خلفان الطوقي
جهود وخدمات حكومية وحملات إعلامية كثيرة تُقدمها الحكومة لكنها غير معروفة بشكل واسع أو كافٍ لعامة النَّاس من المواطنين أو المُقيمين، ويعود ذلك إلى عدم وجود دوائر توعوية شابة وعصرية تقوم بهذا الدور، لذلك تجد تركيز الجهود يكون على تقديم الخدمة من بعض الدوائر في الوزارة، ولكن لا يُخصص جزء من هذا الجهد لترويج وتسويق الخدمة ولعمل آلية توضيحية للمراجعين في كيفية الاستفادة من هذه الخدمة والمتطلبات المطلوبة لإنجاز هذه الخدمة أو تلك.
حاولت التَّعرف على سبب قلة معرفة النّاس بالخدمات، أهو عدم اكتراث المواطنين والوافدين لهذه الخدمات، أم اتباع هذه الجهات الحكومية أساليب تقليدية كالاعتماد على الاستمارات المكتوبة أو اﻹعلان في الجرائد الرسمية أو كتابة التقارير السنوية، أم أن السبب هو قلة وجود الكادر الوظيفي المؤهل الواعي بالطرق العصرية للترويج، أو عدم إيمان المسؤول الحكومي بهذه الطرق العصرية التي سوف أعطي أمثلة لها لاحقًا في هذا المقال، أو قلة الموارد المالية، أم كل ما ذكر.
في هذه المقالة المتواضعة أحاول أن أشجع الجهات الحكومية خاصة الخدمية على وجه الخصوص على الاستفادة القصوى من وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُسمى بالإعلام البديل كمقاطع اليوتيوب أو سناب شات أو التويتر وغيرها الكثير، واعتبار هذه الأدوات واقعاً وعلينا الاستفادة منه قدر الإمكان، فلا داعي لمقاومته أو إهماله، بل علينا إيجاد الكفاءات الشابة التي يُمكنها أن تروج أو توعي بما تقوم به الجهة الحكومية المعينة وتوصيل الرسالة إلى الجمهور بأسلوب لائق ولا يتعارض مع أهداف تلك الجهة.
لا يكفي الاعتراف باﻹعلام البديل فقط، فهو واقع لا محالة، لذلك فإنَّ المهمة الصعبة الملقاة على عاتق الجهات الحكومية هو التأقلم مع هذا العالم المتغير والعمل على كيفية الاستفادة من هذه الوسائل وتوطيعها وتكثيفها لتصل للمحيط الذي يخدمه، وإن كان هناك مشكك في هذا العالم، فليسأل هذا المسؤول نفسه: لماذا في بعض الفترات يصل إلينا مقطع من دولة أخرى توعوي عن مخاطر الطرق أو مضار التدخين، وهو مقطع لفيديو لا يتعدى دقيقتين أو ثلاث دقائق، ويزيد متابعيه عن مئات الآلاف من البشر، وأحياناً يزيد عن عشرات الملايين من المشاهدين، كما حدث مع أحد المقاطع لترويج إمارة دبي، وفي بعض اﻷحيان يصل إلينا مقطع عن إحدى الخدمات التي تقدمها جهة حكومية من خارج عمان، وتجد الجميع يتداولها ويتفاعل معها بإيجابية، ويستمر في تعميمها، ويكمل حديثه وتعليقه بانتقاد ما تقوم به جهاتنا الحكومية وتذمره بسبب اﻷساليب المستخدمة لدينا.
ليس بالضرورة التعاقد مع شركات كبرى بميزانية ضخمة لإنتاج مقاطع فيديو للقيام بحملة توعوية معينة أو توصيل رسالة توضيحية لكيفية الاستفادة من خدمة جديدة أو تعين خبير ومختص للتفاعل مع تويتر أو الفيسبوك، فقد حكى لي أحد المسؤولين الحكوميين الغيورين على ميزانية جهته وشاركنا خبرته في هذا الموضوع، أنّه ذهب لدائرة العلاقات العامة والإعلام، فأخبرهمّ أنه يرغب في تطوير هذه الدائرة لجعلها مواكبة لمتطلبات العصر، فطلب من مديرها البحث عن الموهوبين في الرسم ومقاطع الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي من داخل وزارته، ففعل ووجد المُناسب منهم، وتم تدريبهم في دورات تخصصية قصيرة، ووفر لهم بعض اﻷجهزة التي لا تكلف مبلغاً كبيرًا، وقاموا بأعمال إبداعية وفرت الكثير من ميزانية الجهة التي يعمل فيها، وبذلك وفروا المال واستفادوا من قدرات الشباب التي كانت غير مستغلة بالشكل الصحيح، ووصلوا للفئة المستهدفة بطريقة جذابة ومؤثرة.
الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة ليست ترفاً كما يعتقد البعض، بل أصبحت مطلباً ملحاً لأنها تضيق الفجوة بين الجهات الحكومية والمراجعين، وأصبحت غير مكلفة وصديقة للبيئة لأنها تغني عن الأوراق، وواسعة الانتشار في وقت قياسي في بقعة مترامية الأطراف كبلدنا الحبيب، وجذابة وتأثيرها كبير ويتناسب مع مُجتمع شاب يتقن لغة التكنولوجيا حيث الفئة الشابة تشكل ما يزيد عن 65% من تعداد سكانه، وتقلل من المغالطات المقصودة أو الناتجة عن جهل، فهل حان الوقت لجهاتنا الحكومية للانتقال ومواكبة العصر ومتغيراته المتسارعة؟، أترك الجواب لمن بيده القلم.