من قلب الحدث.. انتخابات المجالس البلدية

 

 

د.سليمان المحذوري

 

أُسدِل الستار على انتخابات المجالس البلدية للفترة الثانية، وتمّ اعتماد أسماء الفائزين الذين سيحظون بشرف ومسؤولية تمثيل ولاياتهم خلال المرحلة المقبلة. وكما يُقال فإنَّ من شاهد ليس كمن سمع؛ حيث تشرّفت  بالمشاركة في الأعمال التنظيمية للانتخابات للمرحلة الأولى بتاريخ 18 ديسمبر، والمرحلة الثانية بتاريخ 25 من ذات الشهر. وبالتالي تمكّنت من الاطلاع عن كثب على سير الأعمال التحضيرية والإشرافية لهذه الانتخابات، والتي اتّضح لي مدى حجم الأعمال المصاحبة، إلى جانب المهنية في التعاطي مع هكذا مناسبات، وهي بلا شك كانت نتيجة لخبرة تراكمية اكتسبها القائمون على المناسبات الانتخابية في الدورة الأولى من المجالس البلدية، إلى جانب الدورات السابقة لانتخابات مجلس الشورى، وهذا في حد ذاته خبرة تُضاف للسلطنة في مجال الانتخابات سواء التنظيم أو حتى تطور الوعي المجتمعي بمسائل الديمقراطية وانتخاب من يمثلهم.

وفي تقديري أنَّه يُمكن للسلطنة بمرور الوقت أن تصبح بيت خبرة في هذا الجانب. كما تبيَّن لي التطور الملموس في سير الانتخابات من دورة إلى أخرى؛ وذلك من خلال إدخال التكنولوجيا في عملية الانتخابات؛ الأمر الذي كان له صدى إيجابي لدى الناخب والمترشّح في آن واحد بتسهيل وانسيابية الحركة الانتخابية، إضافة إلى ضمان الشفافية والمصداقية بشكل لا يقبل الشك.

ومن خلال تجربتي التي أشرت إليها في مقدمة المقال، رصدت عدة ممارسات من الناخبين، والتي بلا شك أننا جميعاً نتمنى أن تختفي خلال الدورات القادمة لنحظى بتجربة برلمانية حقيقية تساعد في دفع عجلة التنمية في السلطنة، وتصحيح المسارات من خلال وجود أعضاء ذوي كفاءة عالية مع منحهم صلاحيات واسعة تليق بهكذا تجارب شوروية. ومن هذه الممارسات مثلاً يأتي الناخب وهو لا يعرف اسم مرشحه، وآخر يقول لك أني ارشح رقم (6)، وثالث يحاول أن يلتقط صورة للاستمارة ليثبت للمرشح أنَّه انتخبه، ورابع يقول إننا اتفقنا على ترشيح من قبيلتنا ،وخامس يقول ألا توجد سيرة ذاتية للمترشحين...وغيرها من الممارسات التي لها دلالاتها الضمنية ولا مجال للاستطراد فيها. وفي المقابل، لفت انتباهي ممارسات إيجابية من ناخبين آخرين لا ريب أيضاً أننا نتمنى ترسيخها أكثر وأكثر. ومن ذلك على سبيل المثال أن يؤكد الناخب على أنّ "صوتك أمانة ، كما أنّ مشاركة مختلف فئات المجتمع في العملية الانتخابية له دلالة واضحة على تطور الوعي في المجتمع. إلى جانب ذلك لاحظت مشاركة بعض طلاب الكليات في الأعمال التنظيمية للانتخابات، وهذا شيء محمود من وجهة نظري، أتمنى توسيع قاعدة المشاركة الطلابية لاحقاً من مختلف الجامعات والكليات في السلطنة، بل حتى فتح المجال لطلاب الدبلوم العام للاطلاع عن كثب عما يدور في أروقة الانتخابات، ومن ثم تكوين فكرة ووعي بشأن أهمية هذه الأحداث الوطنية.

ختاماً.. الكرة الآن في ملعب المُنتخَبين لإثبات جدارتهم وكفاءتهم، وبأنهم أهل لتولي هذه المسؤولية الوطنية، وفي ذات الوقت على الناخب كذلك مراقبة أداء من انتخبه حتى يتقين أنّ صوته ذهب لمن يستحقه أو خلاف ذلك، ونحن متفائلون بهذه التجارب الديمقراطية لتكوين وعي مجتمعي متنامٍ إزاءها، وكما أسلفتُ لا بد أن يصاحب هذا الوعي صلاحيات حقيقية لهذه المجالس حتى تكون شريكا حقيقيًّا في التنمية، وذراعاً لا غنى عنها للحكومة لتحقيق الأهداف المرجوة لهذا البلد وأهله.

abualazher@gmail.com