسية معروفة من تحريك نواب موالين في البرلمان لتشكيل لوبي ضغط تحت يافطة الإصلاح، وتمكنت من إقالة وزراء أساسيين في حكومة العبادي منهم وزيرا الدفاع (السني) خالد العبيدي ووزير المالية المخضرم هوشيار زيباري (كردي)، وكانت هناك أسماء أخرى من الوزراء على قائمة الاستجواب والإقالة في البرلمان بينهم رئيس الحكومة العبادي نفسه، تمهيدًا لإسقاط الحكومة وتشكيل جديدة استعدت لها شخصيات فاسدة فاشلة معروفة ذات طموح للعودة إلى المنصب رغم النتائج الكارثية التي أوصلوا العراق إليها.
وقد فتحت معركة تحرير الموصل، بابا للمزيد من المشاكل والأزمات التي تتعلق بمأساة ملايين النازحين في مخيمات ينقصها الكثير من الاحتياجات الإنسانية الضرورية. إضافة إلى تدمير المدن المحررة نتيجة المعارك والقصف، في وقت تشكو فيه الحكومة من ضائقة مالية حقيقية. كما كشفت معركة الموصل جوانب من صراع محلي وإقليمي ودولي على النفوذ والسيطرة على المنطقة وخاصة في مدينتي تلعفر وسنجار، التي أصبحت ساحة صراع للمصالح المحلية والدولية.
وفي مجال العلاقات الخارجية للعراق، فقد أصبح واضحًا خلال عام 2016 أن مخاوف الدول العربية بانخراط حكومة بغداد في الحلف الثلاثي إلى جانب إيران وسوريا، لها ما يبررها، حيث تقاربت المواقف العراقية مع توجهات السياسة الإيرانية في المنطقة العربية ومنها المواقف تجاه الحرب في سوريا واليمن، والمشاكل الداخلية تجاه الطائفة الشيعية في البحرين والسعودية وطرد أول سفير سعودي في بغداد.